لا حديث في أوساط الوفود الرياضية في جدة إلا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي لا يمر يوم دون أن نقرأ في صفحات الجرائد السعودية خبرا عن خرجاتها، رغم أن الهيئة اختزلت عملها في النساء والخمر، واكتفت بالنهي عن المنكر دون الأمر بالمعروف الذي يتجاوز حدود اعتقال فتاة في وضعية مخلة بالحياء أو شخص في حالة سكر أو حتى طفلة وضعت على أظافرها طلاءً قيل إنه مهيِّج، إلى أعمال الخير ومحاربة كل أشكال الفساد؛ وهو دور يشبه، إلى حد بعيد، دور شرطة الآداب في كثير من الدول العربية، حيث يقتصر نشاطها على مداهمة أوكار الرذيلة. على امتداد مجريات دورة كأس العرب، ظل شبح هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يخيم على حل وترحال الوفود العربية، لذا تحرص المسؤولة عن اللوجستيك في البعثة المغربية على المكوث في الفندق وعدم متابعة الحصص التدريبية والمباريات لأنها لا تملك عباية ولأن سراويل الجينز النسوية محظورة في السعودية. والأغرب في كل هذا تدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيقافها حفلا ساهرا في بهو فندق «رمادا» بمحافظة الطائف، مقر سكن وإقامة بعض المنتخبات العربية المشاركة في بطولة كأس العرب. رغم أن فرع الهيئة في مكة قال إن التدخل جاء بعد أن تبين لأفراد الهيئة وجود حالة رقص وغناء في مكان عام أغلقت فيه الطريق أمام العائلات وأبدت فيه عناصر المنتخبات، على حد تعبير بيان الهيئة، أفعالا غير لائقة، دون أن يتم احتجاز أي لاعب بتهمة الرقص في دورة رياضية. وفي يوم افتتاح دورة كأس العرب، أعلنت الهيئة عن اعتقال مضيفة طيران مغربية رفقة زميل لها -سعودي الجنسية- في إحدى الشقق بجدة، وكانا في وضعية «طائرة»، مما أثر على معنويات طاقم الخطوط الجوية الذي يشكل نسبة كبيرة من جمهور يمكن أن تعده عن بعد. أمام هذا الوضع، أصبح المدرب إيريك غيريتس مهددا بمداهمة الهيئة في مقر إقامته وتقديمه بتهمة إهدار المال العام للشعب المغربي. أعضاء جامعة الكرة في المغرب خائفون حائرون يتساءلون عما إذا كانت لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اختصاصات رياضية بعد أن منعت رقصا شاردا للاعبين عرب في الطائف، وقررت الضرب ب«مينوط» من حديد على كل من تعدى الحدود المسموح بها، لأن من تعدى حدود الله فقد ظلم نفسه، لكن ألا يعتبر راتب غيريتس فسادا يستحق مداهمة الهيئة وتفتيش أرصدته، وإلزامه بأداء الزكاة على هذا الراتب الدسم الذي قال عنه صحفي يمني من جريدة «الثورة» في عَدَن إنه يوازي المساعدات المالية التي تقدمها المنظمات الحكومية وغير الحكومية ليمن غير سعيد.