قالت خديجة الرويسي، رئيسة جمعية «بيت الحكمة» والنائبة البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، إن الدولة المدنية تتعارض مع الحقيقة المطلقة التي تدعي حركات الإسلام السياسي امتلاكها، معتبرة أن الدولة المدنية تضمن قيم الحرية والمساواة عكس الدولة الدينية، التي لا توضع فيها القوانين لمصلحة الأفراد والجماعات، بل بمعيار تفسير نصوص الدين. وأضافت الرويسي، خلال حلقة نقاش حول «الدولة المدنية والمناصفة»، عقدتها لجنة المساواة والإنصاف بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أول أمس السبت بالرباط، أن «إقرار المغرب دولة إسلامية في دستور 2011 جاء بعد ضغط من التيارات الإسلامية، خاصة من طرف العدالة و التنمية، وبدعم من اللوبي التقليدي داخل الدولة الذي لعب دورا سلبيا»، مؤكدة أن «هذا الخيار سيؤثر حتما على ترسيخ المسار الديمقراطي، وستجد القوى الحداثية نفسها في حاجة للمزيد من النضال للحفاظ على المكتسبات الحالية» . وأكدت الرويسي على أن الدين استعمل بكثافة للحفاظ على النسق السياسي العام في اتجاه تهييء الأجواء لسيطرة مشروع مجتمعي بعينه على المجتمع المغربي، مضيفة أن ذلك سيؤدي إلى شيوع نموذج سلطوي للإيمان والتدين، وبالتالي الابتعاد عن خيار الدولة المدنية التي تضمن حرية الاعتقاد والفكر. وأشارت إلى أن تفسير الحركات الإسلامية للدين يرى كل ما يعاكسها «سذاجة». من جهته، قال عمر أحرشان، عضو المكتب القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إن الربيع العربي أعاد المجتمعات العربية، وضمنها المجتمع المغربي، إلى النقاش التأسيسي المرتبط بشكل الدولة وهويتها وطبيعتها، مؤكدا على أن المغرب لم يعرف نقاشا تأسيسيا خلال العقود التي تلت «الاستقلال النسبي»، مشيرا إلى أن السلطة المغربية آثرت منطق الاستمرارية، خصوصا بعد خطاب 20 مارس. ودعا أحرشان المجتمع المغربي إلى الوعي باللحظة والظرف التاريخيين لتأسيس نقاش لإنتاج مجتمع قوي بتعدديته وتنوعه وتعايشه، يكون خيطه الناظم إرادة العيش المشترك، مؤكدا على ضرورة تجنب المزايدات السياسية، والابتعاد عن الإثارة الإعلامية و»دغدغة المشاعر»، لإنجاح هذا النقاش المجتمعي. وأكد أحرشان على ضرورة تسيير «المعتدلين» للنقاش المجتمعي الدائر، لاستحالة «مجابهة أصولية يمينية لأصولية يسارية»، للوصول إلى «مساحات تفاهم» تولد تلقائيا تعاونا، يؤدي إلى الثقة بين مكونات المجتمع، مما يخلق جوا تحترم فيه الاختلافات والتنافس، وبالتالي التداول. وأضاف أحرشان أن من يستشهد بآراء شخص أو تنظيم ويعممه على كتلة الإسلاميين يعاني من «إشكال منهجي»، موضحا أن الإسلاميين ليسوا كتلة واحدة كما أن العلمانيين واليساريين ليسوا كتلة واحدة، لصعوبة استنباط أحكام معممة على جميع العلماء والفقهاء. وأثار أحرشان «خطأ منطق الثنائيات المتقابلة، فمنطق الإسلام في مقابل المواثيق الدولية ليس صحيحا، إذ إن الجماعات الإسلامية وصلت إلى قناعات مشتركة تقول إن الدولة المدنية هي نقيض للدولة الثيوقراطية، كما هي نقيض للدولة العسكرية و البوليسية»، مؤكدا على أن العدل والإحسان والعدالة و التنمية «ليست لهما مشكلة» مع مصطلح الدولة المدنية، باعتبار أن الشعب مصدر السلطة والإسلام مصدر التشريع. واعتبر أحرشان أن الإشكال في المرجع الديني هو إشكال الفتوى، داعيا إلى مأسستها واستقلال العلماء عن الدولة، عبر انتخاب أعضاء المجلس العلمي لإلغاء تبعيتهم لمؤسسة إمارة المؤمنين، التي تجمع في نفس الوقت السلطة الدينية والتنفيذية، معتبرا أن إمارة المؤمنين «ليست ثابتا فهي موضوع نقاش».