سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أطفال الأحياء الشعبية بفاس يحولون النافورات إلى شواطئ اصطناعية المجلس الجماعي وعد الفقراء بالشاطئ والمنطقة المقترحة تحولت إلى تجزئات للمنعشين العقاريين
لا يجد المئات من أطفال الأحياء الشعبية بمدينة فاس، في فصل الصيف، سوى الارتماء في النافورات التي أحدثها المجلس الجماعي للمدينة بعدد من الشوارع، أو السباحة في وديان معروفة بكونها من الوديان التي تختلط فيها الكثير من مياه قنوات الصرف الصحي بالمياه الصالحة للاستعمال. الطفل عبد المجيد يترقب خلو جانب من شارع الحسن الثاني بوسط المدينة من وسائل النقل، ليقطعه، قبل أن يتوجه نحو النافورة التي تحولت إلى مسبح مفتوح لأطفال فقراء المدينة، ممن لا يجدون الإمكانيات المادية للسفر نحو المدن الساحلية، حيث البحر، هربا من درجة الحرارة المرتفعة التي تعرفها مدينة فاس، في الآونة الأخيرة، كما تفعل الأسر الميسورة والتي تفضل عادة التوجه نحو مدن الشمال، ومنها بالخصوص مدينة تطوان. ويضطر هذا الطفل البالغ من العمر حوالي 13 سنة إلى قطع مسافة طويلة مشيا على الأقدام للوصول من حيه بمنطقة باب فتوح إلى هذه النافورة، كما يقول، رفقة أعضاء من مجموعة تتكون من خمسة أطفال يستمتعون بالارتماء في هذه النافورة التي شيدها المقاول ورئيس غرفة التجارة والصناعة التقليدية لفائدة المجلس الجماعي لتزيين واجهة المدينة، قبل أن تتحول في عز كل صيف إلى شاطئ مفتوح لأطفال الفقراء. وفي غياب أي مسابح بلدية في هذه المدينة المحسوبة على مدن الداخل، فإن العديد من أسر الفئات المتوسطة تفضل التوجه إلى مسابح خاصة (حوالي 3 مسابح) تم إنشاؤها في مخرج المدينة. وتعرف جل هذه المسابح إقبالا كبيرا للأسر المتوسطة، لكن ارتفاع تذكرة الولوج إليها، وغلاء أسعار الاستهلاك بها يمنع المئات من الأسر بالمدينة من الاقتراب منها. الطفل سمير الذي يبلغ من العمر 12 سنة يورد بأنه يسمع عن هذه المسابح، ويعرف عن أماكن تواجدها، لكنه لا يستطيع الذهاب إليها نظرا لعدم توفره على المال الكافي لذلك. فتذكرة الكبار في أحد هذه المسابح محددة في 75 درهما، وتذكرة الصغار في 35 درهما، ما يعني أن الأسر ذات الدخل المحدود سيكون من الصعب عليها أن تصل إلى هذا المسبح الذي يتطلب علاوة على أثمنة التذكرة التوفر على وسيلة نقل، أو أداء ثمن إضافي لسيارة أجرة. بين الفينة والأخرى، يتعرض الأطفال في نافورات المدينة لحملات طرد من قبل أعوان المجلس الجماعي المكلفين بمراقبتها. لذلك، فإن سمير وعبد المجيد عليهما أيضا أن ينتبها، وهما يغطسان في مياهها، إلى هؤلاء العمال. وفي الضواحي، تسجل حالات كثيرة لغرق الأطفال في السدود والوديان. وتحطم ضواحي تاونات، ومنها القريبة من فاس، الرقم القياسي في غرق الأطفال في كل موسم صيف. كما أن السد المجاور لحي عوينات الحجاج الشعبي يعرف حالات غرق أطفال في كل موسم صيف، بسبب كونه غير صالح للسباحة، ويعرف بأوحاله التي تصعب مهمة إنقاذ الطفل في حالة الغرق من قبل عناصر الوقاية المدنية. وسجل هذا السد حالات غرق لم ينتشل ضحاياها إلا بعد مرور عدة أيام على الحادث. ولا تزال ساكنة حي المرينيين، وهو من أكبر الأحياء الشعبية بالمدينة، تتذكر فاجعة غرق طفل يبلغ من العمر 14 سنة، وهو يسبح في بركة مياه عادمة عبارة عن تجمع لمياه التساقطات ومياه الصرف الصحي بحافة مولاي ادريس. وتزامن هذا الغرق والاحتجاجات مع انخراط نخبة المدينة ومسؤوليها في فقرات أمسيات مهرجان الموسيقى الروحية، والتي تقدم في فضاء مغلق بباب الماكينة بالمدينة العتيقة. واستغرق إنقاذ الطفل المسمى قيد حياته مراد ساعات طويلة نظرا لنقص تجربة رجال الوقاية في الغطس، وعمق البركة المحدد في 8 أمتار والتي علق فيها الطفل المتوفى بسبب الأوحال. وكان رجال الوقاية وقتها على موعد مع حادث غرق آخر ويتعلق بغرق محامي وعون قضائي في واد إناون بضواحي تاونات. عمدة فاس، الاستقلالي المثير للجدل والذي يتنافس مع عبد الواحد الفاسي على منصب الأمين العام للحزب، سبق له أن وعد الساكنة بأنه سيشيد لهم شاطئا اصطناعيا. وحدد موعد الاستمتاع بمياه هذا الشاطئ ودفئه في سنة 2009. الآن مرت حوالي 3 سنوات على الموعد المحدد، لكن الشاطئ لم يظهر له أثر، والأشغال لم تنطلق بعد، فيما منطقة واد فاس التي قدمت على أنها ستحول إلى بحر اصطناعي في فاس قد تحولت إلى قطع أرضية حولها المنعشون العقاريون إلى تجزئات لتشييد مبان سكنية وتجارية. الاستقلالي شباط، وهو يقدم شاطئه الاصطناعي قال إن الهدف من تشييده سيكون هو تمكين فقراء المدينة وأبنائهم من شاطئ اصطناعي، لقضاء عطلة صيف ممتعة تماما كما يقضيها الأغنياء وأبناؤهم. لكن فقراء المدينة لم يجدوا أمامهم سوى نافورات المجلس ووادي ظهر المهراز وواد الجواهر للاصطياف، والهروب من أشعة الشمس الحارقة.