يدخل ملف التقصي في الاختلالات، التي شابت تدبير مكتب التسويق والتصدير، منعطفا حاسما، بعد أن اقترب موعد الكشف عما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق، التي كان قد شكلها مجلس المستشارين في ماي الماضي، من خلال جلسة عمومية ترجح مصادر برلمانية أن تنعقد خلال الأسابيع القادمة بعد الانتهاء من مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2012 والمصادقة عليه. وكشف عبد المالك أفرياط، محاسب مجلس المستشارين، وعضو الفريق الفيدرالي، أن محمد الشيخ بيد الله، رئيس المجلس، التزم بإحالة التقرير النهائي، الذي توصل به من قبل لجنة التقصي، على جلسة عامة خلال الدورة الربيعية الحالية لمناقشته، مشيرا إلى أن بإمكان رئيس المجلس، وفقا لما ينص عليه الدستور الجديد، إحالة الملف على القضاء. فيما اعتبر مصدر مسؤول في مكتب المجلس أن خيار الإحالة على القضاء من قبل رئيس الغرفة الثانية قائم في حال تبين وجود ما يوجب ذلك. ويأتي التزام الشيخ بعقد جلسة عامة لمناقشة التقرير، وفقا لما ينص عليه الفصل 67 من دستور 2011، بعد طلبات عدة وجهها رئيس اللجنة عبد الحكيم بنشماس ورؤساء فرق إلى رئيس المجلس بتمكينها من التقرير النهائي والدعوة إلى عقد جلسة عامة للمجلس، وهي الطلبات التي لم تلق خلال الأشهر الماضية أي استجابة، مما أثار أسئلة عدة حول موقف رئيس الغرفة الثانية. يأتي ذلك، في وقت لا تعرف فيه الأشواط التي قطعتها الفرقة الولائية بالدار البيضاء في تحقيقاتها التي بدأتها منذ ما يربو عن خمسة أشهر، حيث استمعت إلى الممثل القانوني للمكتب، وحققت مع عدد من المسؤولين، وقامت بدراسة الوثائق التي زودتها بها المفتشية العامة لوزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات، بل وسعت البحث والاستماع إلى إفادات عدد من رؤساء أقسام المكتب والممثل القانوني للمكتب بشأن الملاحظات المسجلة في تقريري المفتشية والمجلس، والخاصة بالفترة الممتدة ما بين 2005 و2007. مصادر متابعة لملف مكتب التسويق تحدتث عن تصفية وتفويت نحو 17 شركة تابعة للمكتب بطرق تثير الكثير من الشكوك لمسؤولين وقياديين حزبيين، من أبرزهم محسوبون على حزب سياسي مشارك في حكومة بنكيران. كما تحدتث عن تفويتات غامضة لعقارات فخمة بالعاصمة الفرنسية، وتسبيقات ممنوحة لكبار الفلاحين بالمغرب بدون أي ضمانات، أغلبهم محسوبون على حزب سياسي مشارك في حكومة بنكيران، فضلا عن توصل اللجنة بلائحة أسماء قيادات سياسية مالكة لمئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية في مناطق مختلفة من المملكة، وخاصة في منطقتي سوس وبركان. وكانت اللجنة قد وجهت في شتنبر الماضي طلبا إلى بيد الله، بصفته رئيسا لمجلس المستشارين، من أجل توجيه شكاية إلى النيابة العامة لتحريك المتابعة في حق عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية السابق، رفقة مدير مكتب التسويق والتصدير، خاصة بعد رفض مدير مكتب التسويق والتصدير والوزير المشرف عليه التعاون مع اللجنة. وفيما اتهمت اللجنة معزوز بمحاولة حجب الحقائق والتستر على إحدى أكبر فضائح تبديد المال العام «ونهج سياسة الهروب إلى الأمام بدل امتلاك الجرأة والشجاعة التي تجعله في قلب رهان التخليق ومحاربة الفساد»، بعد أن أحال الوزير الاستقلالي الملف على القضاء بناء على استشارة من الوكالة القضائية للمملكة، طالب عباس الفاسي، رئيس الحكومة السابق بيد الله بإيقاف عمل اللجنة بعد فتح تحقيق قضائي بناء على شكاية تقدم بها معزوز ونجيب ميكو، المدير العام لمكتب التسويق، إلى الوكيل العام للملك، طالبا فيها بفتح تحقيق قضائي حول اختلالات سجلت في الفترة ما بين 2005 و2007، غير أن اللجنة تمسكت باستمرار عملها، وأن يشمل عملها الفترة الممتدة من 1965 و2011.