سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المعتصم: اقتراب الخطيب من الإسلاميين ربما كان بغرض توظيفهم لإفراغ التناوب من مضمونه قال إنه كان متخوفا من أن يكون الهدف من التكتل في «التوحيد والإصلاح» هو الاصطدام باليسار والتضييق على الكتلة
يروي مصطفى المعتصم، واحد من السياسيين الستة الذين وجهت إليهم تهم ثقيلة في ملف خلية بلعيرج، في اعترفاته ل«المساء»، تفاصيل مثيرة ارتبطت بحياته الشخصية والدعوية والسياسية. ويعترف مصطفى المعتصم بأنه كان وراء إطلاق «العمل الإسلامي» في الثانويات والجامعات أيام كانت قلاعا يسارية، ويحكي كيف تعرف على عبد الكريم مطيع، زعيم «الشبيبة الإسلامية»، ليصبح قياديا فيها بعد هروب هذا الأخير إلى الخارج إثر اغتيال الاتحادي عمر بنجلون، حيث سيقابله في السعودية ليقول له مطيع: «احذر عبد الإله بنكيران فهو عميل للنظام». ويحكي المعتصم تفاصيل ما دار بينه وبين عبد السلام ياسين وكيف تخلص منه مرشد العدل والإحسان قائلا: «أنت تصلح لحزب التحرير وليس لجماعتنا». ويقف مطولا عند علاقته بعبد القادر بلعيرج، المحكوم عليه بالسجن المؤبد في قضايا الإرهاب، وتجربة توحيد الحركات الإسلامية، وتجربة القطب الديمقراطي مع حرزني وصلاح الوديع وآخرين سنة 2002، وتأسيسه حزب «البديل الحضاري» ثم اعتقاله بتهمة الإرهاب، وكواليس استنطاقه ومحاكمته، ثم تجربته السجنية. - هل انخراطك، بداية من سنة 1994، في نقاشات حول «الكتلة الشعبية» و«القطب الديمقراطي» مع فصائل يسارية، وتراجعك عن فكرة «الجبهة الإسلامية العريضة»، هما ما جعلك تنتقد دخول حركة التوحيد والإصلاح إلى حزب الدكتور الخطيب؟ أنا فرحت كل الفرح لوحدة جمعيتي «الإصلاح والتجديد» و«رابطة المستقبل الإسلامي» في صيف 1996 تحت مسمى «التوحيد والإصلاح». وكنت أتمنى لو يؤسسون حزبهم ويناضلون من أجل نيل حقهم في التنظيم. لقد كان لي موقف من الدكتور الخطيب، رحمه الله، وكنت مقتنعا بأن اقترابه من الإسلاميين ربما كان بهدف خدمة الإسلام، ولكنه ربما كان أكثر بغرض توظيف الإسلاميين في لعبة التوازنات الجديدة التي كانت ترسم معالمها لإفراغ التناوب المرتقب من مضمونه في النهوض بالبلاد، وهي لعبة لا نجيدها، وقد جربتها الشبيبة الإسلامية من قبل وكانت وبالا عليها. لقد كنت خائفا من استعمال الإسلاميين في حروب ليست حروبهم، وأذكر أنني كتبت مقالا حول هذا الموضوع ونشرته في «الجسر»، قلت فيه إننا بشكل عام نتحفظ على ذلك المسار، وإن تحفظنا كان قائما على تخوفنا من أن يكون الهدف من هذا التكتل هو الاصطدام باليسار وحصار الكتلة والتضييق عليها. - المسار الذي انخرط فيه تحالف مجموعة الريسوني وبنكيران، من الالتحاق بحزب الخطيب والدخول إلى المؤسسات ثم الوصول الآن إلى قيادة الحكومة، ألا ترى أنه كان صائبا، وأنكم من كنتم مخطئين في التقدير؟ إذا كانت العبرة بالوصول إلى الحكم، فيمكنك القول إن مسار هؤلاء الإخوة كان صائبا، وإنْ كنتُ أعتقد أن مسألة الصواب والخطأ في مثل هذه الحالات تبقى نسبية، ليس لأن وصولهم حدث تاريخي ما زال في تفاعل من السابق لأوانه الحكم عليه بالنجاح أو الفشل، وإنما لأننا نجحنا أيضا في مسارنا في تطوير فكر وفعل الحركة الإسلامية المغربية وفي تأسيس تيار إسلامي ديمقراطي في بلادنا. هذا من جهة، ومن جهة أخرى أسألك أخي: إذا جمعت لك أربع حركات وأعطيتك قوقعة فارغة ولكن إمكانياتها كبيرة، وعرابا أو «ضامنا» تفتح له كل الأبواب، وسمح لك بالعمل الطبيعي، وكنت تتمتع بنفَس براغماتي وواقعي، ولديك مناضلون أوفياء ومخلصون لما يعتقدونه صوابا ومنضبطون تنظيميا، ألا تصل إلى ما وصلوا إليه؟ نحن لا نطلب من السلطة أن تساعدنا، بل أن ترفع يدها المحاصرة لنا وتتركنا نتواصل مع أمتنا بكل حرية، مسؤولة ومنضبطة بالقانون. - لو تم اتباع نموذجكم للوحدة بين الفصائل الإسلامية، ما هي النتيجة التي كان من المفترض أن تصل إليها الحركة الإسلامية المغربية اليوم.. هل كانت مكاسبها ستكون أحسن على مستوى الشارع والسلطة؟ ربما كانت مكاسبها على مستوى الشارع ستكون أحسن، ولكنها على مستوى السلطة كانت ستكون أكثر تعقيدا لأننا لن نقبل بالوصول إلى الحكم إلا بتحقيق مجموعة من الشروط على المستوى السياسي والدستوري والحقوقي. ودعني أقول إن الخير في ما اختاره الله، وكما يقول الحديث القدسي: «يا عبدي تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد». وعلى كلٍّ، لقد لعبنا دورنا الذي آمنا به واخترناه عن طواعية وقناعة. - الإسلاميون الذين اختلفتم معهم، وأساسا مجموعة العدالة والتنمية، هم يمتلكون الآن الشارع والسلطة، على العكس منكم أنتم: لا سلطة ولا جماهير.. هم صوت عليهم مليون مغربي من ضمن 35 مليونا، ومع ذلك سأسلم جدلا بأنهم يمتلكون الجماهير والحكم اليوم، ولكن بقاء التفاف الجماهير حولهم وبقاءهم في السلطة رهين بإنجازاتهم الميدانية. وللأسف الشديد، البداية غير مطمئنة. ولا تنس أخي قول الله سبحانه وتعالى: «وتلك الأيام نداولها بين الناس». ومن أعماق قلبي، أتمنى النجاح للحكومة الحالية لأني أرفض أن أؤسس مشروعي على إخفاقات الآخرين، أتمنى لهم التوفيق لنتنافس على الخير الذي قال فيه الباري عز وجل: «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون». - هل يمكن القول إن طرحكم ومشروعكم بقي نخبويا ولم تستوعبه الجماهير؟ أي طرح كيفما كان، لا يمكن أن يكون إلا نخبويا في بدايته، ولكن القول بأن الجماهير لم تستطع استيعاب طرحنا هو احتقار للجماهير، لأن هاته الأخيرة تمتلك من الذكاء ما يمكنها من معرفة وتمييز الخطاب الصادق من الكاذب شرط أن تتعرف عليه وتستمع إليه. صوتنا ظل مبحوحا محاصرا، لا أحد يسمعه إلا النخب وقراء الجرائد بين الفينة والأخرى. نحن لم ننجح في الوصول إلى الجماهير بسبب الحصار الذي مورس علينا؛ فالإمكانيات التي يتيحها العمل العلني غير تلك التي يمنحها العمل السري.. العمل العلني يمكنك من الحصول على مقرات والقيام بأنشطة والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، أي أنه يمكنك من الاحتكاك بالجماهير، ونظرا إلى أن الدولة لم تكن لتسمح لنا بذلك فقد كانت تحركاتنا محدودة بالمقارنة مع الفرقاء الآخرين. وصدقني، حينما حصلنا على وصل الإيداع القانوني في يوليوز 2005 انتقلنا بين شتنبر 2006 وشتنبر 2007 إلى خمسة وثلاثين مكتبا جهويا وإقليميا في كل جهات المملكة. هذا لا يعني أننا لم نقصر في علاقتنا بالجماهير وفي ما يتعلق بهموم المواطن العادي، فالاعتراف بالخطأ فضيلة.