سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الحميد أمين: لن نرحل عن النقابة وسنبقى «بت نبت» حتى يرحل المفسدون قال ل« المساء »: البيروقراطية المفسدة في الاتحاد المغربي للشغل بدأت منذ استولى المحجوب بن الصديق على الكتابة العامة
قال عبد الحميد أمين، القيادي في حزب النهج والمسؤول النقابي «المطرود» من نقابة الاتحاد المغربي للشغل، في هذا الحوار مع «المساء» إن النقابة تشهد «صراعا ضاريا بين الديمقراطيين المناهضين للفساد والبيروقراطية المفسدة المتنفذة في قيادتها»، مشيرا إلى أن مطالبة المغضوب عليهم داخل النقابة ب«الكشف عن حساباتها سرعت بانطلاق المخطط التآمري ضدنا»، مضيفا أنه يجب أن يتم طرح سؤال «من أين لك هذا؟» على بعض النقابيين الذين كانوا مجرد أجراء بسطاء وأصبحوا مليارديرات. - ماذا يجري في أم النقابات، منذ نشر تحقيق «المساء» حول «تعايش النضال والاختلال» بالاتحاد المغربي للشغل؟ تضمن تحقيق جريدة «المساء»، الذي نشر بتاريخ 23 فبراير 2012، بعض نماذج الفساد والريع النقابي داخل الاتحاد. كما تضمن نماذج لبعض الممارسات البيروقراطية المنافية للديمقراطية، التي يجب أن لا تسود داخل مركزية نقابية عمالية. وما جاء به هذا التحقيق لم يكن جديدا بالنسبة للمناضلين والمناضلات الديمقراطيين، ولا بالنسبة للبيروقراطية، حيث سبق نشر تلك المعطيات هنا وهناك بصفة متفرقة، بالاعتماد أساسا على تقارير سبق وضعها من طرف المفتشية العامة للمالية أو المجلس الأعلى للحسابات أو جمعية فرنسا الحريات. لكن جانب الإثارة في التحقيق هو طريقة تقديم المعطيات والمزج بين الوجهين المتعايشين داخل نفس المركزية: البيروقراطية والفساد من جهة، والمواقف الإيجابية للمركزية، بل النضالات التي يتم خوضها باستمرار من طرف تنظيمات المركزية من جهة أخرى. وقد أثار هذا التحقيق غضب البيروقراطية المفسدة المتنفذة في قيادة الاتحاد، وهو ما دفعها إلى تجييش مناصريها داخل اللجنة الإدارية وفي الاتحادات المحلية والجامعات الوطنية الموالية لها. وفي هذا الإطار تمت الدعوة إلى اجتماع اللجنة الإدارية للاتحاد في دورتها الرابعة بعد المؤتمر يوم 05 مارس 2012. وداخل الأمانة الوطنية، الجهاز التنفيذي للمركزية، كانت النقاشات هادئة وتم التحضير لاجتماع اللجنة الإدارية بشكل روتيني، وكان جدول أعمال اللجنة الإدارية الرسمي عاديا يتضمن تقريرا عن الأوضاع النقابية وعن أنشطة الاتحاد منذ اجتماع المجلس الوطني لشهر دجنبر 2011 وبرنامج العمل بالنسبة للأشهر القادمة، خاصة في مجال التنظيم الذي ظل يعرف اختلالات كبيرة نتيجة عدم تطبيق المقرر التنظيمي الصادر عن المؤتمر العاشر للاتحاد المنعقد في دجنبر 2010. وبالموازاة مع التحضير العادي للجنة الإدارية، كانت الاستعدادات على قدم وساق لتجييش مناصري البيروقراطية المفسدة حتى يصبح اجتماع اللجنة الإدارية مناسبة لمحاكمة التوجه الديمقراطي داخل المركزية بعد تحميله مسؤولية ما نشر في تحقيق «المساء» ومناسبة