تلقت عائلة الفاسي الفهري داخل حزب الاستقلال هزيمة غيرَ متوقعة في انتخابات شفافة قادت، أول أمس الأحد، حميد شباط، الاستقلاليَّ المثير للجدل، إلى الفوز برئاسة الحزب، بفارق 20 صوتا عن منافسه عبد الواحد الفاسي، الذي لم يتقبل الهزيمة ودعا أنصاره إلى الانسحاب من انتخابات اللجنة التنفيذية. وقال شباط، في اتصال مع «المساء»، بعد إعلان نتيحة الفوز: «أنا الآن داخل باب العزيزية»، في إشارة إلى انتصاره على عبد الواحد الفاسي الفهري، الذي سبق أن شبّهه ب«القدافي». وحظي شباط، ساعات قليلة بعد انتخابه ديمقراطيا على رأس الحزب، بتهنئة ملكية لطالما منّى النفسَ بها. وكان لافتا، من خلال برقية التهنئة، التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية، نعت الملك محمد السادس لشباط ب«القيادي الملتزم والمثابر، المؤمن بنضال القرب»، والمتفاني في خدمة مصالح الحزب»، داعيا إياه إلى «مواصلة درب ومسار عباس الفاسي على مستوى تجديد النخب والتداول على القيادة». كما توصل شباط بتهنئة رئيبس الحكومة، عبد الإله بنكيران، الذي حرص حزبه على أن يظل بعيدا عن التدخل في الشؤون الداخلية لحزب الاستقلال. وعاش الاستقلاليون، مساء أول أمس الأحد، ليلة «ساخنة» بكل المقاييس، بعد أن تحوّلت جلسة انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية إلى ساحة لأول اصطدام مباشر بين أنصار الأمين العامّ الجديد، حميد شباط، وعبد الواحد الفاسي، دقائق معدودات على إعلان شباط خليفة لعباس الفاسي. ودشّن نزار البركة، صهر عباس الفاسي، أولَ فصول الاصطدام بإعلان سحب ترشيحه لعضوية اللجنة التنفيذية «لكي أبقى وفيا لمبادئي ومتشبثا بثوابت وقيّم الحزب الراسخة»، قبل أن يتبعه رشيد أفيلال، بإعلانه، على مرأى ومسمع شباط وأعضاء المجلس الوطني، سحب ترشيحه. وواصل أنصار الفاسي «ثورتهم المضادة ضد عمدة فاس بإعلان باقي المرشحين، البالغ عددهم 50 مرشحا، في مقدمتهم عبد المجيد الفاسي، نجل عباس الفاسي، والهاني الفاسي، شقيق عبد الواحد الفاسي، انسحابهم، فاسحين المجال ل»لائحة» الأمين العامّ للسيطرة على الجهاز التنفيذي، بعد أن أطاحوا بآل الفاسي من الأمانة العامة. وحسب مصادر استقلالية، فإن انسحاب أفيلال ومرشحي جاء بعد أن منيت المفاوضات التي دارت بين شباط ووفد يمثل الفاسي، ترأسه نجل الكاتب العام الأسبق للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بالفشل هي المفاوضات التي وشارك فيها كل من عبد الإله البوزيدي ونعيمة خلدون وماء العينين العبادلة، بعد أن رفض الأمين العامّ الجديد مطلبَ تأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية إلى وقت لاحق، وفقا لما جرت عليه العادة، بالنظر إلى مغادرة عدد من أعضاء برلمان الحزب قصرَ المؤتمرات في الصخيرات وإكراهات العمل. وكشفت مصادر «المساء» أن تمسك شباط، خلال المفاوضات التي دارت بحضور محمد الوفا، بإجراء انتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية في الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين، هو ما فجّر غضب أنصار الفاسي، الذين كانوا ينتظرون من عمدة فاس إشارات عن حسن النية و«دفن ماضي» الخلافات بين الاستقلاليين كافة، مشيرة إلى أن أفيلال أبلغ شباط رسالة نصف أعضاء المجلس الوطني رسالة مفادها أن مصلحة الحزب والحفاظ على مكانته في المشهد السياسي ومواجهة تحديات الاستحقاقات القادمة تقتضي منه أن يكون أمينا عاما للجميع وأن يقدّم عربونا عن حسن النية لمنافسيه السابقين. وفيما وصلت مفاوضات شباط وأفيلال إلى الباب المسدود، اختار الأمين العامّ الجديد للحزب التصعيد في وجه الفاسي وأنصاره، بتأكيده خلال الجلسة التي سبقت بداية عملية انتخاب اللجنة التنفيذية، أنه سيدشن دخوله «باب العزيزية»، في إشارة إلى مقر المركز العام لحزب الاستقلال، بإزالة الحديد من باب المقر وإنهاء حكم العائلات، غامزا من قناة وزير المالية ومحذرا باقي وزراء حزبه من مغبة عدم حسن التصرف مع مناضليه. وقابل تصعيدَ شباط المعسكر الآخر على لسان رشيد أفيلال بقوله، في تصريح ل»المساء»: «لن تجد في فتح باب العزيزية لا ذهبا ولافضة، وإنما صورَ زعماء من أمثال علال الفاسي وبوشتى الجامعي ومحمد اليزيدي والهاشمي الفيلالي.. وأرشيف عشرات السنين من النضال والكفاح من أجل الوطن والكرامة والحريات.. وعلى كل، لن تدخلها كمحرر، وإنما من أجل تحمّل مسؤولية وأمانة الحزب، التي نتمنى أن تكون في مستواها». إلى ذلك، أوضح أفيلال أن انسحاب مرشحي الفاسي من السباق نحو اللجنة التننفيذية لن يتبعه تجميد للعضوية أو انسحاب من الحزب، وقال في اتصال مع «المساء»: «سنناضل دائما، لأن هاجسنا هو حماية الحزب من أي اختراق.. ولن نجمُد أو ننسحب، بل سنخوض معركة الدفاع عن مبادئ الحزب من أجل التصحيح، كما أننا مستعدون لخدمة مصلحة الاستقلال، لكنْ في إطار حوار مسؤول وانفتاح وفي جو ديمقراطي». من جهة ثانية، ينتظر أن تكون لجنة الفرز قد أنهت، مساء أمس، أشغالها لتعلن عن محافظة كل من كريم غلاب ومحمد الأنصاري وعبد الصمد قيوح وعبد الله البقالي ونور الدين مضيان وعبد القادر الكيحل وتوفيق احجيرة وحمدي ولد الرشيد وبوعمر تغوان وعادل بنحمزة على مقعدهم في اللجنة التنفيذية، فيما تمكّن كل من عادل الدويري ورحال المكاوي، الكاتب العام الأسبق لوزارة الصحة، من الظفر لأول مرة بمقعد في الجهاز التنفيذي لحزب «سيدي علال».