مع موجة البرد والصقيع التي تجتاح العاصمة الاقتصادية للمملكة هذه الأيام تزداد معاناة المشردين. وإذا كانت سلطات ولاية المدينة قد شرعت ابتداء من فاتح دجنبر الجاري في القيام بدوريات ليلية للم المشردين وإرسالهم إلى المركز الاجتماعي «تيط مليل» في إطار عملية «خريف شتاء»، فإن الكثير من المشردين يفضلون حياة الشارع الباردة على غرف مركز الإيواء في عمالة مديونة الضاحوية. اللافت أن الكثير من المشردين يتمسكون بحياة الشارع ويعتبرونه جزءا من الأرض التي تؤوي من لا مأوى لهم، ولمواجهة حياة الليل الباردة يستعين المشردون ب«فودكا» مغربية الصنع لبث الحرارة في أجسادهم المتخشبة. إنهم يشربون كحول الحريق بدرجاتها المائوية التسعين بعد مزجها بمشروب غازي، كما يعمدون إلى شم «الدوليو» ولصاق «السيلسيون» للوصول إلى مرحلة تخدير متقدمة تجعلهم لا يأبهون بحياة الشارع الهامشية. في شوارع مركز المدينة وكورنيش عين الذئاب مرورا بحي العنق، التقطت دورية المساعدة الاجتماعية، ليلة أمس، عشرة مشردين ضمنهم قاصران، وبالرغم من إخضاعهم للتفتيش اليدوي من قبل المساعدين الاجتماعيين فإن بعضهم ظل يستنشق مادة «السلسيون» اللزجة بعد أن يعمد إلى وضعها في خرقة. فمحمد، رجل في الخمسينيات من عمره، كان يتدثر داخل سيارة الدورية بغطاء ويرسل نظرات تائهة متفرسا الجالسين قربه، وقال إنه بدون أسرة ولا يملك مأوى في مدينة الدارالبيضاء، معتبرا أن الشارع هو الملاذ الوحيد الذي يملكه، مثله مثل مصطفى الذي ظل يتسول السجائر منا ويدخنها بشراهة. أنظر صفحة الروبورطاج.