اعتبر محللون اقتصاديون مغاربة أن تخفيض قيمة الدرهم لن يكون سوى «حل ترقيعي» ومؤقت لأزمة السيولة التي يعيشها الاقتصاد الوطني، مؤكدين أن سلبيات هذا الإجراء هي أكبر بكثير من إيجابياته التي لن تتعدى توفير كميات من العملة الصعبة يمكن أن تغطي مدة 3 أشهر لا أكثر، حيث ستجد الحكومة نفسها، بعد ذلك، أمام أزمة جديدة أكثر حدة. وقال الاقتصادي حماد قسال ل«المساء» إن اتخاذ المغرب قرار خفض قيمة الدرهم في الفترة الحالية سيعمق العجز التجاري، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط والقمح في الأسواق العالمية، موضحا أن من شأن هذا الإجراء أن يرفع فاتورة الاستيراد إلى مستويات غير مقبولة يمكن أن تشل الاقتصاد الوطني. وأضاف قسال أن المغرب مطالب اليوم بإيجاد حلول جذرية لمشاكله الاقتصادية، وذلك من خلال إعادة النظر في النموذج الاقتصادي المتبع، والذي يعتمد بشكل كبير على الاستهلاك الداخلي، معتبرا أن تخفيض قيمة الدرهم هو «حل ترقيعي» سيوفر للمغرب قليلا من العملة الصعبة على المدى القصير، لكنه سيؤثر كثيرا القطاعات المستوردة. ولم ينكر حماد قسال أن تكون لتخفيض الدرهم بعض الإيجابيات، خاصة على مستوى القطاعات المصدرة التي سيعزز هذا القرار تنافسيتها، كما ستكون له تداعيات إيجابية، كذلك، على المغاربة المقيمين في الخارج وعلى الاستثمارات الخارجية، غير أنه أكد أن هذه الإيجابيات سرعان ما ستختفي بعد أن ينتهي المفعول المؤقت لتخفيض العملة. وأشار قسال إلى أن المطلوب حاليا بالنسبة إلى العملة المحلية «الدرهم» ليس التخفيض، وإنما إعادة النظر في طريقة تقييم العملة، وذلك من خلال اعتماد نظام آخر أكثر مرونة، وجعل الدرهم قابلا للتحويل كليا، بدل ربطه بسلة من العملات، معتبرا أن هذا الإجراء هو وحده الكفيل بالحد من تهريب العملة. من جهته، قال أستاذ الاقتصاد عبد الصمد ديبي إن الحلول بالنسبة إلى الحكومة للخروج من الأزمة الحالية تبقى ضيقة جدا، فاللجوء إلى تخفيض قيمة الدرهم ستكون له تداعيات وخيمة على الاقتصاد الوطني، وسيساهم بشكل كبير في تفاقم العجز التجاري من خلال زيادة قيمة الواردات وخدمة الدين، كما أن استقطاب الاستثمارات الأجنبية في الظرفية العالمية الحالية سيكون صعبا للغاية. وأكد أستاذ الاقتصاد أن الحل الوحيد الذي يمكن أن يخرج المغرب من أزمة تراجع احتياطي العملة الصعبة مرتبط بقرار سياسي يعيد الثقة إلى الفاعلين الاقتصاديين، موضحا أن الحكومة مطالبة حاليا بإرسال إشارات إيجابية من أجل إعادة الثقة إلى رجال الأعمال المغاربة، ودعم الإنتاج الوطني وتشجيع استهلاك المنتوجات المحلية.