كشفت وثائق إدارية حصلت «المساء» على نسخ منها عن «نهب» تتعرض له مساحات شاسعة من أراضي الأحباس بأحد الأحياء الشعبية بمدينة فاس، من قبل أناس أتهموا بالسطو عليها باستغلال عقود وشهادات مشكوك في صحتها. وتحدثت المصادر عن وجود تواطؤات غريبة بين عدد من المسؤولين والمنتخبين في السطو على هذه الأراضي عن طريق عدم تسجيل تعرضات ترمي إلى إيقاف نزيف نهب أراضي الأحباس بحي سهب الورد التابع لمقاطعة جنان الورد بالعاصمة العلمية. وطالب النائب الثاني لرئيس المقاطعة، عبد الواحد العواجي، في تصريحات ل«المساء»، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتدخل شخصيا للإشراف على فتح تحقيق لمعرفة الجهات المتورطة في السيطرة على هذه الأراضي وتحويلها إلى تجزئات سكنية عشوائية، عادة ما تصبح عالة على إمكانيات الدولة وميزانيتها، كما هو حاصل حاليا في عدد من الأحياء الشعبية التي تضطر فيها السلطات إلى إعلان حالة استنفار لترحيل بعض قاطني المنازل المهددة، وتعويضهم من موارد الدولة، ومن الأغلفة المرصودة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وأشار العواجي إلى أن التحقيق حول أراضي محبسة تعرف محليا بأرض «أولاد بنجلون»، يجب أن ينصب حول «سندات مدلى بها لدى مصالح المحافظة العقارية وشفافية المسطرة المتبعة في هذا الشأن، خاصة أن الأمر يتعلق بعقار تم تقسيمه إلى مجموعة عشوائية وفي ملك حبسي وغير متوفرة فيه التجهيزات الأساسية والقانونية»، يضيف المستشار ذاته. وأقرت رسالة وجهها ناظر الأوقاف بفاس إلى رجل سلطة بوجود بيوعات في أراض محبسة بمنطقة سهب الورد، وطالبت هذه الرسالة رجل السلطة المؤازرة بعدم الترخيص ببناء أو استغلال أي جزء من القطع الأرضية المعنية إلا بموافقة إدارة الأوقاف كتابيا. وينص القانون على أن الأحباس العامة والخاصة لا تباع ولا تورث ولا توهب، وكل ما يمكن أن تخضع له من معاوضات أو مناقلات لا يتم إلا وفق الضوابط الحبسية المنصوص عليها في الظهائر الشريفة والقرارات والمراجع المنظمة للحقل الوقفي. وكشف النائب الثاني لرئيس مقاطعة جنان الورد، في رسالة غاضبة وجهها إلى والي الجهة الجديد، محمد الدردوري، عن أسماء متهمين بالتورط في عمليات الإستيلاء على هذه الأراضي عن طريق التحايل وتزوير عقار تحت اسم مجهول ليس هو الاسم الحقيقي المتعارف عليه. وقدم مسؤولون ومنتخبون وإداريون تسهيلات لهذه الأطراف من أجل إثبات الملكية، وتحفيظ العقار، في غياب أي موافقة لنظارة الأحباس. والغريب في هذه القضية هو أن الأطراف المتهمة بنهب هذه الأراضي سبق لها أن تقدمت بطلب رخصة البناء لمصالح مقاطعة جنان الورد، لكنه تم رفض الطلب، بمبرر تضمنه لعدة تعرضات من تعرض نظارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ونيابة وزارة التربية الوطنية والتي كانت ترغب في تخصيص العقار لبناء مدرسة «عثمان بن عفان».لكن عددا من المتتبعين، تقول الرسالة، فوجؤوا بحصول الأطراف المعنية بالعملية على رخصة البناء من مصالح الجماعة الحضرية لفاس، علما أن هذا النوع من التراخيص هي من اختصاص المقاطعة.