شاخت جلُّ أشجار شوارع مدينة وجدة وفرغت أجوافها ومالت فروعها ولم يعدْ يشدُّ أغصانها إليها إلا قشرتها الخارجية وأصبحت تتهاوى كلمّا هبت رياح، كما وقع خلال الأسبوع الماضي بعد أن هبت عواصف رملية ورياح قوية محملة بالأتربة على مدينة وجدة. تقوم المصالح البلدية خلال هذا الشهر بتشذيب بعض الأشجار التي اختارتها دون أن تقوم بعملية «مسح» وجَرْدٍ لمئات الأشجار الشائخة المتهالكة التي تؤرخ للاستعمار، والتي أصبحت تشكل خطرا على المارة من المواطنين وسياراتهم المركونة على جانب الأرصفة، معتقدين أنها في أمن وأمان إلى أن تقع الواقعة. لقد وقع نصف جذع شجرة على الرصيف بشارع الدرفوفي بوجدة بعد أن انفصل عن نصفه الثاني في لحظة غفلة من السكان، وبنفس الشارع وقعت شجرتان على سيارتي مواطنيين، كما سبق أن هوت شجرة قبالة سينما باريس على سيارة مواطن، فيما سقطت أشجار بطريق بركان بمجرد هبوب رياح، وكان ذلك لحسن حظ المواطنين ليلا. وعرف ضريح سيدي إدريس القاضي حادثا مأساويا، حيث لقيت امرأة عجوز في ال75 من عمرها مصرعها، منذ أكثر من ثلاث سنوات، بعد أن سقطت عليها شجرة الولي الصالح «سيدي ادريس القاضي» بمدينة وجدة كانت تتظلل تحت أغصان شجرة وارفة يفوق عمرها الأربعة قرون، حيث تغطي أغصانها سماء الضريح كله. لقد قام المجلس البلدي بتفويت كراء أرصفة المدينة الألفية لوقوف السيارات، ولا أحد يعلم كم درَّتْ وتُدرّ تلك العملية من الأموال على أصحابها، في الوقت الذي لم يقم المجلس البلدي بتأمين مواقف تلك السيارات. وكلما همَّ مواطن بالانطلاق بسيارته إلاّ واعترض طريقه أحد الحراس طالبا منه مبلغ واجب وقوف السيارة، لكن لو تضررت سيارته من حادث ما كوقوع تلك الأشجار المتهالكة الفارغة من جوفها لما وجد مخاطبا لرفع شكايته. لقد بدأت أشجار المدينة تتهاوى بفعل شيخوختها، بل موت بعضها في غياب مجلس بلدي يصونها ويهتم بتشذيبها كما كانت تفعل ذلك البلديات خلال فترة الاستعمار وفي بداية الاستقلال. إن عددا من الأشجار بشوارع المدينة شاخت ولم تعد صالحة للتزيين، بل أصبحت تشكل خطرا على السكان، فقد تسقط بغتة، كما أن أغصانها تتجاوز الرصيف وتضايق المارة وتدفعهم مرغمين إلى سلوك طريق السيارات وتحجب الرؤية عن سائقي السيارات، بل منها ما تحجب إشارات وأضواء المرور عنهم، ومنها ما أصبح جوفها ملجأ للقطط والجرذان وأنواع الحشرات التي تعيش على الأزبال.