سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مشاريع عملاقة تخضع الدار البيضاء لعمليات تجميل الشركات الفرنسية الأكثر استفادة من مشروع ال«ترامواي» والمغاربة يتصدرون قائمة كبار الرابحين في المشاريع العقارية
انخرطت العاصمة الاقتصادية في الآونة الأخيرة في إنجاز أوراش كبرى: تنمية الواجهة البحرية للمدينة وضفتها الغربية، بالإضافة إلى تدعيم النقل الحضري بها، الذي يعرف حاليا طفرة نوعية. ورغم الأهمية التي تكتسيها هذه المشاريع، فإن بعض المتتبعين أبدوا تخوفهم من أن تؤدي إلى جعل العرض يفوق الطلب، خصوصا في المنتوجات العقارية، سواء السكنية أو التجارية. انتظر سكان الدارالبيضاء الأربعة ملايين مدة طويلة قبل أن تنطلق أشغال إنجاز المشاريع الموعودة بها مدينتهم. ففي بداية العقد الأول من القرن الحالي، بدا جليا أن مدنا مثل طنجة، بوابة المغرب نحو أوربا، والعاصمة الرباط، تستأثران باهتمام المستثمرين العموميين، وهما صندوق الإيداع والتدبير وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وقد استأثرت البنية التحتية بأغلبية هذه الاستثمارات. أما الدارالبيضاء، فقد أدى تجمد أنشطة مجلس المدينة إثر مقاطعته من قبل المعارضة من فبراير 2011 إلى أبريل 2012 إلى تسجيل تأخر واضح في إعطاء الضوء الأخضر لبدء أشغال المشاريع التي طال انتظارها من قبل الساكنة، والتي تساهم المدينة في تمويلها. المؤكد أن مسؤولي الدارالبيضاء لم يجدوا أي عناء في تحديد القضايا الأكثر استعجالية بالنسبة للبيضاويين، ليس غريبا أن المدينة تعاني من ندرة الأوعية العقارية ومن اختناق مروري شديد، بالإضافة إلى صعوبات لوجستيكية وضغوط ديمغرافية. يتوقع أن تنمو ساكنة العاصمة الاقتصادية بنسبة تناهز 25 في المائة بحلول سنة 2030. ولا تزال المدينة أيضا مقصد أعداد متزايدة من المغاربة والأجانب، ولا سيما إفريقيا الغربية وأوربا. ومن أجل استدراك الوقت الضائع، انطلقت المشاريع الكبرى تقريبا في آن واحد، وذلك بين سنتي 2010 و2012. ورغم ضخامة الأشغال المباشرة حاليا وتعدد وتنوع الأطراف المتدخلة في عملية إنجازها، من صندوق الإيداع والتدبير إلى مجلس مدينة الدارالبيضاء، مرورا بولاية جهة الدارالبيضاء الكبرى، فإن السكان لم يلمسوا جديد هذه المشاريع إلا في الآونة الأخيرة، وكثير منهم بالكاد يتبينون الالتقائية التي تمتاز بها هذه المشاريع الجديدة. «تم القيام بعمل هام من أجل إعطاء دفعة قوية لمشاريع المدينة، غير أن المواطنين لا يعلمون حقيقة الجهد المبذول في هذا المجال بسبب غياب تواصل فعال" يقول التهامي الغرفي، مدير إذاعة» أصوات" ورئيس مدرسة عليا للتجارة والأعمال. ويحتاج مجلس المدينة، الذي يترأسه محمد ساجد، إلى بذل جهد أكبر ليتسلم المجلس مقود قيادة هذه المشاريع كلها، وهذه مهمة يبدو أن صندوق الإيداع والتدبير يقوم بها في الوقت الراهن. العمود الفقري ينظر إلى مشروع إنجاز الخط الأول من ترامواي الدارالبيضاء بوصفه الرمز الحقيقي لهذه الثورة التنموية التي تعرفها العاصمة الاقتصادية في الوقت الراهن. يتوقع أن يشرع في استغلال هذا الخط مطلع دجنبر المقبل. يعتبر هذا المشروع العمود الفقري لمشروع يروم تحقيق هدفين رئيسيين: أولهما ضمان الاستمرارية الترابية للمدينة وثانيهما جعلها تنفتح على البحر. وبالموازاة مع ذلك، سيتم تطوير مناطق صناعية وتجارية جديدة، خاصة في الجزء الغربي من المدينة. يخترق الخط الأول من الترامواي المدينة من جهة الغرب على مسافة 31 كيلومترا، مارا عبر مركز المدينة ذي الصبغة التاريخية. "بفضل