تمخض الجبل فولد فأرا؛ فبعد الانتظار الطويل والجدل الذي سبق الكشف عن لوائح المستفيدين من مقالع الرمال، تم نشر تلك اللوائح أول أمس لكي يفاجأ الجميع بأن الأمر يتعلق بمجرد أسماء لشركات أو أشخاص ذاتيين غير معروفين، ولذلك لم يكن حجم الانتظار متوازيا مع حجم ما تم الكشف عنه. مقالع الرمال والرخام كانت دائما من مفاتيح الثروة في المغرب ورمزا للحظوة والنفوذ والريع، والمستفيدون منها ينتمون إلى مختلف الدوائر النافذة في المغرب، سواء كانوا من عالم السياسة أو من عالم المال والأعمال أو من عالم الجيش والأمن والدرك والسلطة بجميع مستوياتها، لذلك بقي ذلك الموضوع سرا مكنونا لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه فضلا عن كشف النقاب عنه، مثله في ذلك مثل رخص الصيد في أعالي البحار، نظرا إلى حجم «الحيتان الكبيرة» التي تبسط يدها على هذه المنابع الهائلة لإنتاج الثروة. عندما لوحت الحكومة، منذ بداية ولايتها، بمحاربة الفساد والكشف عن لوائح المستفيدين من رخص النقل ورخص استغلال مقالع الرمال، راود الكثيرين الأمل في يكون عهد الفساد قد انتهى، وفعلا نشرت الحكومة لائحة للمستفيدين من رخص النقل تضم رياضيين وفنانين فقط، لكنها لم تجرؤ على الوصول إلى الأسماء النافذة الحقيقية، وها هي المفاجأة تتجدد مرة أخرى مع لائحة المستفيدين من رخص استغلال مقالع الرمال، لأن الرأي العام كان يتوق إلى «جرأة» سياسية من النوع الكبير الذي يتناسب مع الشعارات التي رفعتها الحكومة حول محاربة الفساد وعدم التهاون مع اقتصاد الريع...