سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحبابي: ابن أختي فيصل العرايشي نجا من الموت بسبب قصة حب قال إن الحسن الثاني كان يراقبهم بهليكوبتر في سجن ميسور وإنه اكتشف ميكروفونا سريا مزروعا في غرفته
حقائق تنشر لأول مرة على لسان محمد الحبابي، «الشيوعي» الذي أسس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية رفقة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد، دون أن يتخلى عن صداقته لمستشاري الحسن الثاني وجنرالاته الأقوياء. فوق كرسي اعتراف «المساء»، يتحدث أستاذ الاقتصاد عن علاقته بالجنرالين القادري والدليمي وبإدريس البصري، وكيف جمع بين علال الفاسي وعبد الرحيم بوعبيد لتأسيس الكتلة الوطنية، ثم اتصل بالقصر الملكي لتشكيل حكومة الكتلة في 1971؛ ويتطرق الحبابي إلى علاقة الاتحاديين بالانقلاب على الحسن الثاني سنة 1972. ويميط اللثام عن أسرار غير معروفة في قضية المهدي بنبركة، وكيف خطط رفقة اليازغي لاختطاف «قتلة» المهدي، وكيف سجنه الحسن الثاني رفقة بوعبيد واليازغي بعد رفضهم الاستفتاء حول الصحراء سنة 1981. - في شتنبر 1981 وبعد إصدار المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي بيانا رفض فيه قبول المغرب قرار قمة منظمة الوحدة الإفريقية بنيروبي، والقاضي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير حول الصحراء، تم اعتقال عبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي، فيما بقيت أنت مختبئا في منزل صديق لك؛ كيف سلمت نفسك؟ بعد اعتقال عبد الرحيم وبعده اليازغي وإيداعهما معقلا تابعا لمحكمة الرباط، بقيت أنا مختبئا لأيام في منزل منعزل في ملكية صديقي حسن الخطار. في هذه المدة، وبعد أن حاصر البوليس محل سكناي وطوقوه دون أن يظهر لي أثر، ذهبوا يفتشون عني في منزلي الصيفي في إفران، وفي منازل إخوتي بالدارالبيضاء، فيما كنت أنا أنتظر إشارة من عبد الرحيم بوعبيد حتى أسلم نفسي؛ وعندما بعث إلي عبد الرحيم من يخبرني بذلك، سلمت نفسي. - من كان مبعوث عبد الرحيم بوعبيد إليك في مخبئك؟ لطيفة، زوجة فتح الله ولعلو، التي حملتني على متن سيارتها ونقلتني مباشرة إلى المحكمة. وبينما أنا أهم بصعود أدراج المحكمة إذا بأفراد من البوليس يريدون الإمساك بي، ففررت منهم وركضت مسرعا نحو مكتب القاضي الذي وجدته رفقة شخص ثان، فبادرته قائلا: بلغ إلى علمي أنك تبحث عني، فأجابني: نعم أبحث عنك. حينها أمر بإيداعي معقل المحكمة حيث يوجد عبد الرحيم واليازغي. وفي الدارالبيضاء، كانت السلطات قد اعتقلت كلا من الحبيب الفرقاني ومحمد المنصور. بعدها نقلونا خمسَتنا إلى سجن ولعلو في انتظار المحاكمة. قضينا شهرا في سجن لعلو، وبعدها بدأت محاكمتنا، حيث سيصدر في حقنا أنا وعبد الرحيم بوعبيد ومحمد اليازغي حكم بسنة حبسا نافذا، فيما ارتأت المحكمة تبرئة محمد المنصور والحبيب الفرقاني بدعوى أن بلاغ رفض الاستفتاء حول الصحراء كان مكتوبا باللغة الفرنسية وأن المنصور والفرقاني لا يجيدان الفرنسية، وبالتالي فقد تم الحكم عليهما بالسجن موقوف التنفيذ؛ ولكن الحقيقة أن الحسن الثاني كان يقول إن بوعبيد واليازغي والحبابي هم الذين اتخذوا موقف رفض الاستفتاء على الصحراء، وهم حصريا الذين صاغوا البلاغ، وهذا وصلني من جهات مقربة من الحسن الثاني. - من هي هذه الجهات؟ أختي المرحومة حورية الحبابي كانت متزوجة من والد فيصل العرايشي، وأنجبت منه ثلاثة أبناء هم: فيصل وكريم وفؤاد. وقد توفيت هي وزوجها وابناها كريم وفؤاد في حادثة سير مروعة قرب سطات بينما كانوا في طريقهم إلى أكادير، إذ صدمت سيارتهم حافلة لنقل المسافرين أردتهم صرعى أربعتهم، وقد نجا فيصل من تلك الحادثة بعد أن رفض مصاحبة أفراد أسرته لأنه كان يعيش قصة حب مع إحدى بنات أحد أهم الناجين إلى جانب الحسن الثاني من محاولة الانقلاب والهجوم على الطائرة الملكية في 1972. وقد كانت أختي حورية تسكن رفقة زوجها وأبنائها في مكناس حينها، وكانت على علاقة وطيدة بالأميرة للا أمينة، عمة الحسن الثاني التي كانت متزوجة من عامل مكناس حينها، مولاي الحسن العلوي. وبما أن للا أمينة لم ترزق بأبناء، فقد ربت كريم ابن أختي كابن لها، لذلك كانت لها علاقة وطيدة بأختي حورية، وهي التي أخبرت أختي بأنها عندما التمست من الحسن الثاني أن يطلق سراحي، أجابها قائلا: الحبابي هو من كتب البلاغ الذي يرفض قراري تنظيم استفتاء في الصحراء. وللتاريخ، فإن عبد الرحيم بوعبيد هو الذي صاغ ذلك البلاغ. - في سجن لعلو، هل كنتم وسط معتقلين آخرين أم إنه تم عزلكم؟ لا ننسى أن اعتقالنا أعقب الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في يونيو 1981، لذلك فبعد اعتقالنا نظمت مظاهرات احتجاجية على ذلك، فتم اعتقال العديد من المناضلين. وهكذا تعرفت في سجن لعلو عن قرب على محمد الأشعري وعبد الهادي خيرات وآخرين. وبعد الحكم علينا تم اقتيادنا إلى فيلا بميسور. - لماذا تقرر نقلكم إلى ميسور واعتقالكم خارج مؤسسة سجنية إلى جانب السجناء كما هو معمول به؟ الحسن الثاني هو من قرر هذا (يصمت). عندما كنا في ميسور كانت تأتي من حين إلى آخر، عندما نكون في ساحة الفيلا، طائرة هليكوبتر ملكية وتشرع في التحليق فوق رؤوسنا، فكان عبد الرحيم بوعبيد يغضب كلما عادت تلك الهليكوبتر، ثم يجرنا أنا واليازعي وهو يقول بحنق: زيدو دخلو.. واش يبدا يتفرج فينا؟ - هل أخبروكم وأنتم في سجن لعلو بأنكم سوف تنقلون إلى سجن خاص بميسور؟ لا، قيدوا أيدينا دون أن يخبرونا بأية وجهة، وكانت طائرة هليكوبتر تتبعنا من فوق وسيارات تتقدمنا وأخرى خلفنا. وعندما وصلنا إلى ميسور، أدخلونا إلى فيلا بها ثلاث غرف وغرفة للأكل، فشغل كل منا غرفة. - هل كان مسموحا لكم بالتحرك بحرية داخل الفيلا؟ نعم، وكانت الحراسة مشددة في الخارج. وفي الداخل، كانت المراقبة متطورة.. أذكر أننا كنا نستعمل «الريشو» لتسخين الأكل، وفي إحدى المرات انقطع التيار الكهربائي عن المصابيح، لكن «الريشو» بقي موقدا، ففهمت أن هناك دافعتين كهربائيتين داخل الفيلا. وفي إحدى زيارات ابني سمير، المتخصص في الكهرباء، لي حكيت له الأمر فحمل لولبا وحاول البحث عن أصل المشكل؛ وعندما نبش في مكان علبة الخيوط الكهربائية وجد ميكروفونا صغيرا مزروعا بها، فعرفنا أن كل محادثاتنا كانت تنقل إلى «أصحاب الحال»، لذلك أصبحنا عندما نريد الحديث في مسائل سياسية نخرج إلى الساحة. وأذكر أن ابني سمير ترجاني أن أجلب معي الميكرو الصغير عندما يفرج عنا، لأنه -حسبه- «غير موجود في السوق»، وكنت أنوي فعل ذلك لولا أنهم داهمونا فجأة ذات صباح قائلين: «جمعوا راسكم غاديين تمشيو للرباط».