ندد محامون ينتمون إلى هيئة القنيطرة بالانتهاكات الجسيمة التي تطال حقوق الموقوفين والمشتبه فيهم أثناء وضعهم رهن تدابير الحراسة النظرية واتهموا الضابطة القضائية بالخرق السافر لمقتضيات المادة ال66 من قانون المسطرة الجنائية، التي تناولت الحقوق الممنوحة للمحتجزين، ومنها إلزامية إخبارهم بدواعي اعتقالهم وبحقوقهم، بينها حقهم في التزام الصمت وحقهم في أن تشعر عائلتهم بوضعهم تحت الحراسة النظرية وحقهم في الاتصال بمحامٍ خلال هذه الفترة. ودعا المحامون، في ندوة نظمتها، في نهاية الأسبوع المنصرم جمعية اتحاد المحامين الشباب في هيأة القنيطرة، بشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الرباط -القنيطرة، القضاة إلى التحلي بالشجاعة والجرأة للتصدي لانتهاكات المحققين أثناء مرحلة البحث التمهيدي وإبطال كل المحاضر التي أُنجِزت في ظروف غير قانونية ومست حقوق المتهمين الموقوفين. وشدد المتدخلون في هذه الندوة، التي تمحور موضوعها حول «ضمانات الموقوف والمشتبه فيه أثناء الحراسة النظرية وآليات تفعيلها»، على ضرورة تحرر القضاة من الخوف وممارسة اختصاصاتهم بكل مسؤولية، وقالوا إن القضاء هو الضامن الأساسي لحرية المواطنين، وبافتقاده يفتقد المجتمع الرقيبَ على الشرطة القضائية التي تُصادر حقوقه. وكشف المحامي مصطفى العرفاوي أن عناصر الضابطة القضائية تلجأ، في أحايين كثيرة، إلى التحايل على القانون، حينما تدّعي في المحاضر التي تحررها احترامها الضوابطَ القانونية المنصوص عليها في المادة ال66 من قانون المسطرة الجنائية، متسائلا في الوقت نفسه عن الجزاءات المترتبة عن مخالفة ضابط الشرطة القضائية لهذه المادة. وأضاف العرفاوي أن تنزيل المادة سالفة الذكر كان في «غفلة من الليل» ودون أن يسبقه إصدار مراسيم تطبيقية أو دوريات تفسر بجلاء كيفية تفعيله، مؤكدا أن الغموض الذي اكتنف المادة ال66 من حيث الصياغة القانونية لم يَحمِ المواطنين من خطر تعسف السلطة، وأبرز أن عدم محاسبة المخالفين لهذا القانون أبقى المتقاضين تحت رحمة الضابطة القضائية. من جانبه، استنكر خالد المروني القوة الإثباتية الممنوحة لمحاضر البحث التمهيدي والاعتماد على ما راج فيها، رغم العيوب والخروقات التي يمكن أن تشوبها، وأضاف أن «حق المُحتجَز في الاتصال بدفاعه يطبعه الغموض ومسيَّج بالاستثناء وغارق في سلطة الملاءمة الممنوحة للنيابة العامة»، مشيرا إلى أن عدم تحديد الجهة التي تفصل في النزاع المترتب عن عدم الترخيص للمحامي لمقابلة موكله قد يحرم الموقوفين من التمتع بهذا الحق الدستوري، خاصة أن المادة ال66 من قانون المسطرة الجنائية تحدثت فقط عن «حق المتهم»، بخلاف ما جاء في القوانين الدولية التي تفرض إخبار المتهم بحقوقه. بينما اعتبر المحامي نور الدين الشيهب أن «المشكل في تطبيق النصوص القانونية لهذه المادة ليس بنيويا، بل هو مشكل وظيفي مرتبط أساسا بالعقلية المخزنية، التي ما زالت تطبع الساهرين على تطبيقها»، معربا عن استغرابه الشديد كون المسطرة الجنائية لم ترتب أي جزاءات في مواجهة منتهكي المادة ال66، وأضاف مستطردا «في جميع الأحوال، فإن من خصائص القاعدة القانونية أنها آمرة، وبالتالي فما هي الجدوى من سن نص تشريعي إذا لم يكن عدم احترامه يرتب جزاء؟».. وأكد الشيهب أن مسار الدعاوى الجنحية والجنائية يُحدد في مخافر الشرطة القضائية، وغالبا ما يكتفي القضاة بالإعلان عن العقوبات، حيث يعتمدون على ما ورد في المحاضر، مضيفا أن جل الدفوعات التي تثار بشأن الخروقات التي تطال هذه المادة يتم ضمها إلى الجوهر ويكون مصيرها الرفض.