لانطلاق المخطط التآمري الهادف إلى القضاء على التوجه الديمقراطي المناهض للفساد داخل المركزية. - كيف بدأ هذا المخطط, وماذا كانت انعكاساته على ماوصفته ب«التوجه الديمقراطي داخل المركزية? منذ انطلاق اجتماع اللجنة الإدارية ليوم 05 مارس، تم تغيير جدول الأعمال الذي أصبح يتضمن عمليا نقطة واحدة: مقال «المساء» وتداعياته. وقد انقسمت اللجنة الإدارية إلى اتجاهين أساسيين: الاتجاه الأول، الذي كان هو السائد عدديا، اعتبر أن المسؤولية عن مقال «المساء» تتحملها العناصر النقابية المرتبطة بحزب النهج الديمقراطي، الذي اتهم بالسيطرة على الاتحاد الجهوي بالرباط، وبالعمل على السيطرة على المركزية ككل. وتبعا لذلك طالب بحل جميع أجهزة الاتحاد الجهوي للرباط، سلا، تمارة، وطرد عدد من القياديين أو تقديمهم أمام لجنة تأديبية. الاتجاه الثاني، الذي سبق أن تحفظ على تغيير جدول أعمال الاجتماع، اعتبر أن تحقيق «المساء» يدخل في إطار حرية الصحافة، وأن بإمكان المتضررين منه أن يراسلوا الجريدة لتصحيح المعطيات التي يعتبرونها خاطئة، بل من حقهم أن يقوموا برفع دعوى قضائية ضد الجريدة إذا اعتبروا أن التقرير فيه افتراءات وأنه أساء إليهم. وكانت خلاصة اجتماع اللجنة الإدارية، مفجعة ومنافية للقانون الأساسي للمركزية، حيث تقرر حل جميع أجهزة الاتحاد الجهوي لنقابات الرباط، سلا، تمارة، وهي الأجهزة التي انتخبها آخر مؤتمر عقده الاتحاد الجهوي، واستبدالها بلجنة للتسيير مكونة من 12 عضوا لم يتداول أي أحد قبل ذلك حولهم، بل منهم من فوجئ باسمه داخلها. وقد تم وضع هذه اللجنة لدى السلطة المحلية بالرباط، التي سلمتها وصل الإيداع القانوني وكأنها مكتب جهوي شرعي، ثم اتخاذ قرار بطرد عبد السلام أديب، الكاتب العام للنقابة الوطنية للمالية، وتقديم عبد الله لفناتسة، عضو اللجنة الإدارية للاتحاد المغربي للشغل، أمام لجنة تأديبية. مع هذه الخلاصة، فهمنا أنه شرع في تنفيذ مخطط تآمري ضد التوجه الديمقراطي داخل المركزية، وأن الهجمة على تحقيق «المساء» كانت مجرد ذريعة لتبرير الشروع في تنفيذ المخطط المشؤوم. - ما الذي وقع بعد ذلك? كل ما وقع بعد ذلك داخل المركزية كان مجرد تنزيل للمخطط التآمري، الذي بدأ يتجسد فعليا على أرض الواقع من خلال إغلاق مقر الاتحاد الجهوي بالرباط منذ 09 مارس إلى الآن في وجه القطاعات والمناضلين الديمقراطيين، وعقد مهرجان خطابي يوم 13 ماي بالمقر، سُمي مؤتمرا جهويا انبثق عنه مكتب لا شرعي لأن جل القطاعات والمناضلين منعوا من دخول المقر. إضافة إلى مبادرة وإشراف العناصر البيروقراطية المتنفذة في الأمانة الوطنية على تقسيم عدد من القطاعات والاتحادات المحلية. هكذا أصبح لدينا نتيجة هذا التصرف اللامسؤول مكتبان جهويان للاتحاد الجهوي بالرباطسلاتمارة، ومكتبان محليان للاتحاد المحلي بتازة، ومكتبان وطنيان لكل من الجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين. ولحسن حظ المركزية أن جميع المكاتب الموالية للبيروقراطية لا تمثل إلا أصحاب المصالح وهي آخذة في التفكك، في حين أن المكاتب المرتبطة بالاتجاه الديمقراطي تحظى بمشروعية ديمقراطية مؤكدة، علاوة على مواصلتها قيادة النضالات النقابية، رغم كل المعوقات. - تتحدثون عن الفساد والريع بمركزية بن الصديق، ألم تكونوا على علم بهذا الفساد قبل أن تنفجر المواجهة؟ فلماذا سكتم عليه طيلة عقود؟ معرفتنا بالبيروقراطية وأساليبها اللاديمقراطية، ومعرفتنا بالفساد المرتبط بالريع النقابي ليست جديدة، وإن كان هناك تفاوت في درجة هذه المعرفة بين الوجه الأول والوجه الثاني. شخصيا كنت أعرف جيدا الممارسات البيروقراطية، سواء من خلال تجربتي المباشرة أو من خلال اطلاعي على تجارب الآخرين. من لا يعرف أن الاتحاد المغربي للشغل انتخب عند تأسيسه القائد النقابي الطيب بن بوعزة كاتبا عاما للمركزية؟ إلا أن المحجوب بن الصديق زيف الواقع ونصب نفسه كاتبا عاما للاتحاد. البيروقراطية انطلقت إذن في أبشع مظاهرها منذ البداية. وأنا شخصيا عشتها في اجتماعات المجالس الوطنية، من خلال مشاركاتي في المؤتمر الثامن (1989) والمؤتمر التاسع (1995)، وعشتها في الرباط عن قرب وبدقة قبل المؤتمر العاشر (يناير 2002)، الذي مكن الديمقراطيين من الوصول إلى قيادة الاتحاد الجهوي. كما عشت البيروقراطية بشكل حميمي من خلال الاضطهاد الذي عشته سنة 2005 وعاشه العديد من الديمقراطيين بعد أن وجهت رسالة يوم 20 فبراير 2005 إلى المحجوب بن الصديق بصفته أمينًا عامًا للاتحاد أطالبه فيها باتخاذ التدابير لعقد المؤتمر العاشر بعد أن مرت آنذاك 10 سنوات عن انعقاد المؤتمر التاسع. لم نكن نصمت على الممارسات البيروقراطية، إنما كنا نواجهها بالأسلوب الملائم. فمن جهة كنا ننتقدها بالأسلوب الذي يفوت على البيروقراطيين فرصة عزلنا، ومن جهة ثانية كنا نعمل على بناء تنظيمات نقابية ديمقراطية تشكل جزرا للديمقراطية داخل الاتحاد. وكانت أولى هذه الجزر الديمقراطية الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، ثم الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، بعد ذلك تم تشييد جزيرة ديمقراطية أخرى في جهة الرباطسلاتمارة، تلاها بناء الاتحاد النقابي للموظفين, ثم الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية، ثم العديد من فروع الجامعة الوطنية للتعليم وبعض الاتحادات المحلية مثل خريبكة وتازة وقلعة السراغنة والرشيدية والخميسات (التي تم تدبير انقلاب ضدها في 2005) والشاون وتارودانت وتاونات... ومن جهة ثالثة كنا في إطار التكوين النقابي نعطي أهمية خاصة لترسيخ الثقافة التنظيمية الديمقراطية داخل المركزية والتي تعد النقيض للمسلكيات البيروقراطية السائدة. أما فيما يخص الفساد، فكانت معلوماتنا شحيحة في هذا المجال، ولم تكن لنا ملفات دقيقة للتصدي من خلالها لكبار المفسدين. ما كنا نعرفه هو غياب تقارير مالية وتستر الأمانة الوطنية بقيادة المحجوب بن الصديق وكذا الأمانات المحلية والقطاعية عن الجانب المالي