سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اللوازم المدرسية.. باعة متجولون «ينقذون» الفقراء من لهيب الأسعار أسواق البحيرة ودرب السلطان والحي المحمدي بالبيضاء تشتهر بكونها «ملجأ» ذوي الدخل المحدود
تشهد الأسواق البيضاوية، تزامنا مع الدخول المدرسي، إقبالا كبيرا للأسر، من مختلف الشرائح المجتمعية، على اقتناء اللوازم المدرسية، حيث يتوافد العديد منهم على الباعة المتجولين، الذين اتخذوا من الدفاتر المدرسية والأقلام والمحفظات بضاعتهم الموسمية لتحصيل قوتهم اليومي، بعدما تخلصوا من بقايا السلع الرمضانية.. فجندت أسر الباعة لهذا الغرض «جيوشا» من الصبيان، وكذا الفتيات، صغار السن، الذين يتحلقون حول ما يشبه الدكاكين الخشبية والبلاستيكية و«الفراشات»، التي تم تزيينها بمختلف ما جادت به أسواق الجملة (دفاتر مدرسية، أقلام ملونة وحبر وغيرها) تفاديا منها للصوص الذين تنشط حركتهم على الخصوص في أسواق كالبحيرة، الحي المحمدي ودرب السلطان باعتبارها أكثر الأسواق شهرة وشعبية وإقبالا من لدن البيضاويين، الذين يتوافدون عليها من كل حدب وصوب. درب السلطان.. حقائب «سبونج بوب» و«دورا» كثيرة هي الأصوات التي تطاردك وأنت في طريقك إلى «البْحيرة» التي تغص بالباعة المتجولين، الذين أفرغوا «كراريسهم» من الفواكه والخضر ليملؤوها بالدفاتر والمحفظات والأقلام وغيرها من مستلزمات المدرسة. ألوان زاهية وحقائب ومقلمات بألوان متعددة، اتخذت من مشاهير الرسوم المتحركة أغلفة برّاقة تُغري بها أنظار الأطفال، الذين تحار عيونهم في اختيار واحدة منها دون أخرى، خاصة الصغار منهم، والذين يخوضون تجربة المدرسة للمرة الأولى، حيث ترى الواحدَ منهم وقد أحكم القبضة على جلباب أمه، لحثها على تغيير الوجهة نحو أقرب «كرّوسة»، ليقنعها بضرورة اقتناء محفظة «سبونج بوب»، التي جذبته بلونها الأصفر، مرددا: «باغي شكارة سبونج بوب باش نمشي للمدرسة أولا ما نمشيش».. كلمات يستجدي بها طفل في الرابعة من عمره عطف أمه، لإقناعها بضرورة اقتناء المحفظة إنْ هي أرادتْه أن يذهب إلى المدرسة.. يلمحه البائع فيضاعف صياحه، مرددا أنه يتوفر على أجود الحقائب، معددا أسماء شخصيات الرسوم المتحركة: «شكارة «سبونج بوب»، «سبيدرمان» و«دورا» و»فلّة» و»ميكيماوس».. استجابت الأم لطلب ابنها وشرعت تفاوض البائع، الذي أصرّ على بيعها المحفظة ب60 درهما، مؤكدا أن ربحه فيها لا يتعدى دريهمات، وصفها ب«البرَكة».. وفي ركن غير بعيد عن شارع محمد السادس، صمّت الآذان بصياح الباعة، الممزوج بشتائم سائقي الطاكسيات والحافلات الذين يجدون صعوبة في حركة السير، حيث ملئ الشارع عن آخره، الشيء يجعل حركة المرور صعبة، إلا أن الباعة لا يكترثون للأمر، ويواصلون دعواتهم للزبائن لتسويق بضاعتهم «عالية الجودة زهيدة التكلفة». «رْخيصة ومْزيانة.. تعالي يا لمرا، شكارة ولدك ها هيا».. شعار امرأة في الخمسينية من عمرها تقف بالقرب من «فرّاشة» ملأتها بحقائب مدرسية لا يتعدى ثمنها 50 درهما، وهي تلوّح بيديها في إشارة إلى النسوة اللواتي يحترن في اختيار