يدخل ملف التقصي في الاختلالات التي شابت تدبير مكتب التسويق والتصدير منعطفا حاسما، بعد أن كشفت مصادر مقربة من اللجنة أن مكتب مجلس المستشارين سيحسم، بعد غد الاثنين، في تاريخ إحالة التقرير النهائي للجنة على جلسة عامة لمناقشته، وفقا لما ينص عليه الفصل ال67 من دستور 2011، وهو ما سيشكّل مناسبة للكشف عن الاختلالات التي عرفها المكتب، وعن عملية تفويت نحو 17 شركة ب»طرق تثير الكثير من الشكوك» لمسؤولين وقياديين حزبيين، من أبرزهم محسوبون على حزب سياسي مشارك في حكومة بنكيران. ويأتي ذلك في وقت قالت مصادر برلمانية إن هناك ضغوطا تمارَس على المجلس من قِبَل فرق بعينها من أجل عدم الكشف عن المعطيات التي توصلت إليها اللجنة. فيما أشار مصدر في مكتب المجلس إلى أنه «بإمكان رئيس المجلس، وفقا لما ينص عليه الدستور الجديد، إحالة الملف على القضاء»، معتبرا أن خيار الإحالة على القضاء من قبل رئيس الغرفة الثانية قائم إذا تبيّنَ وجود ما يوجب ذلك. وحسب مصادر «المساء»، فإن مكتب المجلس قرر، خلال اجتماع أعضائه يوم الاثنين الماضي، إدراج الدعوة إلى عقد جلسة عامة للمجلس من أجل مناقشة التقرير النهائي للجنة، التي كان قد شكلها في ماي 2011، على رأس جدول أعمال اجتماع الغد، مشيرة إلى أنه خلال الاجتماع سيتحدد موعد عقد الجلسة، ومتوقعة أن تكون بعد الانتهاء من جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وقبل الإعلان عن انتهاء دورة أبريل الحالية. وكان بيد الله قد التزم، في مستهل دورة الربيعية الحالية، بإحالة التقرير النهائي، الذي توصل به من لجنة التقصي، على جلسة عامة خلال هذه الدورة لمناقشته، بعد طلبات عدة وجهها لهرئيس اللجنة، عبد الحكيم بنشماس، ورؤساء فرق عدة، مطالبين إياه بتمكينهم من التقرير النهائي وبالدعوة إلى عقد جلسة عامة للمجلس، وهي الطلبات التي لم تلقَ، في الأشهر الماضية، أي استجابة، مما أثار أسئلة عدة حول موقف رئيس الغرفة الثانية. من جهة أخرى، لا تُعرَف، إلى حد الآن، الأشواط التي قطعتها الفرقة الولائية في الدارالبيضاء في تحقيقاتها، التي بدأتها منذ ما يربو على ستة أشهر، حيث استمعت إلى الممثل القانوني للمكتب، وحققت مع عدد من المسؤولين، وقامت بدراسة الوثائق التي زوّدتها بها المفتشية العامة لوزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات، بل وسعت إلى البحث والاستماع إلى إفادات عدد من رؤساء أقسام المكتب وإلى الممثل القانوني للمكتب بشأن الملاحظات المسجلة في تقريري المفتشية والمجلس، والخاصة بالفترة الممتدة بين 2005 و2007. وتحدّثت مصادر متابِعة لملف مكتب التسويق عن تصفية وتفويت نحو 17 شركة تابعة للمكتب ب»طرق تثير الكثير من الشكوك» لمسؤولين وقياديين حزبيين، من أبرزهم محسوبون على حزب سياسي مشارك في حكومة بنكيران. كما تحدثت عن تفويتات «غامضة» لعقارات فخمة في العاصمة الفرنسية وعن تسبيقات ممنوحة لكبار الفلاحين في المغرب بدون أي ضمانات، فضلا على توصل اللجنة بلائحة أسماء قيادات سياسية مالكة لمئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية في مناطق مختلفة من المملكة، وخاصة في منطقتي سوس وبركان. وكانت اللجنة قد وجهت، في شتنبر الماضي، طلبا لبيد الله، بصفته رئيسا لمجلس المستشارين، من أجل توجيه شكاية إلى النيابة العامة لتحريك المتابعة في حق عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية السابق، رفقة مدير مكتب التسويق والتصدير، خاصة بعد رفضهما التعاون مع اللجنة. وفيما اتهمت اللجنة معزوز ب«محاولة حجب الحقائق والتستر على إحدى أكبر فضائح تبديد المال العام ونهج سياسة الهروب إلى الأمام بدل امتلاك الجرأة والشجاعة التي تجعله في قلب رهان التخليق ومحاربة الفساد»، بعد أن أحال الوزير الاستقلالي الملف على القضاء بناء على استشارة من الوكالة القضائية للمملكة، طالب عباس الفاسي، رئيس الحكومة السابق، بيد الله بإيقاف عمل اللجنة بعد فتح تحقيق قضائي بناء على شكاية تقدم بها معزوز ونجيب ميكو، المدير العام لمكتب التسويق، للوكيل العام للملك، طالَبا فيها بفتح تحقيق قضائي حول اختلالات سُجِّلت في الفترة ما بين 2005 و2007، غير أن اللجنة تمسكت باستمرار عملها وبأن يشمل عملها الفترة الممتدة من 1965 إلى 2011.