في حياة المنظمة. لم نكن نسكت إطلاقا عن مظاهر الريع النقابي والفساد المالي داخل المركزية. ويكفي أن نشير هنا إلى دورنا كديمقراطيين داخل المؤتمر الوطني العاشر للمركزية، حيث ضغطنا من أجل استصدار توصية لإحصاء ممتلكات الاتحاد والعمل على استرجاعها للمنظمة، وهي التوصية التي لم تطبق لحد الآن. ويكفي أن نشير كذلك إلى أننا بصفتنا ديمقراطيين ضغطنا في بداية هذه السنة، وقبل نشر تحقيق «المساء» بمدة وجيزة، من أجل وضع تقرير حول مالية الاتحاد منذ المؤتمر العاشر، خاصة أن الأمانة الوطنية الحالية التي نحن جزء منها هي المسؤولة عن التدبير المالي ولا يمكن التذرع بممارسات الأمين السابق في هذا المجال. وقد يكون إلحاحنا على التقرير المالي هو النقطة التي أفاضت الكأس بالنسبة للمفسدين وسرّعت بانطلاق المخطط التآمري ضد الديمقراطيين داخل المركزية، لأن البيروقراطية المفسدة لا تقوى نهائيا على كشف حسابات الاتحاد، سواء تعلق الأمر بمبيعات بطائق الانخراط والمداخيل المترتبة عنها أو بالمداخيل الأخرى، ومنها الدعم المالي للدولة والمشاريع المنجزة مع الفرقاء، أو تعلق الأمر بالمصاريف. وإنني هنا أتحدى أمين مالية الاتحاد أن يكشف مثلا عن عدد بطائق الانخراط التي تم توزيعها سنة 2011 (أول سنة بعد المؤتمر العاشر) وعن مداخيلها المالية! - ألا تخفي هذه الأزمة مواجهة خفية بين النهج الديمقراطي وبعض اليسار مع المجموعة النافذة في الاتحاد حول قيادة المركزية؟ هناك خلاف قديم لازال مستمرا لحد الآن داخل المركزية بين الديمقراطيين المناهضين للفساد والبيروقراطية المفسدة المتنفذة في قيادتها. وهذا الخلاف يتمحور حول إشكال الغاية من العمل النقابي: خدمة الطبقة العاملة أو استخدامها؟ هل يكون العمل النقابي في خدمة المصالح النقابية المباشرة (تحسين أوضاع الطبقة العاملة في ظل الأوضاع المجتمعية الراهنة)، والمصالح البعيدة المتجسدة في القضاء على الاستغلال، وهو جوهر ويلات الطبقة العاملة؟ أم يكون العمل النقابي في خدمة المصالح الخاصة والضيقة؟ طبعا الجواب يختلف جوهريا عندما ننتقل من البيروقراطية المفسدة إلى الديمقراطيين المناهضين للفساد. ثم هناك خلاف حول مبادئ الاتحاد، حيث هناك داخل المركزية من يحصرها في ثلاثة (الوحدة والاستقلالية والديمقراطية) وهناك من يحصرها في ستة، بإضافة الجماهيرية والتضامن والتقدمية للمبادئ الثلاثة السابقة. ولحسن الحظ أن المؤتمر العاشر حسم هذا النقاش لصالح الاتجاه الثاني. وهناك كذلك خلافات حول مواقف سياسية، يمكن أن نذكر على سبيل المثال من بينها ما وقع في الأشهر الأولى من سنة 2011، خاصة بعد انطلاق حركة 20 فبراير المجيدة. الصراع تمحور حول مدى الدعم الذي يجب تقديمه للحركة. فبينما كان الاتجاه التقدمي في الأمانة الوطنية يدفع نحو الدعم الصريح للحركة، بل المشاركة الفاعلة في تظاهراتها، على غرار ما وقع في تونس الشقيقة التي لعب فيها الاتحاد العام للعمال للتونسيين دورا أساسيا في دعم الثورة