الترامواي، نراهن على رفع معدل الإقبال على وسائل النقل العمومية بنسب تتراوح بين 13 و20 في المائة، وذلك بنقل 250 ألف شخص كل يوم" يقول يوسف اضريس، المدير العام ل«كازا ترانسبور». وسبق أن أفاد اضريس في تصريحات صحافية سابقة بأن عدد السيارات تضاعف في العاصمة الاقتصادية بشكل كبير في السنوات العشر الأخيرة، حيث أصبح عددها يفوق مليونا و200 ألف سيارة، في الوقت الذي كان العدد في سنة 2001 حوالي 300 ألف سيارة. وفي السياق ذاته، يؤكد التهامي الغرفي، أن "الترامواي سيمكن من من فك الطوق المحاط بالأحياء الشعبية وباقي الأحياء الأقل رغدا، بالإضافة إلى ربطها بمراكز الأعمال مثل حي سيدي معروف، الذي يوجد به قطب "تيكنوبارك" ومقرات عدد كبير من شركات الخدمات". مشاريع مستقبلية لا تنوي شركة "كازا ترانسبور" التوقف عند هذا الحد. إذ يؤكد اضريس بأن شركته تعتزم قريبا "الشروع في إنجاز ثلاثة خطوط أخرى للترامواي، بالإضافة إلى مترو وشبكة نقل جهوية في أفق سنة 2020. وتصل الكلفة الإجمالية للمشاريع المبرمجة إلى نحو 45 مليار درهم، وهو ما يعادل إنجاز 171 كيلومترا من السكك الحديدية". وفي انتظار بدء الأشغال في المشاريع المبرمجة، أخذت المدينة في الانتظام على نسق خط الترامواي الأول. "نتوقع تخصيص حافلات لنقل نحو 15 ألف عامل في نحو 70 مركزا للنداء إلى محطات الترامواي مباشرة بعد الشروع في استغلال هذا الخط، علاوة على أطر ومستخدمي قطب «كازا نيرشور» وفق تأكيدات سمير الكراوي، المدير التجاري لهذه المنطقة الاقتصادية المتخصصة في الخدمات المرحلة. ويتوقع الكراوي أيضا أن تجني هذه المنطقة الاقتصادية ثمار الخط الأول من ترامواي الدارالبيضاء في الفترة المقبلة. وفي هذا الإطار، أكد الكراوي أن الشركة المسؤولة عن هذه المنطقة الاقتصادية تترقب تسويق نحو 35 ألف متر مربع من فضاءاتها في السنة المقبلة، معتبرا أن سهولة ولوج اليد العاملة إلى هذه المنطقة الاقتصادية المتخصصة في الخدمات المرحلة سيكون عاملا حاسما في تنامي الإقبال عليها من قبل المستثمرين. يجتاز الخط الأول من الترامواي موقع مطار آنفا القديم، الذي تم إغلاقه رسميا في سنة 2007. وينتظر أن يحول موقع المطار إلى منطقة متخصصة في المالية، غير بعيد عن البناية الجديدة لبورصة الدارالبيضاء، ويتوقع أن تجتذب هذه المنطقة المحلليين الماليين والمستشارين والبنكيين المتخصصين في مجال المال والأعمال. «يتعلق الأمر بخلق مركز جديد في مدينة الدارالبيضاء، وهو القطب المالي، غير أن الموقع سيتضمن كذلك وحدات سكنية وفنادق سياحية وحدائق ومراكز ثقافية وأخرى رياضية" حسب خدير المريني، المدير العام لوكالة التهيئة العمرانية وتنمية منطقة آنفا. وقد أكد خدير المريني أن القطب الجديد سيوفر "بحلول 2015 ما بين 80 ألفا إلى 100 ألف منصب شغل، ويتضمن عددا مماثلا من السكان». في الوقت الراهن، وحدها أشغال التهيئة المتكونة أساسا من تشييد الشبكة الكهربائية وباقي التجهيزات المرتبطة بها كشبكة الماء الصالح للشرب وغيرها من التجهيزات الأساسية، أعطيت انطلاقتها على مساحة تعادل ثلث المساحة الإجمالية لهذا المشروع المتراوحة بين 400 و500 هكتار. وينتظر أن يشرع في تشييد أولى بنايات هذا القطب في السنة المقبلة. غير أن وتيرة تطور قطب آنفا يرتهن بمدى إقبال الشركات المتخصصة في مجال المال والأعمال على الاستثمار في هذا القطب. وقد أبدت مجموعة من الأبناك رغبتها في نقل جزء من أنشطتها أو كلها نحو القطب المالي الجديد، ومن بينها مجموعة "التجاري وفا بنك". غير أن الإطار القانوني الخاص