الآن وبعد وقوع أكثر من 15 ألف ضحية، ونزوح أكثر من مليون إلى داخل البلد، وعشرات الآلاف إلى الخارج، وكأن المجتمع الدولي والعربي يتآمر على الشعب السوري، يواجه السوريون حلفا غير مقدس في وجههم من عيون معقوفة صينية ومافيا روسية تهرب السلاح لنظام بائد مع بنات دعارة لإفساد ما أمكن من شباب كريم، حلف هو أشبه بسور يأجوج ومأجوج، فهل ينجحون في جعله دكا وكان وعد ربي حقا. يقول التقرير مع كل هذا العنف في احتواء الثورة وسحقها أو حسب التعليمات التي صدرت من الأسد الصغير: اسحقوا الانتفاضة بأي طريقة، فإن الثورة تزداد اشتعالا والانشقاقات لا تتوقف من الجيش لتكوين جيش سوريا الوطني المستقبلي. يقول التقرير إن الإعلان عن انتخابات في 7 ماي 2012م لا تزيد على كذبة كبيرة لا يصدقها حتى أتباع النظام، فهي من فبركة رجال المخابرات، ولكن لا بد منها من أجل الديكور المعمول به منذ أربعين عاما. إن الوضع في سوريا هو مزرعة لعائلة الأسد بكلمة مختصرة، أما الغابة البعثية فهي ثلاث كلمات: أسد وغابة وعصابة. كل الأرزاق وكل الصفقات المشبوهة والمعلنة كلها يجب أن تمر عن طريق عائلة الأسد. وحسب المعلومات الواردة عن قصص العرابين (فواز ومنذر) فهي تعطي تصورا عما يدور في البلد؛ فالأول أوقفه شرطي لارتكابه مخالفة مرورية فأهانه وأمره أن يستمر في مسح سيارته أمدا من الزمن، أما الثاني فكان في مطعم فاخر للسمك في اللاذقية، وإذ لم تعجبه نظافة قدح أمامه قام برش المكان بالرشاش، فتناثرت الطلقات فوق الزبائن المرعوبين.. إنها كما وصفها التقرير «كارتل مافيا». سوريا تحلب حاليا وتنهب، ليس فقط من الشبيحة بل من عناصر المخابرات، فهي فرصة الغنى السهل السريع لرجال المخابرات، فهم لا يعتقلون الناشطين فقط، بل كل من يعتبرونه سمينا يمكن تحصيل الأموال منه بأي تهديد ووعيد وكذب وتدليس، منه وممن حوله من الأقرباء السمان. حاليا -حسب التقرير- معظم ضباط المخابرات التي تدار بيد علوية طائفية متعفنة، يشعرون بأن نهاية النظام هي نهاية العصر العلوي، وبداية انكسار العمود الفقري للتمدد الشيعي الصفوي من إيران؛ أما الشبيحة فمنهم العلويون ومنهم أخلاط شتى من أقليات يحتشد بها البلد، ومن سنة جمعتهم الأطماع والأسلاب طامحين إلى الكسب السريع من كل الفئات؛ فهو يوم الحرام بدون حرمة ويوم الاختلاس الأعظم. إنها أيام بغيضة، قبيحة، يموت فيها العقل والضمير وتفوح رائعة عفن مجاري الطائفية المقرف. يختم التقرير كلامه بأفظع ما يمكن تصوره على لسان عبد الباري الحمصي حين يسألونه وهو يعالج في مشفى في طرابلس اللبنانية عن المستقبل: إنها نظرية الكثرة والقلة. نحن السُّنة 18 مليونا ولسوف نقضي على بشار والأوغاد معه، ولن يكون ذلك الوقت بعيدا. إذن فنحن على أبواب حرب الثلاثين عاما في الشرق الأوسط، على ما يبدو. إن الوضع خطير جدا، حار فيه نفس المناضل اللاعنفي «جين شارب» حين سئل عن الوضع فقال: أمام سوريا طريقان: الحرب الأهلية أو العقلانية والحلول الوسط للخروج بحل للأزمة أو -يضيف جين شارب- أي تصور أنا جاهز لسماعه من أي طرف. ولكن من بدأ بحفلة الدم قد خطط، وبخطة انتحارية، أن يمضي نحو الهاوية لأنه سيهوي في النهاية، فأمه هاوية، وما أدراك ما هي نار حامية. ومنه يقول تقرير مجلة «الشبيجل» إن كلا الفريقين ليس عنده ثمة عودة: النظام بعد شلال الدم وجبال الجماجم سوف يدمر إذا أظهر ليونة وتراجع خوفا من ثأر من قتل وذبح وسفك دمه. والثوار لسوف يطحنون وعظامهم في صوامع غلال الحبوب إذا تراجعوا وتنثر عظامهم في البرية. مع ذلك، فإن التاريخ يضحك علينا دوما بخروج أشياء من جعبة سحر التاريخ وعبقريته ربما تفاجئ الكثير. مسكين بشار وعصابته ومسكينة سوريا الحزينة.. ألم يكن بالإمكان تجنب حمام الدم هذا والخروج بحلول عقلانية؟ يبدو أن بيننا وبين العقلانية مسافة سنة ضوئية كاملة.. فنحن نعيش عام 1433ميلادية في العصور الوسطى حيث كانت الحروب المذهبية على أشدها في أوربا، مترافقة بانتشار الطاعون، وحرق الساحرات في الساحات العامة، ومعالجة السعال الديكي بلبن الحمير.