تقع حادثة في مكان ما، فيجتمع الناس ويتحلقون حول المكان، وفجأة يُخرج البعض هواتفهم المحمولة ويلتقطون ما شاؤوا من لقطات، أحيانا تكون لقطات ذات قيمة عالية، وأحيانا تكون بلا فائدة تقريبا. بعد ذلك، تجد تلك اللقطات طريقها نحو محيط الأنترنيت، سواء في اليوتوب أو في مواقع إلكترونية معينة، ثم تتوسع الدائرة وتصبح تلك اللقطات في ملك الجميع وفي جميع القارات. هذا هو الواقع الجديد للإعلام، واقع العولمة الذي يجعل المعلومة واللقطة والخبر والصورة في ملك الجميع، بحيث لم يعد الصحافي هو الوحيد الذي يملك ذلك الامتياز، امتياز الوصول إلى الخبر والتقاط صور أو لقطات، ثم بثها في وسائل إعلام محددة. هذا الواقع الجديد فرض حالة جديدة اسمها «الإعلام الشعبي»، أي أن كل واحد بإمكانه أن يصبح صحافيا بمعنى من المعاني، أي أن الصدفة تقوده إلى مكان الحدث، فيكون له حظ التقاط الصورة أو الخبر، ثم يبثه بالطريقة التي يشاء. «الإعلام الشعبي» تطور كثيرا بفضل الهواتف المحمولة ذات التقنية العالية في التقاط الصور أو الفيديو، وصار بإمكان الكثيرين أن يتحولوا إلى «صحافيين» نجوم حين تسعفهم الصدف في اقتناص صور أو لقطات على قدر كبير من الأهمية. عولمة اقتناص الخبر والصورة لم تعد فقط من أجل الإخبار، بل أيضا صارت جزءا من النضال، نضال المجتمعات من أجل محاربة الفساد ودمقرطة بلدانهم ومجتمعاتهم. وفي المغرب، هناك مثال جلي على ذلك، وهو «قناص تاركيست»، الذي استطاع بفضل التقنية الجديدة للهواتف المحمولة، ضبط عدد من أفراد الدرك في حالات ارتشاء واضح، ولم يتأخر رد الفعل طويلا، حيث دخلت العدالة على الخط وتم إنزال العقاب بالمرتشين، بل إن تلك اللقطات كانت رادعا قويا لكثيرين كي يحذروا من قناصة آخرين، وكل ذلك كان في صالح المجتمع وفي صالح محاربة الفساد. اليوم، بإمكان أفراد المجتمع أن يساهموا فعليا في محاربة الفساد بجميع أشكاله، وليس على الطرقات فقط، فالتقنيات المتطورة في الهواتف النقالة ليست من أجل التسلية فقط، بل من أجل المساهمة في تطوير وتقدم المجتمعات.