حسم وزير الاقتصاد والمالية، نزار بركة، في النقاش الدائر حول تخفيض قيمة الدرهم كحل لمواجهة تداعيات الأزمة المالية، مؤكدا أن الحكومة لن تخفض سعر الدرهم في الوقت الحالي، نظرا للتأثير السلبي لهذه العملية على الميزان التجاري وميزان الأداءات.
وقال بركة، خلال استضافته من طرف نادي «ليكونوميست»، إن تخفيض قيمة الدرهم بحوالي 50 سنتيما مقارنة مع الدولار، مثلا، سيرفع فاتورة الطاقة بأكثر من 6 ملايير دولار، موضحا أن نتائج هذا الإجراء ستكون سلبية على الاقتصاد الوطني ولن تؤدي إلى حل المشكل الحالي، بل ستعمق مشاكل المغرب.
واعتبر وزير الاقتصاد والمالية أن تفاقم العجز التجاري وعجز ميزان الأداءات وضع الاقتصاد الوطني في موقف معقد نوعا ما، إذ أن مجال البحث عن حلول لهذه الوضعية أصبح ضيقا للغاية، لكن بركة أكد أن ذلك لا يمنع من دراسة مسألة تعويم عملة الدرهم، غير أن ذلك لن يتم قبل ضمان إعادة التوازنات الماكرو اقتصادية.
ويجمع معظم المحللين الاقتصاديين على أن تخفيض قيمة الدرهم لن يكون سوى «حل ترقيعي» ومؤقت لأزمة السيولة التي يعيشها الاقتصاد الوطني، مؤكدين أن سلبيات هذا الإجراء هي أكبر بكثير من إيجابياته التي لن تتعدى توفير كميات من العملة الصعبة يمكن أن تغطي مدة 3 أشهر لا أكثر، حيث ستجد الحكومة نفسها، بعد ذلك، أمام أزمة جديدة أكثر حدة.
وقال الاقتصادي حماد قسال ل«المساء»، إن اتخاذ المغرب لقرار خفض قيمة الدرهم في الفترة الحالية سيعمق العجز التجاري، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط والقمح في الأسواق العالمية، موضحا أن من شأن هذا الإجراء أن يرفع فاتورة الاستيراد إلى مستويات غير مقبولة يمكن أن تشل الاقتصاد الوطني.
وأضاف قسال أن المغرب مطالب اليوم بإيجاد حلول جذرية لمشاكله الاقتصادية، وذلك من خلال إعادة النظر في النموذج الاقتصادي المتبع، والذي يعتمد بشكل كبير على الاستهلاك الداخلي، معتبرا أن تخفيض قيمة الدرهم هو «حل ترقيعي» سيوفر للمغرب قليلا من العملة الصعبة على المدى القصير، لكنه سيؤثر كثيرا على القطاعات المستوردة.
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد عبد الصمد ديبي إن الحلول بالنسبة للحكومة للخروج من الأزمة الحالية تبقى ضيقة جدا، فاللجوء إلى تخفيض قيمة الدرهم ستكون له تداعيات وخيمة على الاقتصاد، وسيساهم بشكل كبير في تفاقم العجز التجاري من خلال زيادة قيمة الواردات وخدمة الدين، كما أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية في الظرفية العالمية الحالية سيكون صعبا للغاية.
وأكد أستاذ الاقتصاد أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرج المغرب من أزمة تراجع احتياطي العملة الصعبة مرتبط بقرار سياسي يعيد الثقة للفاعلين الاقتصاديين، موضحا أن الحكومة مطالبة حاليا بإرسال إشارات إيجابية من أجل إعادة الثقة لرجال الأعمال المغاربة، ودعم الإنتاج الوطني وتشجيع استهلاك المنتوجات المحلية.