الأجود من الأدوات وأيضا المُناسِب لما في حقائبهن اليدوية من دراهم.. اقتربت نحوها سيدة تُحكم قبضتها على طفلين، لا يتوانى الواحد منهما في اختيار ما شد انتباهه ليس لجودة المحفظة، بل لألوانها وما تحمله من شخصيات كارتونية. حاولت الأم مساومة البائعة بغية تخفيض الثمن، لكنْ دون جدوى، مستدلة بقولها: «الله يحسن العوان حتى واحد ما كره».. وباشرت إقناعها لاقتناء كل احتياجاتها من أقلام رصاص لا يتعدى ثمنها درهما واحدا، وأخرى ملونة، بثلاثة دراهم وغيرها من أدوات المدرسة، رغبة منها في تصريف ما لديها من بضاعتها الموسمية والاستعداد للاستثمار في أخرى، خاصة أن عيد الأضحى على الأبواب.. وعلى مقربة من ما يشبه دكانا، يرتفع صراخ فتاة في الخامسة من عمرها، والدموع منهمرة من عينيها «ماما، بغيت كُلّشي ديال دورا».. استجابت الأم لرغبة ابنتها، التي أخذت تداعب شخصيتها الكارتونية المفضلة بأن أخذت في «محاورتها»، وكأنها تعي حديثها منتظرة الإجابة، مما اضطر الأم إلى اقتنائها رفقة مجموعة من المستلزمات الدراسية المزينة كلها بصورة «دورا» من الحقيبة، المقلمة، الأقلام، الدفاتر إلى الملصقات، بتكلفة وصلت إلى 300 درهم.. مما يؤكد أن صيحات الموضة والتسويق لجديدها لم يستثنِ براءة الأطفال، التي يستغلها ذوو الأموال بتوظيفهم الشخصيات الكارتونية الشهيرة وجعلها وسيلة لتسويق بضاعتهم، التي تراعي في عروضها السنَّ والمستوى الدراسي للفئة المُستهدَفة بالمنتوج، حيث تحمل المحافظ والمقلمات الموجّهة لتلامذة الطور التعليمي الأول شخصيات (دورا، فلة، باربي، ميكي ماوس، سبونج بوب وسبيدرمان الأسود).. بينما يخصون تلاميذ الإعدادي والثانوي التأهيلي بلوازم مدرسية طُبعت على أغلفتها صور شي غيفارا وغيره من نجوم الرياضة والفن.. البحيرة.. الحقائب المدرسية والكتب المستعملة يختلف «سوق البْحيرة» عن غيره من الأسواق البيضاوية، لكونه قبلة للباعة من التلاميذ والطلبة الذين يتخذون من تجارة بيع الكتب المُستعمَلة وسيلة لهم لتوفير قسط من المال، يساعدهم على اقتناء الكتب وما يحتاجونه من لوازم دراسية. اتخذ باعة صغار وكبار من الأزقة المحاذية لسوق البحيرة مكانا لتسويق بضاعتهم، حيث تصطفّ دكاكين صغيرة، اختص حرفيوها في صناعة الحقيبة المدرسية وحقائب السفر وبيعها بالجملة وأيضا بالتقسيط، لذلك تقصدها الكثير من الأمهات لابتياع حقيبة يد مغربية بثمن مناسب، وإلى جانبهم دكاكين لبيع الكتب القديمة والمُستعمَلة وأخرى لبيع وإصلاح النظارات. وقال صاحب إحدى المكتبات -رفض ذكر اسمه- إنه قرر هذه السنة أن يصد مضايقات الباعة الذين يحتلّون الرصيف المقابل لمكتبته بأن «افترشه» لابنه.. ليبيع بدوره الدفاتر واللوازم المدرسية، من أقلام حبر ومقلمات ودفاتر. ويستشف الزائر لسوق البحيرة أن رواده من نوع مختلف، حيث يسهر أطفال بأعمار مختلفة على بيع كتبهم الدراسية ليبتاعوا بثمنها أخرى تناسب مستوياتهم الدراسية. وقال إدريس، البالغ من العمر عشر سنوات، إنه في كل سنة يبيع كتبه ليشتري غيرها مما يلائم مستواه الدراسي، مساعدة منه