البوعزيزية، ظل الاتجاه المحافظ في الأمانة الوطنية يعارض الدعم الصريح والعملي للحركة. وقد وصلنا إلى حل وسط هو الدعم المبدئي لحركة 20 فبراير (تم التعبير عنه في بلاغ 22 فبراير للأمانة الوطنية) مع ترك الصلاحيات للاتحادات المحلية وللجامعات لاتخاذ الموقف الذي تراه مناسبا. ومع الأسف، نرى الآن، وبعد الردة التي تعرفها المركزية منذ 05 مارس 2012، أن الأمانة الوطنية أسقطت حركة 20 فبراير من انشغالاتها. تمحور الصراع كذلك حول الموقف من الدستور المعدل المطروح لاستفتاء فاتح يوليوز 2011، حيث طالبنا، نحن أعضاء الأمانة الوطنية الثلاثة الذين سيتم الإعلان عن طردهم في 22 مارس 2012، بترك الحرية لأعضاء مركزيتنا بشأن اتخاذ الموقف المنسجم مع قناعاتهم السياسية، وهذا ما جرى به العمل بالنسبة لمشروعي تعديل الدستور لسنتي 1992 و1996، وقد فرض الجناح المحافظ في الأمانة الوطنية على المركزية ككل أن تتخذ موقف التصويت بنعم على الدستور المعدل. كما أن الصراع بين الجناحين داخل المركزية تمحور حول تنزيل نتائج المؤتمر الوطني العاشر للاتحاد، الذي قرر من خلال المقرر التنظيمي إعطاء أهمية خاصة للتنظيم وللثقافة التنظيمية الديمقراطية. وقد كنا كاتجاه ديمقراطي داخل الأمانة وداخل اللجنة الإدارية نلح على الإسراع بتطبيق البرنامج التنظيمي، في حين ظل الجناح المحافظ يعرقل هذه العملية إلى حين ترتيب الأوراق لقطع الطريق على التوجه الديمقراطي. وهذا ما وقع بالفعل بالنسبة لعقد مؤتمري الاتحاد الجهوي بالرباط، سلا، تمارة، والجامعة الوطنية للتعليم. أكثر من ذلك، تم تجميد دائرة التنظيم بعد تشكيلها، وبعد أن شرعت في اجتماعاتها بشكل لم يكن يرضي الاتجاه السائد داخل الأمانة الوطنية. - أين قيادة المركزية من كل ذلك? إن الخلافات قائمة بين الديمقراطيين ومن ضمنهم أعضاء النهج الديمقراطي والبيروقراطيين منذ زمان، وقد امتدت هذه الخلافات بعد انطلاق حركة 20 فبراير. لكننا كديمقراطيين لم يكن أبدا في جدول أعمالنا السيطرة على قيادة المركزية، كما ورد في سؤالكم، لسبب بسيط هو أن الظروف العامة بالبلاد لا تسمح بذلك. إن هدفنا الأسمى والبعيد هو طبعا تحرير الحركة النقابية لتشتغل على أسس المبادئ الستة الواردة في ديباجة القانون الأساسي للاتحاد، وعلى أساس شعار «خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها». ونحن في النهج الديمقراطي وأنا بالمناسبة أعتز بانتمائي لهذا الحزب المناضل الذي قدم تضحيات جسام من أجل وطننا وشعبنا والطبقة العاملة والاتحاد المغربي للشغل سواء في الماضي في إطار منظمة إلى الأمام أو حاليا في إطار عمله الشرعي رغم مواقفنا السياسية الواضحة من الأوضاع، لا نطمح إلى السيطرة على قيادة المركزية، وإن كنا نقبل بالمشاركة فيها من موقع الأقلية، لأننا واقعيون وندرك أن الشروط غير مناسبة، ونعرف أن سيطرتنا على قيادة المركزية، على حد تعبيركم، ستسيء للمركزية لأنها في هذه الحالة ستؤلب ضدها المخزن وكل أعداء الطبقة العاملة، وهذا ما نسعى لتفاديه قبل أي كان. - نشهد فك الارتباط على مستوى القانون الأساسي من طرف الاتحاد النقابي للموظفين والجامعة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية مع المركزية. فماذا تقصدون بفك الارتباط مع المركزية الأم؟ وهل سنشهد ميلاد مركزية جديدة؟ أنا لا أفكر أبدا في المساهمة في تأسيس مركزية نقابية جديدة. فأنا شخصيا ناضلت وسأستمر في النضال من أجل الوحدة النقابية في إطار مركزية نقابية عمالية واحدة. وقد كنت من خلال كتاباتي وممارستي من أشد المنتقدين للتقسيم النقابي ببلادنا، لأن ذلك هو الذي أضعف الحركة النقابية ككل، ومكن من الإجهاز على العديد من مكاسبها، وعطل تحقيق العديد من مطالبها الأساسية. ويوم 05 مارس أثناء اجتماع اللجنة الإدارية وعلى ضوء قراراتها المشؤومة صرخت وأنا في منصة التسيير في وجه الجميع بما مفاده : «مخطئ وواهم من يظن أنه بالتضييق علينا وباضطهادنا سيدفعنا إلى الخروج من الاتحاد المغربي للشغل، إننا سنظل مناضلين داخل الاتحاد وشعارنا هو «بت نبت، إنا هنا مناضلون، وعهد الله ما نرحل» وأضفت «إننا كمناضلين ومناضلات لنا شعار آخر في العمل الجماهيري، وهو أن «ماشي الخايب اللي غادي يجري على المزيان، بل المزيان هو اللي غادي يجري على الخايب». أليس هذا منتهى الوضوح؟ وهنا تفطنت البيروقراطية المفسدة لعزيمتنا على البقاء داخل الاتحاد المغربي للشغل مهما كانت المضايقات والتضحيات، ولهذا بدأت تعمل، بتعاون مع السلطات المخزنية المتواطئة معها، على جعلنا من الناحية القانونية والعملية في وضعية هشة لا تسمح لنا باستعمال مقرات الاتحاد، ولا تسمح لنا بالتفاوض لما فيه مصلحة الفئات المنظمة في القطاعات والاتحادات المحلية الديمقراطية، ولا تسمح لنا بالترشح لانتخابات مندوبي الأجراء وممثلي الموظفين والمستخدمين في اللجان الثنائية. وكانت وسيلتها لبلوغ هذه الغاية هي التقسيم من فوق، التقسيم الذي تشرف عليه العناصر الاستئصالية داخل الأمانة الوطنية، وهكذا بادرت البيروقراطية التقسيمية إلى عقد اجتماعات و»مؤتمرات» لتشكيل مكاتب موالية لها تحظى بدعم السلطات المخزنية التي سلمتها وصول الإيداع القانونية بسرعة فائقة. وهذا ما وقع في الاتحادين الجهويين بالرباط وتازة، وما وقع بالنسبة لقطاعات التعليم والجماعات المحلية والاتحاد النقابي للموظفين وما يخطط له بالنسبة للقطاع الفلاحي ولقطاعات أخرى. إن ما يقع في مركزيتنا شيء غريب، فبينما جرت العادة أن يبادر إلى التقسيم ضحايا الممارسات اللاديمقراطية، نلاحظ أن البيروقراطية المتنفذة في الاتحاد هي التي تبادر إلى التقسيم من أجل تحصين مواقعها والدفاع عن مصالحها الضيقة، عابثة بوحدة المنظمة، بعد أن عبثت بمبادئ الاستقلالية مع اصطفافها إلى جانب الباطرونا والسلطات المخزنية والديمقراطية والتقدمية. - لكن, بماذا واجهتم كل ذلك? أشير إلى أننا أمام الممارسات التقسيمية من فوق للبيروقراطية وما ترتب عنها من هشاشة لمواقعنا، ونظرا لتشبثنا