دخل ملف التقصي في الاختلالات، التي شابت تدبير مكتب التسويق والتصدير منعطفا حاسما، بعد أن اقترب موعد الكشف عما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق حول المكتب، التي كان قد شكلها مجلس المستشارين في ماي الماضي، من خلال جلسة عمومية ترجح مصادر برلمانية أن تنعقد خلال الأسابيع القادمة بعد الانتهاء من مناقشة البرنامج الحكومي. وعلمت «المساء» من مصادر برلمانية أن مكتب المجلس طالب لجنة تقصي الحقائق بمده بتقرير كامل عن الخروقات التي رصدها خلال مهمة التقصي، مشيرة إلى أن هذا الطلب جاء بعد توصل رئاسة مجلس المستشارين في الأسابيع الفائتة بملخص للتقرير الذي أنجزته اللجنة كثمرة لعملية التقصي التي باشرتها. وأكدت المصادر أنه طبقا للفصل 67 من دستور المملكة الجديد، فإن أشغال لجنة التقصي حول مكتب التسويق ستنتهي بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس، وأن جلسة عمومية لمناقشته ستخصص، لافتة إلى أن خيار الإحالة على القضاء من قبل رئيس الغرفة الثانية قائم في حال تبين وجود ما يوجب ذلك. من جهة أخرى، قال عبد المالك أفرياط، عضو مكتب الغرفة الثانية عن الفريق الفيدرالي، إنه «بعد التوصل بالتقرير الكامل والنهائي للجنة التقصي سنتخذ كل الإجراءات الكفيلة برد الاعتبار للمغاربة، وسنحرص على التنزيل الفعلي والديمقراطي للدستور الجديد الذي ينص على إحالة الملف موضوع التقصي على القضاء عند الاقتضاء». يأتي ذلك، في وقت استأنفت فيه الفرقة الولائية بالدار البيضاء تحقيقاتها التي بدأتها منذ نحو ثلاثة أشهر، حيث أن قررت، بعد الاستماع إلى الممثل القانوني للمكتب والتحقيق مع عدد من المسؤولين ودراسة الوثائق التي زودتها بها المفتشية العامة لوزارة المالية والمجلس الأعلى للحسابات، توسيع البحث والاستماع إلى إفادات عدد من رؤساء أقسام المكتب والممثل القانوني للمكتب بشأن الملاحظات المسجلة في تقريري المفتشية والمجلس، والخاصة بالفترة الممتدة ما بين 2005 و2007. مصادر متابعة لملف مكتب التسويق تتحدث عن تصفية وتفويت نحو 17 شركة تابعة للمكتب بطرق تثير الكثير من الشكوك لمسؤولين وقياديين حزبيين، من أبرزهم محسوبون على حزب سياسي مشارك في حكومة عبد الإله بنكيران. كما تتحدث عن تفويتات غامضة لعقارات فخمة بالعاصمة الفرنسية، وتسبيقات ممنوحة لكبار الفلاحين بالمغرب بدون أي ضمانات، أغلبهم محسوبين على حزب سياسي مشارك في حكومة عبد الإله بنكيران، فضلا عن توصل اللجنة بلائحة أسماء قيادات سياسية مالكة لمئات الهكتارات من الأراضي الفلاحية في مناطق مختلفة من المملكة وخاصة في منطقتي سوس وبركان. وكانت اللجنة قد وجهت في شتنبر الماضي طلبا إلى بيد الله، بصفته رئيسا لمجلس المستشارين، من أجل توجيه شكاية إلى النيابة العامة لتحريك المتابعة في حق عبد اللطيف معزوز، وزير التجارة الخارجية الأسبق رفقة مدير مكتب التسويق والتصدير، خاصة بعد رفض مدير مكتب التسويق والتصدير والوزير المشرف عليه التعاون مع اللجنة. وفيما اتهمت اللجنة معزوز، بمحاولة حجب الحقائق والتستر على إحدى أكبر فضائح تبديد المال العام «ونهج سياسة الهروب إلى الأمام بدل امتلاك الجرأة والشجاعة التي تجعله في قلب رهان التخليق ومحاربة الفساد»، بعد أن أحال الوزير الاستقلالي الملف على القضاء بناء على استشارة من الوكالة القضائية للمملكة، طالب عباس الفاسي، رئيس الحكومة الأسبق بيد الله بإيقاف عمل اللجنة بعد فتح تحقيق قضائي بناء على شكاية تقدم بها معزوز ونجيب ميكو، المدير العام لمكتب التسويق إلى الوكيل العام للملك طالبا فيها بفتح تحقيق قضائي حول اختلالات سجلت في الفترة ما بين 2005 و2007، غير أن اللجنة تمسكت باستمرار عملها وأن يشمل عملها الفترة الممتدة من 1965 و2011.