لوالدته، التي تشتغل خادمة في البيوت، بينما تعبر فاطمة، الأم لأربعة أبناء، في استياء وتتذمر مما صارت إليه أحوال الأسرة المغربية، التي تخلّت، في نظرها، عن الكثير من قيمها المبنية على مساعدة الآخر، حيث كان أبناء الحي يتداولون الكتب في ما بينهم، بل ويقرض بعضهم البعض كتبه، خاصة من هم في نفس السنة الدراسية، حيث تجد الواحد منهم ينتظر إلى يلتحق ابن حيه بالقسم الذي تجاوزه هو لكي يسلمه الكتاب، وهكذا دواليك.. وكذلك الشأن بالنسبة إلى المحفظات والأقلام وغيرها من اللوازم المدرسية، أما اليوم، تتابع فاطمة، فلم يعد الأمر كذلك، حيث أصبحت الأمهات يتهافتن على كبريات المحلات لاقتناء ما استجد في عالم الحقائب والمقلمات وغيرها. وغير بعيد، يفترش محمد كيسا بلاستيكيا كبير الحجم ملأه بكتب قديمة لمستويات مختلفة، ويقول محمد إن هناك إقبالا على الكتب المدرسية المُستعمَلة، ليتضاعف بالنسبة إلى مستويات بعينها، وخاصة ما تعلق منها بكتب المرحلة الثانوية (الشعبة العلمية) ذات الثمن المرتفع. توقفنا قليلا عند أحد باعة الكتب المدرسية المُستعمَلة، والذي يسارع، بعيد انتهاء الموسم الدراسي وإعلان النتائج، إلى الاتصال بالتلاميذ والطلبة لشراء كتبهم الدراسية بأسعار منخفضة وتخزينها لإعادة تسويقها عند الدخول المدرسي لكسب بعض المال من ورائها، وهي «حيلة» اكتسبها من والده الطاعن في السن، حيث كان يرافقه وإخوانه الأربعة في بيع كتب قديمة كان يشتريها أبناؤه من أبناء الجيران لتسويقها، بعد ذلك، في «البحيرة». وقال «بابا»، كما يحلو للكل مناداته، إن هناك إقبالا كبيرا على هذه الكتب من قبل أبناء الأسر المحتاجة، والتي تقوم بشراء الكتب القديمة، بدلا من الجديدة التي تُعرَض في المكتبات بأثمنة ليست في متناول غالبيتهم، ما يجعل الكثير منهم زبائن دائمين لباعة الكتب المُستعمَلة، والذين يزاولون تجارة تخضع بدورها للعرض والطلب، وإن كان ما يميز الكتاب المستعمل عن نظيره الجديد هو كونه يباع بنصف سعره، مع إمكانية المساومة على ثمنه الرهين بمدى جدارة الزبون وقدرته على إقناع البائع، الذي تُمكّنه تجارته الموسمية من تحصيل من 100 إلى 200 درهم في اليوم، ويختلف الأمر، بدوره، تبعا لكفاءته في البيع والشراء، وكذا تبعا للتسهيلات التي يقدمها لزبنائه من أبناء الحي والأحياء المجاورة. ويغتنم أيوب (طالب) بدوره، فرصة الدخول المدرسي لتحقيق بعض المكاسب المادية، حيث يشتغل في الصيف كحمّال أو كبائع لبقايا الحديد لتجار الخردة، والتي تدر عليه عائدات مالية، شأنه في ذلك شأن أطفال المدارس، الذين يجوبون يوميا أحياء الدارالبيضاء لجمع الخبز اليابس من المنازل والأزقة، لإعادة بيعه لأصحاب المحلات، وكذا القنينات البلاستيكية، بهدف توفير بعض المال يُعينون به أسرهم لشراء الأدوات الوزرات والمحافظ وغيرها من مستلزمات الدراسة. وتابع أيوب قائلا: «عند اقتراب الدخول المدرسي، أبيع الكتب المدرسية لأحصل على عائد مادي يساعدني على اقتناء ما أحتاجه من لوازم دراسية وكذا ملابس تقيني البرد القارس في فصل الشتاء، خاصة أنني