بمركزيتنا، فقد أبدعنا الحل المناسب، وقد كانت الجامعة الوطنية للتعليم هي صاحبة هذا الإبداع، حيث اتخذت أثناء مؤتمرها الشرعي العاشر، الذي انعقد بالرباط يومي 5 و6 ماي 2012، قرارا «بفك الارتباط مؤقتا على مستوى القانون الأساسي مع المركزية لتعزيز موقعها في الصراع ضد البيروقراطية المفسدة وخلق شروط فرض احترام الديمقراطية الداخلية كأساس لوحدة القطاع». إن فك الارتباط يعني فقط أنه بدل أن يكون انتماؤنا للمركزية متضمنا في القانون الأساسي للتنظيم القطاعي، يتم ذلك على مستوى آخر متحكم فيه المبادئ المشتركة، وثائق المؤتمر، قرارات اللجنة ألإدارية لا يسمح للبيروقراطية باستعمال الممارسات القانونية البلطجية التي تعودت عليها لخنق التنظيم القطاعي ووضعه تحت رحمتها. ولا بد للإشارة إلى أن إجراء فك الارتباط يظل مؤقتا، فبمجرد جنوح البيروقراطية لاحترام قوانين المركزية وقوانين التنظيمات القطاعية سيتم العودة للوضعية السابقة. ومهما يكن من أمر، فرغم فك الارتباط على مستوى القانون الأساسي القطاعي، تظل هذه القطاعات جزءا لا يتجزأ من الاتحاد المغربي للشغل. إن هذا القرار تطلب كثيرا من الجهد لاستيعابه من طرف المناضلين، الذين أيقنوا في الأخير أنه يخدم التشبث بالوحدة داخل الاتحاد، ويمكن من التصدي للبيروقراطية المفسدة داخل القطاع ولمناصريها في الأمانة الوطنية.
هناك نقابيون تحولوا من مجرد أجراء بسطاء إلى مليارديرات - كيف تنظرون إلى متابعة نقابيين من الاتحاد المغربي للشغل في قضية ما يعرف بكوماناف؟ بداية أريد التأكيد على أن النقابيين، وخاصة المسؤولين منهم، ليسوا منزهين عن الخطأ، بل إن بعضهم ارتكب جرائم حقيقية عبر استغلال موقعهم ونفوذهم النقابي. كيف يمكن أن نفسر أن بعض النقابيين الذين كانوا مجرد أجراء بسطاء أصبحوا مليارديرات؟ لماذا لا يطرح عليهم سؤال: «من أين لك هذا؟»، ولماذا نجد أن بعض أفراد عائلاتهم يتقاضون الملايين شهريا؟ ولماذا صمتت السلطات وتواطأت في هذا المجال؟ ولماذا لم تتابع السلطات القضائية ما نشر في تحقيق جريدة «المساء» ليوم 23 فبراير 2012؟ وما مآل الحقائق المنشورة في جريدة «المساء» ليوم 24 يوليوز، والتي كشف عنها القيادي السابق في الاتحاد السيد حسن البزوي؟ أنا لست من أصحاب «أنصر أخاك (النقابي) ظالما أو مظلوما»؛ بل بالعكس أنا مع فضح النقابيين المفسدين قبل غيرهم من المفسدين لأنهم يحملون أمانة الدفاع عن الطبقة العاملة. والفساد النقابي جريمة أبشع من أي فساد آخر لأنه يتم على حساب المستضعفين، الذين وضعوا ثقتهم في المسؤول النقابي. هذه أشياء عامة كنت أود طرحها قبل الجواب مباشرة عن سؤالكم. وبالنسبة للأخوين المعتقلين سعيد الحيرش ومحمد الشمشاطي، لا أتوفر على المعطيات الكافية لاتخاذ موقف واضح. فالبلاغ الصادر عن الأمانة الوطنية ظل غامضا، كما أن عضوي الأمانة اللذين كانا يتتبعان عن كثب الحركة النقابية في الموانئ لم يدليا بأي تصريح، ونحن في انتظار الحقيقة التي يجب أن تأتي سواء