في خطوة تصعيدية في النقاش الدائر حول سحب مراكز النداء الفرنسية من المغرب وإعادة توطينها بفرنسا، استطاع وزير تقويم الإنتاج الفرنسي أرنود منتبورغ إقناع الهيئة العمومية المكلفة بالناقلين في «إيل دو فرانس» بإجبار شركة «بي 2 إس» التي فازت مؤخرا بصفقة تدبير مركز للنداء بالمنطقة بتخصيص جميع مناصب الشغل التي سيوفرها المشروع للفرنسيين، وهو ما سيعني مباشرة تخلي الشركة عن جميع مناصب الشغل التي كان المغرب سيستفيد منها سابقا. وأعلنت الهيئة العمومية المكلفة بالناقلين عن رضوخها لضغوط الوزير الاشتراكي، الذي أطلق منذ شهور خطة لسحب جزء من الاستثمارات الفرنسية في مجال الخدمات من المغرب، مؤكدة أن شركة «بي 2 إس» ستخلق حوالي 30 منصب شغل في منطقة «إيل دو فرانس» بعد تغيير بنود العقد الخاص بمشروع مركز النداء الجديد، وستقوم بتعزيز أنشطتها بشكل كبير داخل التراب الفرنسي. وينتظر أن تكون لقرار الشركة الفرنسية تداعيات على مناصب الشغل التي أحدثتها في المغرب مباشرة بعد فوزها بصفقة تدبير مركز النداء الخاص بمنطقة «إيل دو فرانس»، حيث تشير التوقعات إلى أن الشركة ستضطر إلى التخلي عن جميع هذه المناصب بعد أن أجبرتها السلطات على خلق مناصب جديدة داخل التراب الفرنسي. وكانت وسائل إعلام فرنسية كشفت أن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند غاضب بشدة من قرار رئيس منطقة «إيل دو فرانس» الاشتراكي جون بول هوشان وقف التعامل مع شركة فرنسية والاستعانة بدل ذلك بمركز للنداء تديره شركة «بي 2 إس» التي يوجد مقرها في المغرب. ولم يستسغ الرئيس الفرنسي قرار رئيس منطقة «إيل دو فرانس»، على اعتبار أن الأخير ينتمي إلى الحزب الاشتراكي، وبالتالي لابد أن يعبر عن تضامنه مع خطط الحكومة لترحيل مراكز النداء من المغرب في اتجاه فرنسا، وذلك عوض الاستعانة بمركز نداء مغربي، قائلا: «من المفروض على جميع المسؤولين الفرنسيين اتخاذ قرارات لصالح فرنسا في الوقت الراهن لمواجهة المعدلات المتنامية للبطالة والمحافظة على مناصب الشغل». ويتوقع أن يقوم وزير التقويم الإنتاجي الفرنسي، أرنو مونتبورغ، خلال زيارته المقررة إلى المغرب شهر شتنبر المقبل باستعراض الخطة الفرنسية بخصوص سحب جزء من مراكز النداء بالمغرب، موضحة أنها ستقوم على أساس تطوير «استراتيجية مربحة للطرفين» للمغرب وفرنسا في مجال «توطين» مناصب الشغل. وقال الوزير، الذي تثير رغبته في إعادة توطين مراكز النداء المتواجدة في المغرب وتونس بفرنسا قلقا بشأن الإضرار بالتشغيل في هذين البلدين، حيث تمثل على التوالي 30 ألف و15 ألف منصب شغل، «سأزور الرباط وتونس في شتنبر المقبل للتباحث مع حكومتي البلدين بهذا الشأن»، مشيرا، بالمقابل، إلى تزايد ترحيل مناصب الشغل نحو بلدان المغرب العربي، خاصة مع إحداث 7000 منصب شغل في طنجة بعد إقامة مصنع السيارات الجديد التابع لشركة رونو الفرنسية. ويطالب الوزير الاشتراكي، أرنود مونتيبورغ الشركات الفرنسية بنقل استثماراتها من المغرب وتونس من أجل الحد من مستويات البطالة المتزايدة في فرنسا، داعيا، بالأساس، «فرانس تيليكوم» إلى تحويل جميع مراكز النداء التي أنشأتها الشركة في المغرب إلى داخل فرنسا لاستيعاب أفواج الخريجين الجدد والباحثين عن العمل. وأعلنت شركة «فرانس تيليكوم»، على لسان مديرها المالي، جيرفي بيليسيي، عن موافقتها على مطالب الحكومة الفرنسية، والخاصة بنقل جميع استثماراتها في مجال مراكز النداء من فرنسا إلى المغرب، شريطة أن تضمن الحكومة الفرنسية عمل مراكز النداء طيلة ساعات اليوم وفي العطل والأعياد، وأن توفر لها جميع التحفيزات الضرورية.