كشفت وسائل إعلام فرنسية أن الحكومة الفرنسية مصرة على خططها لسحب جزء من استثماراتها الخاصة بمراكز النداء من المغرب وتونس خلال الفترة المقبلة، وأن مفاوضات جارية في هذا الإطار مع حكومتي البلدين. وحسب صحيفة «ليبيراسيون»، يتوقع أن يقوم وزير التقويم الإنتاجي الفرنسي، أرنو مونتبورغ، خلال زيارته المقررة إلى المغرب شهر شتنبر المقبل باستعراض الخطة الفرنسية في هذا الشأن، موضحة أنها ستقوم على أساس تطوير «استراتيجية مربحة للطرفين» للمغرب وفرنسا في مجال «توطين» مناصب الشغل. وقال الوزير، الذي تثير رغبته في إعادة توطين مراكز النداء المتواجدة في المغرب وتونس بفرنسا قلقا بشأن الإضرار بالتشغيل في هذين البلدين حيث تمثل على التوالي 30 ألفا و15 ألف منصب شغل، «سأزور الرباط وتونس في شتنبر المقبل للتباحث مع حكومتي البلدين بهذا الشأن»، مشيرا إلى تزايد ترحيل مناصب الشغل نحو بلدان المغرب العربي، خاصة مع إحداث 7000 منصب شغل في طنجة بعد إقامة مصنع السيارات الجديد التابع لشركة رونو الفرنسية. وإلى حدود الساعة لم تصدر عن حكومة بنكيران أي ردود فعل حول هذه القضية، رغم تأثيراتها الخطيرة على الاقتصاد الوطني، باستثناء ما جاء على لسان عبد القادر عمارة وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة الذي أعرب عن أمله في «أن تظل فرنسا في مستوى التطلعات»، مضيفا أنه «بعيدا عن العلاقات الفرنسية المغربية المتميزة، يجب أن ننظر إلى ترحيل الخدمات كأداة لخدمة تنافسية المقاولات الفرنسية». بالمقابل، عبر رئيس الجمعية المغربية للعلاقة مع الزبناء يوسف الشرايبي عن أسفه من الموقف الفرنسي، قائلا إن «الخبر ليس مفاجئا لأنه سبق أن أثير خلال الحملة التي سبقت الانتخابات الرئاسية» لكن «ما يثير الاستغراب هو أن يكون هذا القطاع الأول الذي يتم استهدافه، وهو ما يجعل إعادة التوطين أمرا غير مبرر». وتوقع الشرايبي أن «تكون المقاولات الفرنسية أول خاسر». ويطالب الوزير الاشتراكي، أرنود مونتيبورغ الشركات الفرنسية بنقل استثماراتها من المغرب وتونس من أجل الحد من مستويات البطالة المتزايدة في فرنسا، داعيا، بالأساس، «فرانس تيليكوم» إلى تحويل جميع مراكز النداء التي أنشأتها الشركة في المغرب إلى داخل فرنسا لاستيعاب أفواج الخريجين الجدد والباحثين عن العمل. وأعلنت شركة «فرانس تيليكوم»، على لسان مديرها المالي، جيرفي بيليسيي، عن موافقتها على مطالب الحكومة الفرنسية، والخاصة بنقل جميع استثماراتها في مجال مراكز النداء من المغرب إلى فرنسا، شريطة أن تضمن الحكومة الفرنسية عمل مراكز النداء طيلة ساعات اليوم وفي العطل والأعياد، وأن توفر لها جميع التحفيزات الضرورية. وقلل المدير المالي للشركة من التداعيات المحتملة لمثل هذا القرار على الوضعية المالية ل»فرانس تيليكوم»، مؤكدا أن الاستثمارات في مراكز النداء سهلة التنقيل، وأن تنافسية الشركة ستمكنها من تحقيق ذلك بأقل كلفة ممكنة. ويرى المراقبون أن من شأن هذا القرار أن يشكل ضربة موجعة للاقتصاد المغربي الذي يسعى إلى استقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، كما سيساهم في خلق موجة جديدة من أفواج العاطلين من حملة الشواهد الذين كانت تستوعبهم مراكز النداء. ويوجد في المغرب 220 مركزا للنداء، وتشغل هذه المراكز 30 ألف شخص، وقد تمكن هذا القطاع في غضون فترة وجيزة، من أن يحتل مكانة مهمة في النسيج الاقتصادي، وهذا ما يبينه رقم معاملاته الذي يتجاوز 6 ملايير درهم، مع العلم أن هذا الرقم يعرف كل سنة زيادة تقدر بحوالي 10 إلى 30 في المائة. عبد الرحيم ندير