حذر الخبير الاقتصادي عبد الخالق التهامي من التبعات المالية لمشروع القطار فائق السرعة، في ظل الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع سعر الفائدة على القروض.
واعتبر التهامي، في ندوة حول «مشروع القطار فائق السرعة»، مساء أول أمس بالرباط، أنه « على المغرب إعادة النظر في الأولويات، لأن البلد يعاني من قيود مالية، فهناك مشاريع أخرى لها الأولوية على مشروع «تي جي في»، خاصة في الظرف الراهن، فالمغرب في حاجة إلى مشاريع مهمة يكون فيها الإنفاق أقل والمردودية أعلى، والقروض التي تم اعتمادها لهذا المشروع، في ظل الأزمة الاقتصادية، لا يمكن الحصول عليها بسعر فائدة منخفض، لأن الضائقة المالية في أوربا أدت إلى ارتفاع سعر الفائدة».
وأكد الخبير الاقتصادي أن «القرار السياسي في موضوع القطار فائق السرعة اتُّخِذ قبل القرار الاقتصادي، نظرا إلى الضغوط التي مورست على المغرب والإشكال الدبلوماسي الذي عرفته العلاقات المغربية -الفرنسية آنذاك، وبالتالي ل»تهدئة الخواطر» مع الشريك الفرنسي قبِِل المغرب هذا المشروع تحت ضغوط ليست لها قوة اقتصادية، وبالتالي لم ينجح المسؤولون في تسويقه وضبطه اقتصاديا».
وأشار المتحدث نفسه إلى أن «القطار فائق السرعة يمكن أن يكون إيجابيا إذا استفادت منه المشاريع الاقتصادية الأخرى، وعلى المستوى الاقتصادي يمكن أن يحقق مفعولا مضاعَفاً، ففي المغرب كل درهم ينفق يؤدي إلى درهمين كدخول في وقت الإنجاز، لكن الإشكال على مستوى القطار فائق السرعة هو أن هذا المفعول المضاعف لن يصل إلى تلك النسبة، لأن معظم ما سيُستثمَر فيه سيكون مستوردا».
ومن جهته، أكد عمر بلفريج، عن ائتلاف «أوقفوا القطار فائق السرعة»، أن «المعايير المعتمدة في هذا المشروع لم تكن شفافة، إذ لم يتم الاعتماد على طلب العروض، والتبرير هو أن المشروع جاء في إطار شراكة مع فرنسا، وأعتبر أن هذا الأمر خاطئ لأننا لسنا أمام هبة بل قروض، وعلى المستوى الدولي فإن طلبات العروض لمثل هذه المشاريع تتطلب الجانبين التقني والمالي، وهذا هو السبب الذي جعل البنك الأوربي للاستثمار والبنك الدولي لا ينخرطان في هذا المشروع».
وشدد بلفريج على أن «الأثمنة المرتقبة لهذا القطار تجعلنا مقتنعين بأن هذا المشروع هو نموذج لما نسميه «المغرب الذي لا نريد»، فنحن نريد مغربا طموحا لجميع المواطنين، وبالتالي فمشروع القطار فائق السرعة لا يجب أن يكون ضمن الأولويات، لأنه كيفما كانت الحكومة، سواء الحالية أو المقبلة، فلن تكون لها القدرات المالية لتدبير مصالح البلاد بطريقة تجعل وضع المغرب أفضل من الظرف الحالي».
وأوضح بلفريج أن «دول إسبانيا والبرتغال والأرجنتين تراجعت في سنة 2011 عن مشروع القطار فائق السرعة، وبالنسبة إلى المغرب فإن 25 مليار درهم ستُمكّن من بناء 25 ألف مدرسة في المجال القروي أو 16 ألف كيلومتر من الطرق أو 6000 هكتار من الأحياء الصناعية أو 25 مركزا استشفائيا جامعيا».