يتيم وأعيش في كنف جدي وجدتي الطاعنَين في السن، واللذين يعيشان على ما يحصلانه من تقاعد لا يزيد على 1000 درهم كل ثلاثة أشهر».. وبدورها، تفضل «حضرية»، الأم لثلاثة أبناء والعاطل زوجها عن العمل، اقتناء الكتب المدرسية لأبنائها من سوق «البحيرة»، حيث إن هؤلاء الباعة يعرضون تخفيضات ويساعدون الفقراء أمثالهم لشراء الكتب المدرسية لأبنائهم، وهذا في جميع الحالات، هو حال العديد من أولياء التلاميذ الذين وجدناهم يطوفون على تلك الكتب لحاجة أبنائهم إليها، بعدما استهلكت مصاريف رمضان ومستلزمات ملابس العيد كل مدخراتهم.. كما يعد سوق «البحيرة» فضاء للعديد من الكتب القديمة المُستعمَلة، بمختلف مشاربها المعرفية: ثقافية، فنية، علمية، تاريخية، سياسية.... إلخ. تباع بأثمنة مناسبة، لكونها قديمة ومستعملة، لكنها في أغلبها كتب قيّمة وفي حالة جيدة، حيث تتكدس مراجع هامة في العديد من فروع المعرفة على رفوف المكتبات في انتظار زبون. التقينا محمد، والذي يعمل في هذه المهنة منذ سنين طويلة، سألناه عن مصدر كتبه فأفاد قائلا: «يأتي إلينا بائعو هذه الكتب، وخاصة النساء اللواتي يتخلصن منها، شأنهن في ذلك شأن الملابس المُستعمَلة وغيرها من الأثاث غير المرغوب فيه، حيث يعرضنها علينا بأسعار زهيدة ويقبلن بأي مبلغ نعرضه عليهن، لنقوم ببيعها بعد ذلك بأرباح معقولة»، مؤكدا أنها تجارة رائجة تحظى بإقبال العديد من القراء، نظرا إلى غزارة المادة المعرفية فيها وإلى أسعارها المناسبة. ويشير كريم (بائع) إلى أن «الذين يقبلون على شراء الكتب المُستعمَلة يفضلون الكتب ذات الطبيعة القانونية، الجنس والشعوذة وأيضا تلك التي تهمّ تعلم اللغات الأجنبية، وقليلون منهم يطلبون الكتب ذات الطبيعة الأدبية أو الثقافية». الكتب بالكريدي.. عند كل دخول مدرسي تحبذ العديد من الأسر المغربية ذات الدخل المحدود أو المنعدم اقتناء الكتب ب»الكريدي»، حيث يجدون ضالتهم في مكتبات الحي القريبة من مقرات سكناهم، والتي تقدم تسهيلات في الأداء لزبنائها. وأوضحت نادية، المطلقة والأم لطفلتين: «ككل سنة، أقترض من مكتبة الحي كل ما أحتاجه لابنتي من لوازم مدرسية، لأقوم بأداء ثمنها، بعد ذلك، على دفعات متوالية، الشيء الذي يُهوِّن علي الأمر ويخفف من حدته، خاصة أن الدخول المدرسي في السنوات الأخيرة يتزامن مع شهر رمضان وعيد الفطر ليليهما مباشرة عيد الأضحى». رمت تداعيات أسعار الكتب الملتهبة وغلاء المعيشة وتوالي المناسبات الدينية بثقلها على الأسرة المغربية التي اختلفت وجهة كل واحدة منها في بحث مستمر عن البدائل لإيجاد الحلول المناسبة بأقل الأضرار. متاجر فاخرة وأثمنة «صادمة».. إذا كنت من ذوي الفضول وليس من أصحاب الملايين، فتكفيك زيارة واحدة لأحد متاجر الأحياء الراقية كي تجد أن الأجرة التي تتكبد من أجلها عناء شهر كامل من العمل ما هو إلا ثمن محفظة أو حقيبة سفر، تفنّن صانعوها في تزيينها، لتحس بالتذمر وتهرول في اتجاه أقرب باب يُخلّصك من ترف عالم تجد نفسك «غريبا» عنه. 500، 1200 و2000 درهم أثمنة وأخرى تلاحقك أينما وليت