عبد الرحيم ندير يبدو أن حبل الود بين مريم بنصالح، رئيسة الباطرونا، وحكومة بنكيران قد انقطع، فالمواجهة بين الطرفين، والتي ظهرت مؤشراتها الأولية بعد مناوشات بين مصطفى الخلفي، وزير الاتصال، وجمال بلحرش، رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، خرجت الآن إلى العلن بعدما استغلت بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، انعقاد المجلس الإداري للاتحاد، أول أمس الاثنين، من أجل توجيه انتقادات شديدة اللهجة إلى مضامين مشروع قانون مالية 2013، معلنة بذلك انتهاء «أيام المشمش» التي لم تدم طويلا بينها وبين رئيس الحكومة. وقالت رئيسة الباطرونا إن أرباب المقاولات، وفي إطار الوعي التام بمسؤولياتهم الاجتماعية والمواطنية، بذلوا جهدا كبيرا في إعداد مقترحات تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي داخل المغرب وخارجه، لكن الحكومة أبت إلا أن تقبر تلك المقترحات، وتعلن عن مجموعة من الضرائب الجديدة التي ستعرقل الإنتاج وتعوق تطور الاقتصاد الوطني. وأضافت بنصالح أنه في الوقت الذي كان فيه الاتحاد ينتظر قانونا للمالية يدعم مستويات النمو الاقتصادي في المغرب، فوجئ أرباب المقاولات باستمرار طغيان الهاجس الموازناتي على مشروع قانون المالية؛ مشيرة إلى أن العجز الذي أبانت عنه الحكومة على المستوى الاجتماعي يفرض خلق نظام تضامني حقيقي مبني على إصلاح جبائي شامل ومتكامل يضمن إعادة توزيع الثروة بشكل عادل. وعبرت بنصالح عن أسفها على عدم التزام الحكومة بإدراج مقترحات الباطرونا في مشروع قانون المالية، رغم المجهودات التي بذلها الاتحاد في هذا المجال؛ مؤكدة أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب اكتشف بعد الإعلان عن مضامين المشروع أن الأخير لم يأخذ بعين الاعتبار جولات الحوار التي جمعت بين الحكومة وأرباب المقاولات منذ الصيف الماضي. وفتح موقف الاتحاد العام لمقاولات المغرب جبهة جديدة في وجه رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خاصة أنه جاء بعد لقاءات مكثفة مع النقابات الأكثر تمثيلية، وعلى رأسها الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل، اعتبرها المراقبون تحركا استراتيجيا لتحقيق «هدنة» مع النقابات وحشد الدعم ضد حكومة بنكيران. وفي هذا الإطار، قال الخبير الاقتصادي ادريس بنعلي إن بنصالح تسعى حاليا إلى جر النقابات إلى جانب الاتحاد في معركته ضد رئيس الحكومة، معتبرا أن هذا التوجه هو غريب نوعا ما عن العلاقة بين الباطرونا والنقابات، حيث يعتبر توجها أنكلوسكسونيا محضا يختلف كثيرا عن التوجه الفرانكفوني المعمول به في المغرب، والذي يقوم أساسا على مبدأ الاصطدام والمواجهة بين النقابات والباطرونا. وأضاف بنعلي أنه كان من المفروض أن تكون لقاءات الباطرونا والنقابات ثلاثية بحضور الحكومة، غير أن ما يحدث حاليا يؤكد أن مريم بنصالح يئست من موقف الحكومة، والذي تجسد بشكل كبير في مشروع قانون المالية الذي تضمن ضرائب جديدة عوض تخفيض الضريبة على الشركات الذي كان محورا مهما في مطالب أرباب المقاولات، وبالتالي فهي تحاول حاليا إظهار قوتها لإجبار الحكومة على الاستجابة لمطالبها. وكان مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد انتقد تصريحات لجمال بلحرش حول قانون المالية اعتبر فيها أن الحكومة تعوزها الشجاعة وأن مضامين القانون قصيرة الرؤية، حيث وصف كلام رئيس لجنة الشغل والعلاقات الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب باللامسؤول، وقال إنه «تبنى خطابا تحريضيا يشوش على الثقة القائمة بين الفاعلين في التنمية الاقتصادية، وينم في بعض الحالات عن ضعف الإلمام بما جاء في مشروع قانون المالية».