أبدت الهيآت الحقوقية والمدنية، التي أطلقت مؤخرا مبادرة «أوقفوا مشروع القطار فائق السرعة»، تفاؤلا حذِراً بخصوص قدرتها على إيقاف تنفيذ هذا المشروع وتسخير الميزانية المرصودة له لتمويل مشاريع أخرى «أكثر نفعا للمغرب». وأكدت هذه الهيآت، في ندوة صحافية عقدتها صبيحة أمس الاثنين في الرباط، أن «نجاح هذه المبادرة في تحقيق أهدافها يتوقف على مدى انخراط المواطنين في حملة التوقيعات على نداء إيقاف مشروع «تي. جي. في». وقد تم إطلاق بوابة إلكترونية لحظة انعقاد الندوة من أجل جميع أكبر عدد ممكن من التوقيعات وجعلها ورقة ضغط من أجل إيقاف هذا المشروع. وفي هذا السياق، طالب سيون أسيدون، الناشط الحقوقي المغربي اليهودي، الذي يمثل «مبادرة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل»، إحدى الهيآت الموقعة على نداء «أوقفوا القطار فائق السرعة»، الأحزاب المغربية، بما في ذلك المشكلة للحكومة الحالية، ولاسيما تلك التي سبق لقياديين منها أن رفعوا شعارات ضد هذا المشروع في وقت سابق، ب»فتح نقاش عمومي حول جدوى هذا المشروع». وبخصوص الأسباب الثاوية خلْف إطلاق حملة إيقاف هذا المشروع، قال سيون أسيدون إن «أبرز هذه الأسباب يتمثل في ضرورة مقاطعة شركة «آلستوم»، الفرنسية المساهمة في إنجاز هذا المشروع، تنفيذا لتوصيات جامعة الدول العربية، التي سبق أن طالبت، في سنة 2006، ب»طرد» هذه الشركة من المنطقة العربية بسبب ضلوعها في مشاريع تهويد مدينة القدس». ودعا أسيدون الحكومة المغربية إلى «التطبيق الفوري لهذه التوصية وإلى الاقتداء بالسلطات السعودية التي استثنت «آلستوم» من سباق التنافس على الظفر بصفقة مشروع خط القطار فائق السرعة الرابط بين مكة والمدينة». وانتقد معارضو القطار فائق السرعة ما أسموه «غموض التركيب المالي للمشروع». وفي هذا الإطار، ندد أسيدون بلجوء المغرب إلى الاستدانة من أجل إنجاز هذا المشروع وتحميل ميزانية الدولة «ثقل» هذه القروض بدل المكتب الوطني للسكك الحديدية، الذي يُعتبَر المستفيد الأكبر من «تي. جي. في»، محذرا من «الانعكاسات السلبية لرفع معدل مديونية الدولة على قدرتها على تعبئة أموال كافية لتنفيذ مشاريع حيوية في السنواتالمقبلة». وشملت الانتقادات، أيضا، «عدم احترام حق المواطنين في الوصول إلى المعلومة، وخاصة المعلومات المتعلقة بانعكاسات المشروع المُحتمَلة على البيئة»، إضافة إلى «ضعف التّقيُّد بقواعد الحكامة الجيّدة في تدبير المشروع من خلال التعاقد المباشر لإنجاز مكونات أساسية من المشروع دون إجراء مباراة»، وهو ما دفع البنك الأوربي للتنمية، وفق أصحاب مبادرة «أوقفوا القطار فائق السرعة»، إلى رفض المساهمة في تمويل هذا المشروع. وكانت جمعتا أطاك المغرب ووضوح طموح وشجاعة والشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة (أزطا) ومنتدى بدائل المغرب وآفاق الديمقراطية، إضافة إلى مبادرة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة، قد أطلق، في نهاية الأسبوع المنصرم، نداء ل»إيقاف مشروع القطار فائق السرعة»، قبل أن يعلن الائتلاف المغربي لهيآت حقوق الإنسان، الذي تنضوي تحت لوائه 18 هيئة غير حكومية، انضمامه إلى هذا النداء. ويطالب معارضو مشروع القطار فائق السرعة بمقارنة ما يمكن إنجازه من مشاريع أساسية، خصوصا على مستوى البنية التحتية. ويعطي نص نداء الحملة أمثلة عديدة على هذه المشاريع، من قبيل 5 آلاف مدرسة أو 3 آلاف ثانوية في المناطق الحضرية أو 25 ألف مدرسة في المناطق القروية أو 100 معهد عالٍ للهندسة أو 300 معهد متخصص في التكوين التقني أو 52 مركزا استشفائيا تصل طاقتهما الاستيعابية إلى 22 ألف سرير.. ويمكن الميزانية المرصودة للقطار فائق السرعة أيضا أن تُمكّن، حسب معارضي هذا المشروع، من إنشاء 6 آلاف هكتار من المناطق الصناعية، التي يمكنها أن تستوعب 63 ألف وحدة صناعية أو إنجاز 16 ألف مركز اجتماعي -ثقافي، كالمكتبات ودور الشباب أو 10 آلاف مكتبة متخصصة فيالتواصل.