الوجهة، مُلصَقة بإحكام على حقائب مزودة بعجلات ومزيَّنة بصور الأبطال الخارقين وشخصيات الرسوم المتحركة.. بتصاميم أنيقة وإلى جانبها، حاملات الغذاء وقوارير للمياه ودفاتر مختلفة الأحجام، زاهية الألوان، لكنها ليست موجهة لأبناء الأسر التي يعيش أفرادها لمدة شهر كامل بثمن حقيبة صغيرة الحجم من هذا النوع.. أما ثمن المقلمة البالغ 200 درهم، فيكفي لشراء بذلة تدخل البهجة على طفل صغير آخر من أبناء الأسر الفقيرة..
الكتاب المستعمل منقذ الفقراء من المضاربات التجارية يمكن الحديث اليوم عن تجارة التأليف المدرسي بعيدا عن الاعتبارات التربوية والبيداغوجية الكلاسيكية التي سادت أيام ماكان يسمى «الكتاب الموحد»، أي في الفترة التي لم يكن اقتصاد السوق قد اكتسح مجال التربية والتعليم . وهو اكتساح تم من خلال عنصرين: انتشار التعليم الخصوصي وتحرير سوق الكتاب المدرسية، بل حتى تغيير المقررات والكتب المدرسية أصبح يتم بوتيرة أسرع يصعب معها التمييز بين الحدود الخاصة بالهندسة البيداغوجية والمضاربة التجارية.. وقد انعكست مثل هذه الأمور على سلوك الأسر محدودة الدخل والمتوسطة، ففي مقابل إنتاج الجديد كفعل اقتصادي عقلاني وفق قانون الاقتصاد التنافسي ينمو اقتصاد المتاجرة بالقديم كإستراتيجية لتوفير الدخل أو المقايضة. إن القديم ينتج سوقه، دائما، على أنقاض الجديد ويتحول كمنافس له، وإذا كان الأول مهيكلا، فالثاني لا. إنه شبيه بسوق السيارات المستعمَلة، فمثلا في سوق في مدينة مكناس نجد باعة من نوع خاص شاب مجاز في الأدب الإسباني امتهن بيع الكتب القديمة منذ 1991 وتعرف بضاعته إقبالا كبيرا من لدن أبناء الفئات المتوسطة والفقيرة، كما أن زبناءه الذين يشترون ويقايضونه هم من مختلف الشرائح: مدرسين، بمن فيهم الجامعيين، تجار صغار ومتوسطين، طلبة, تلاميذ... إلخ. وماي مكن استنتاجه هو أن العلاقة بالكتاب لم تعد شأنا ثقافيا وتعليميا فقط، في نفس الوقت الذي تراجعت ثقافة الموضة والجديد في مقابل التكلفة البسيطة والجودة: يفضل الموظف المغربي المتوسط اقتناء سروال مستعمل ومتين بخص الثمن على سروال جديد غالي الثمن وأقل متانة.. وإذا كان الموسم الدراسي يحيل على إجراءات الدخول المدرسي وما يصاحبها من طقوس، فإن اصطفاف طوابير الأطفال والنساء اللواتي يتاجرن في الكتب المُستعمَلة شبيه بالطقوس الجارية المرافقة لبيع اللعب في عاشوراء أو هو جزء منه.. غير أن التداول التجاري للكتب المستعمَلة يستمر طيلة السنة. فقط، يفترض التمييز بين الكتب المدرسية المستعملة والمؤلفات، فالعديد من الباحثين يذهبون إلى أسواق تاريخية معروفة للبحث عن كتب نادرة أو قل تداولها: في فرنسا هناك معرض وطني للكتب القديمة يأتيه الفرنسيون من كل حدب وصوب، فهناك تمييز بين الكتب المُستعمَلة الوظيفية، كالكتب المدرسية والكتب القديمة. على أي حال، نحن في حاجة إلى أبحاث ميدانية لهذا السلوك الثقافي والاقتصادي للأسر حتى نستطيع إصدار أحكام علمية ودقيقة. أحمد العوام أشعبان أستاذ علوم التربية بالمدرسة العليا للأساتذة بمكناس حسناء زوان