رسم سعد الدين العثماني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، خارطة طريق التدخلات المدنية في الدول العربية الخارجة لتوها من فترات الصراع في ظل التغيرات التي يعرفها العالم العربي في الظرفية الراهنة. وأكد ضرورة تقديم الدعم لهذه الدول ومساعدتها على التصدي للعوامل التي من شأنها أن تزيد من احتمالات تجدد النزاعات والصراعات فيها. وشدد العثماني، الذي كان يتحدث أمس بالرباط في افتتاح المشاورات الإقليمية حول «الشراكات من أجل بناء القدرات المدنية في العالم العربي في مرحلة ما بعد الصراع»، على أن دعم القدرات المدنية للدول العربية الخارجة من زمن الصراع والأزمات يستدعي مد الدول المعنية بدعم قوي في العمليات السياسية مع مساعدتها على إعادة إنشاء المؤسسات الوطنية وإصلاح القضاء وحثها على احترام حقوق الإنسان وتدعيم آليات العدالة الانتقالية بما في ذلك عمليات إظهار الحقيقة وتأمين المصالحة وضمان الحكامة الجيدة، بالإضافة إلى أبرز مطلب، وهو التنمية الاقتصادية التي تكتسي أهمية بالغة في مرحلة ما بعد النزاع. وطالب وزير الشؤون الخارجية والتعاون بتفعيل تعاون مؤسسي بين الأممالمتحدة والمنظمات الإقليمية على مختلف الأصعدة مع تعزيز آليات الاستفادة من المؤسسات المالية والدول المانحة على نحو ضمن إعطاء دفعة قوية للتنمية المستديمة. غير أن العثماني اشترط أن يتم هذا الدعم الأممي والدولي لعمليات إعادة إعمار الدول العربية الخارجة من فترات الصراع على أساس والخصوصية ووفق استراتيجيات وأولويات هذه الدول. وجدد العثماني دعم المغرب لعمليات حفظ السلام التي تشرف عليها منظمة الأممالمتحدة واستعداده لدعم القدرات المدنية للدول العربية الخارجة من الصراع وكشف أن أزيد من 50 ألف عسكري مغربي شاركوا في هذه العمليات على مدى العقود الخمسة الماضية. ونبه وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى أن الأمن والاستقرار في مرحلة ما بعد الصراع غير قادرين لوحدهما على توطيد السلام، وحذر من بروز عوامل من شأنها أن «تزيد من احتمالات العودة من جديد إلى الصراع». وقال إنه «غالبا ما تواجه الدول بعد خروجها من فترات الأزمة والصراع غيابا أو نقصا في القدرات الضرورية لتوفير الأمن والاستجابة للحاجيات الملحة للمواطنين». وفي هذا السياق، أوضح العثماني أن البلدان الخارجة من فترات النزاع تفتقر إلى القدرات الأساسية لتسيير المرافق العمومية. كما تمر هذه الدول، حسب الوزير نفسه، بنكسات في محاولتها لنزع السلاح الموروث عن فترة النزاعات المنتهية، ثم تجد صعوبات في إعادة إدماج مواطنيها في سوق الشغل والحياة العامة بشكل أكثر شمولية، بالإضافة إلى تحديات إعادة بناء البنية التحتية وإحياء الاقتصاد.