بهذا القطب، والذي ينتظر أن يمنح إعفاءات أو امتيازات ضريبية للشركات التي ستستثمر في القطب، لم يخرج بعد إلى حيز الوجود ولم تعرف بعد تفاصيله الكاملة. للعقار نصيب تشتغل آلات البناء شمالي الخط الأول من ترامواي الدارالبيضاء على قدم وساق، غير أن هذا الأمر لم يحل دون تسجيل تأخير هام في الأشغال المبرمجة في هذا الجزء من العاصمة الاقتصادية للمملكة. مشروع "مارينا الدارالبيضاء"، الذي يشيد على مساحة تصل إلى 26 هكتارا ضمنها 10 فوق البحر، توقفت أشغال إنجازه مدة سنة كاملة بعد أن أقدمت الشركة الإماراتية "سما دبي" على الانسحاب من المشروع، الذي تقود أشغاله الشركة العامة العقارية. ورغم أن مجموعة صندوق الإيداع والتدبير تدخلت وأنقذت الموقف الناجم عن انسحاب المستثمرين الإماراتيين، فإن أولى الشقق السكنية والمحلات التجارية والمكاتب لن تسلم إلا في أواخر السنة الجارية. على الضفة الأطلسية دائما، ينتظر مشروع عقاري آخر اكتمال أشغال بنائه. إنه مشروع "أنفا بلاص"، الذي تتولى أمر تنفيذه الشركة الإسبانية "إيفيرافانتي". وهذا المشروع ينتظر أن تسلم أولى وحداته السكنية والمكاتب في أواخر السنة الجارية، على غرار "مارينا الدارالبيضاء". مخاوف تنضاف هذه المشاريع كلها إلى «موروكو مول»، الذي يعتبر أكبر مركز تجاري في منطقة شمال إفريقيا كلها (تم افتتاحه في نهاية السنة الماضية من طرف مجموعة "أكسال") لتخلق لدى البعض مخاوف من أن تؤدي هذه المشاريع إلى فائض عن معدل الطلب على منتوجاتها بالعاصمة الاقتصادية. ففي ظرف خمس سنوات فقط، يتوقع أن يحتضن غرب المدينة العملاقة 300 ألف متر مربع من المحلات التجارية ونحو 650 ألف متر مربع إضافية من المكاتب. ويقلل حميد بلفضيل، مدير المركز الجهوي للاستثمار لجهة الدارالبيضاء الكبرى، من شأن المخاوف سالفة الذكر. بلفضيل أكد أن الدينامية التي تعرفها مدينة الدارالبيضاء لا تخطئها العين. ففي الفصل الأول من السنة الجارية، شهدت هذه المدينة، حسب بلفضيل، إحداث 3 آلاف و900 شركة جديدة، وهو ما يعادل زيادة بنسبة 18 في المائة مقارنة مع سنة 2011، رغم الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها منطقة الأورو في الوقت الراهن. وأبدى بلفضيل أيضا ثقة كبرى في إمكانية استمرار وتيرة إحداث الشركات على هذا المنوال التصاعدي، متوقعا أن يستمر إقبال الشركات على العاصمة الاقتصادية، خصوصا في قطاع الإلكترونيات والصناعات المرتبطة بالطيران، على غرار شركة "بومبارديي" الرائدة في هذا المجال، التي حطت الرحال في الدارالبيضاء في شهر يونيو الماضي. ورغم أن بلفضيل اعترف بتسجيل تراجع في إقبال الشركات على الاستثمار في مجال الخدمات المرحلة في السنة الحالية، وتوقع أن يستمر هذا التراجع في السنة المقبلة قياسا بسنة 2011، إلا أنه قلل من أهمية هذه التراجعات قائلا: "لست قلقا ولا متخوفا. ذلك أن تفاعلية المدينة وديناميتها ستتقوى بفضل البنيات التحتية الجديدة الموجودة قيد الإنجاز". كبار الرابحين يتعدد الرابحون من المشاريع الكبرى الجديدة لمدينة الدارالبيضاء حسب نوعية المشاريع وحجمها وطبيعة المتدخلين فيها. ويمكن تقسيم هؤلاء الرابحين الكبار من مشاريع العاصمة الاقتصادية إلى ثلاث فئات رئيسية، وهي المستفيدون من مشروع الترامواي وكبار الرابحين من المشاريع العقارية، وأخيرا المهندسون المشرفون على هذه المشاريع برمتها. بخصوص مشروع الخط الأول من الترامواي. لا يتجادل اثنان في أن الشركة الفرنسية العملاقة «ألستوم» تعتبر أكبر الرابحين من هذا المشروع بلا منازع. فبعد أن