ذكر مصدر مقرب من حسن الخطاب، زعيم جماعة أنصار المهدي المعتقل بسجن سلا، أن لقاء مطولا جرى بين هذا الأخير وبين أشخاص من الإدارة العامة لمراقبة التراب الوطني، المخابرات المدنية (ديستي) ونائب عن الوكيل العام، خلال الأسبوع الماضي، استغرق أزيد من خمس ساعات، وتطرق لعدد من القضايا، في أفق إيجاد صيغة معينة للحوار مع معتقلي تيار السلفية الجهادية. وحسب المصدر، فقد شمل الحوار مسائل تتعلق بالموقف من الملكية ومؤسسة إمارة المؤمنين والأقليات الأخرى في المغرب، وخاصة اليهود، وآفاق عمل قيادات السلفية الجهادية في حالة مغادرة السجن وإمكانية الدخول في العمل السياسي، كما أن الحوار شكل حلقة أولى في سلسلة من الحوارات قد تحصل قريبا مع مشايخ السلفية الجهادية، وكانت الحلقة الأولى مجرد محاولة لمعرفة جملة من المواقف لدى زعيم جماعة أنصار المهدي من عدد من القضايا. وقال المصدر إن توجيه سؤال إلى الخطاب حول موقفه من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى والرابطة المحمدية للعلماء، كان الهدف منه التعرف على رأيه، ومن ورائه رأي من يسمون بالمشايخ من هذه الجهات، لإشراكهم لاحقا في الحوار، على أن يسلم الأمنيون الملف لاحقا إلى الجهات المعنية التي تمثل المشروعية الدينية للدولة. أبدى الخطاب، حسب المصدر المشار إليه، «مرونة» خلال اللقاء، لكنه طلب بالمقابل تشكيل لجنة مختلطة، تمثل فيها الأحزاب السياسية، بما فيها أحزاب اليسار، والعلماء والمجتمع المدني، تشرف على الحوار مع معتقلي السلفية الجهادية، ليكون للحوار طابع «الحوار الوطني»، مثلما حصل في المملكة العربية السعودية سابقا، وحتى يتمكن الحوار من إعطاء نتائجه المتوخاة والخروج ب«ميثاق موحد» بين الجميع. غير أن أبرز القضايا التي تم التطرق إليها أثناء الحوار واستغرق الحديث فيها أزيد من ساعة، هي مسألة الموقف من الديمقراطية، لمعرفة مدى استعداد مشايخ السلفية الجهادية للدخول في العمل السياسي في مرحلة ما بعد مغادرة السجون. وقال المصدر، بهذا الخصوص، إن مناقشة هذا الأمر كانت صعبة لأن الفكر السلفي أصلا يرتكز على رفض الديمقراطية واعتبارها «شركا»، لكن المصدر أوضح أيضا أن قضية العمل السياسي هي اليوم قيد النقاش حتى بين المشايخ أنفسهم، بعدما حصلت لديهم قناعة بأن تجربة الاعتقال وتضخم «الجسم السلفي» في المغرب لا بد من استثمارها سياسيا، وذلك كمدخل لإعادة صياغة «المشهد السلفي» ككل في المغرب. ووفق المصدر ذاته، فإن الحوار بدأ بجملة «نبدأ صفحة جديدة» قالها محاورو الخطاب، وانتهى بقول هؤلاء: «نستبشر خيرا»، ووصف تعاملهم مع الخطاب بأنه كان«طيبا». وعلمت «المساء» من مصدر مطلع أن الأمنيين الذين حاوروا محمد الفيزازي، أحد ممن يسمون بالشيوخ، الذي يقضي عقوبة بالسجن 30 عاما في سجن طنجة، أكدوا له، على ذمة المصدر، قرب حصول «مفاجأة» ما في عيد الأضحى المقبل، وربما كان ذلك يشير إلى احتمال استفادة الشيوخ الخمسة المعتقلين من عفو ملكي. وحاولت «المساء» معرفة رأي المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف، لكن تعذر ذلك رغم الاتصالات المتكررة، غير أن مصدرا من المجلس، رفض الكشف عن هويته، أكد أن هناك نقاشا انطلق في وقت سابق حول قضية الحوار مع معتقلي السلفية الجهادية، وقال في تصريح ل»المساء» إن الدولة، بعد سنوات على تفجيرات الدارالبيضاء الإرهابية، «تريد إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإصلاح ما أفسده الدهر»، وفق تعبيره، مضيفا أنه «من الأفضل أن يكون هناك حوار». وقال المصدر إن الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة هو أن يستتاب الجاني وبعد ذلك يتم تطبيق الشرع والقانون، رغم أن الأمر هنا لا يتعلق باستتابة طالما أن الأمر «ليس فيه كفر أو جحود بالملة»، وأوضح أن الدولة مهتمة بالحوار مع هؤلاء الخارجين عن الإجماع «لردهم إلى طريق الصواب وتفاديا لمزيد من الغلو والتطرف داخل السجون». وحول شروط الحوار قال: «لا بد أن يندموا على ما فات منهم ويتوبوا مما عملوا ضد المسلمين والأبرياء»، وحول احتمال أن يرفض من يسمون بالمشايخ الحوار مع العلماء، لأنهم يصفونهم بعلماء السلطان أو العلماء الرسميين، قال المصدر: «أنا ضد هذا التصنيف، بعضهم يقول بالفعل إنه أعلى من العلماء، ولكن من رفض الحوار فذلك شغله».