في أول خروج إعلامي له، بعد صمت دام أكثر من 16 سنة، وجه الشادلي بنجديد، الرئيس السابق للجزائر، انتقادات لاذعة إلى الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، على خلفية التعديل الدستوري الأخير الذي سمح له بالترشح لولاية ثالثة. وقال بنجديد، على هامش نشاط احتفاء بحرب التحرير الجمعة المنصرمة بمسقط رأسه بمدينة الطارف: «إن رؤساء الجزائر يؤدون اليمين، فيضعون أيديهم فوق المصحف ويقسمون بأن يحترموا الدستور، لكنهم يفعلون العكس». وفي الوقت الذي فسرت الصحافة الجزائرية هذا الخروج الإعلامي للشادلي بنجديد بأنه بمثابة اصطفاف في جبهة الرفض ضد التمديد لبوتفليقة من أجل الظفر بولاية ثالثة على رأس قصر المرادية، ذهبت يومية «ليكسبرسيون» في الجزائر إلى أبعد من ذلك، حين أكدت في مقالة لها ليوم أمس بأن الخروج الإعلامي لبنجديد هو حملة تمهيدية وتسخينات أولية لا يستبعد أن يعلن بعدها عن ترشحه لمنافسة بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما فسرت مصادر أخرى هذا الخروج الإعلامي بكون بنجديد يمهد لإصدار مذكراته قريبا والتي يتحدث فيها عن أكثر من 12 سنة قضاها في سدة الحكم. ورحب عباسي مدني، الرجل الأول في جبهة الإنقاذ الإسلامية واللاجئ في دولة قطر، بدخول بنجديد إلى حلبة المنافسة على مقعد الرئاسة في الجزائر، إذا كان هذا الخبر صحيحا، لكنه اشترط أن تكون هذه المنافسة مشروعة وشرعية وقائمة على أسس ديمقراطية، بعد أن يعطى للشعب الجزائري الحق في اختيار من يحكمه، قبل أن يستدرك قائلا: «لكن أنا لا أعلم ما إذا كان بنجديد سيترشح للرئاسة أما لا، ولم يسبق لي أن التقيت به في مناسبة من المناسبات، كما أني كنت في السجن عندما أقيل من الرئاسة سنة 1992». وقال مدني ل«المساء»: «إن المشكل في الجزائر ليس هو من يحكم في البلاد، ولكن المشكل هو الطريقة التي يصل بها الحكام إلى كرسي الحكم». وهي الطريقة التي يقول بشأنها مدني: «إنها غير ديمقراطية ولا تحترم فيها إرادة الجزائريين، خاصة إذا علمنا أن البرلمان الذي صادق على التعديل الدستوري الذي منح للرئيس ولاية ثالثة لا يتوفر على شرعية شعبية». وحول هذا التوقيت الذي خرج فيه بنجديد عن صمته لينتقد سياسة بوتفليقة في تدبير شؤون الجزائر، قال مدني إن الخروج الإعلامي لبنجديد مؤشر على أن الأمور في الجزائر لا تسير إلى الأحسن، بل تسير إلى وضع سيئ يدعو البلاد إلى الاستعانة بكل أبنائها ورجالها. ودعا مدني بنجديد إلى الخروج من وضعية السجين التي يحيط بها نفسه من أجل الدفع بعجلة الإصلاح في البلاد. إلى ذلك، قال بنجديد، في خرجته الإعلامية الأخيرة، إنه لا ينتمي إلى الرؤساء الذين يؤدون اليمين الدستورية ويعلنون عكس هذه اليمين، مذكرا في هذا السياق بالإصلاحات التي باشرها على عهد حكمه. وذكر في مقدمة هذه الإصلاحات أنه كان أول رئيس أقر التعددية الحزبية في البلاد وإنشاء صحف مستقلة عن أجهزة الدولة، وهي الإصلاحات التي اعتبرها بنجديد السبب الرئيسي في إقالته من طرف الجيش الجزائري. كما أشار بنجديد إلى أنه كان يمهد من خلال هذه الإصلاحات لإقرار نظام برلماني يحتكم إلى الشرعية الشعبية ومصالحة الجزائريين مع قيادتهم.