خيمت أجواء التوتر بين المغرب وهولندا في عدد من القضايا المرتبطة بالهجرة، على الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فيرهاخن للرباط أول أمس، وأكد المسؤول الهولندي، خلال ندوة صحافية أول أمس، أنه ناقش مع نظيره المغربي الطيب الفاسي الفهري، «جميع القضايا»، بما فيها قضية ازدواجية الجنسية بالنسبة إلى مغاربة هولندا، وموقف المغرب من اندماج المغاربة في هولندا، وما يوصف بتدخل الحكومة المغربية في شؤون الجالية. وأكد الطيب الفاسي الفهري، خلال الندوة، أن موقف المغرب واضح بخصوص المغاربة في هولندا، وقال: «نحن جميعا ملكا وحكومة وطبقة سياسية نريد الاندماج الكامل للمغاربة في هولندا»، ودعا إلى أن يستفيد هؤلاء المغاربة الذين يعتبرون مواطنين هولنديين من كافة الحقوق، وأن تقع عليهم كافة الالتزامات، وأكد الفهري أن المغرب «يمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية في هولندا»، لكن، يضيف الوزير، «المغرب يبقي الباب مفتوحا أمام مطالب الجالية المغربية، من حيث تذكيرها بأصولها وارتباطها الثقافي والديني ببلدها الأصلي»، ودعا الفاسي إلى التعاون بين الحكومتين المغربية والهولندية، لإيجاد أجوبة جماعية حول الجالية، وقال: «نحن نعمل على توفير المساعدة للمغاربة في هولندا وليس التدخل في شؤونهم»، وأضاف أن «الجالية محتاجة إلى معرفة أكثر بأصولها وجذورها وثقافتها وإسلامها الذي ينور شخصيتها». وحول مطالب الحكومة الهولندية بإسقاط الجنسية عن المغاربة الذين يحملون الجنسية الهولندية، قال الفهري: «لقد وضحت لوزير الخارجية الهولندي أن تشبث المغاربة بالجنسية المغربية «ليس مجرد عقد قانوني، بل أكثر من ذلك تعبير عن الارتباط بالحضارة والدين الإسلامي»، وقال إن «سحب الجنسية المغربية يعد إجراء استثنائيا وفرديا، يتطلب مسطرة خاصة»، مضيفا أن هذا الإجراء يظل «نادرا جدا». واعترف ماكسيم فيرهاخن، وزير الخارجية الهولندي، بأنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن ازدواجية الجنسية، لأن هناك وجهتي نظر مختلفتين، لكنه قال إنه طلب من نظيره المغربي النظر في إمكانية التجاوب مع المغاربة الذين يرغبون في التنازل عن جنسيتهم بشكل إرادي. وبخصوص المطالب الهولندية بالسماح للمغاربة الحاملين للجنسية الهولندية بنقل أموالهم من المغرب إلى هولندا، قال الفهري: «بخصوص الهولنديين من أصل مغربي الذين استثمروا في المغرب، فإنه يمكنهم نقل أموالهم الناتجة عن هذا الاستثمار إلى هولندا، أما الأموال التي نشأت أصلا في المغرب فوعد الفهري بإيجاد حل لها في القريب. ووقع المغرب وهولندا أول أمس اتفاقية تضع إطارا للتعاون الثنائي في عدد من المجالات، وقال فيرهاخن، خلال ندوة صحافية، إن الاتفاقية تهم التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة والهجرة السرية، فضلا عن التعاون في المجال الثقافي والاقتصادي. وكانت السلطات الهولندية قد اتهمت نظيرتها المغربية بالتدخل في شؤون مغاربة هولندا، وتفجرت إثر ذلك عدة قضايا مثيرة للجدل أبرزها قضية تجسس مواطن هولندي من أصل مغربي يعمل في الشرطة الهولندية، حيث اتهم بتسريب معلومات عن نشاط الشرطة في هولندا إلى المغرب، وعبر حينها وزير الخارجية الهولندي، في تصريحات صحافية، عن استيائه من محاولة السلطات المغربية التجسس على أنشطة الشرطة الهولندية. ولم تكد هذه القضية تهدأ حتى تفجرت ضجة أخرى في الأوساط السياسية والإعلامية الهولندية، تتعلق باستدعاء المغرب ل40 من أئمة المساجد من أصل مغربي في هولندا، حيث اعتبر ذلك تدخلا من السلطات المغربية في شؤون المواطنين الهولنديين من أصل مغربي، في حين أوضحت السلطات المغربية أن الأئمة دعوا إلى المشاركة في مؤتمر ديني. كما تتميز العلاقات بين بعض النخب الهولندية من أصل مغربي من جهة والسلطات المغربية من جهة ثانية بالتوتر، وكانت مجموعة من هؤلاء قد وجهت نداء مفتوحا عبر صحيفة «دي فولكس كرانت» الهولندية تدعو فيه السلطات المغربية إلى الكف عن أساليب المراقبة والمتابعة التي كانت تنتهجها في السابق، وطالبت هذه المجموعة مكونات المجتمع الهولندي بالوقوف بجانبها والتعامل معها على أساس مواطنة كاملة.