أشرفت هذه الشركة على إنجاز مشاريع مماثلة في كل من العاصمة الرباط، وكذلك الجزائر العاصمة ووهران، أفلحت في الظفر بصفقة ترامواي الدارالبيضاء بقيمة 145 مليون أورو لتزويد العاصمة الاقتصادية للمغرب بعربات الترامواي وإنجاز شبكة الكهرباء الخاصة بوسيلة النقل الجديدة التي يكتشفها البيضاويون قريبا. وفي المقابل، رست صفقة إنجاز الأشغال المرتبطة بالهندسة المدنية على الشركة التركية "يابي ميركيزي". ويعتبر هذا المشروع الأول من نوعه الذي تشارك هذه الشركة التركية في إنجازه في المغرب، بعد أن سبق لها أن أشرفت في وقت سابق على إنجاز العديد من المشاريع في الجارة الجزائر. وينظر إلى الشركة الفرنسية «راتب ديف» بوصفها ثالث المقاولات استفادة من مشروع ترامواي الدارالبيضاء. وستتولى هذه الشركة استغلال هذا الخط الأول على مدى خمس سنوات بموجب عقد تصل قيمته المالية إلى 90 مليون أورو. وفي ما يتعلق بالمشاريع العقارية، تقدم شركة مغربية قائمة الشركات الأكثر استفادة من المشاريع الجديدة بمدينة الدارالبيضاء. ويتعلق الأمر بالشركة العامة العقارية، التي وقع عليها الاختيار لإنجاز جزء من مشروع "مارينا الدارالبيضاء"، بالإضافة إلى تهيئة قطب آنفا، الممول من قبل مجموعتها الأم، صندوق الإيداع والتدبير. الرتبة الثانية في هذا المجال آلت أيضا لشركة مغربية أخرى، وهي الشركة العامة للأشغال بالمغرب التي تتولى تشييد الأبراج الأطلسية لمشروع "مارينا الدارالبيضاء". وإلى جانب الشركات المستفيدة من الترامواي، التي تظل في معظمها أجنبية، وتلك التي تتصدر قائمة كبار الرابحين من المشاريع العقارية، التي تعرف سيطرة مغربية، تؤكد التقارير الأولية أن المهندس الفرنسي كريستيان بورتزامبارك وكذلك المغربي رشيد الأندلسي، هما أكبر الرابحين في صفقات الهندسة الخاصة بالمشاريع الجديدة للعاصمة الاقتصادية للمملكة. ويعكف المهندسان معا على وضع التصاميم الخاصة للمسرح الكبير للدار البيضاء المبرمج مشروع إنجازه قريبا. آخر المؤشرات الاقتصادية الخاصة بمدينة الدارالبيضاء تعكس تناميا ملحوظا في الدور الذي تلعبه هذه المدينة العملاقة في الاقتصاد المغربي. إذ تحتضن لوحدها نحو 4 ملايين نسمة، وهو ما يناهز 12.4 في المائة، من إجمالي سكان المغرب، وينتظر أن يرتفع عدد سكانها إلى 5.1 ملايين نسمة بحلول سنة 2030، كما أنها تستقبل في الوقت الراهن مليونين و100 ألف زائر سنويا وتساهم ب25 في المائة من الناتج الداخلي الخام للبلاد، علما بأن إجمالي الاستثمارات المنفذة فيها في سنة 2011 وحدها وصل إلى 1.3 ملايين أورو. عن "جون أفريك"
صندوق الإيداع والتدبير يقود الأوراش الكبرى يحضر صندوق الإيداع والتدبير بقوة في جميع المشاريع التي تنفذ حاليا في العاصمة الاقتصادية للمملكة. يتجلى إسهام هذه المجموعة في هذه المشاريع بالأساس عبر فرعها المتخصص في التنمية المجالية، والمعروف باسم "صندوق الإيداع والتدبير للتنمية". كما أن هذه المجموعة العمومية العملاقة تستحوذ، مباشرة أو بشكل غير مباشر عبر فروعها المختلفة، على أغلبية رأسمال شركات"ميدز"، التي تدبر المنطقة الاقتصادية "كازا نيرشور"، و"أودا"، المشرفة على إنجاز قطب آنفا، ومارينا الدارالبيضاء والشركة العامة العقارية، التي تحتل الرتبة الأولى في قائمة أكثر الشركات استفادة من المشاريع العقارية الكبرى التي تنفذ حاليا في العاصمة الاقتصادية. وتمتلك مجموعة صندوق الإيداع والتدبير كذلك حصة في رأسمال "كازا ترانسبور" المشرفة على "ترامواي البيضاء" وشركة الاقتصاد المختلط "البيضاء للتنمية".