ماحي بينبين هو أحد الفنانين المغاربة الأكثر حظوة في السوق العالمية. القطيعة على مستوى علاقاته بوالده، الذي كان مقربا من الملك الراحل الحسن الثاني، ألغت المسافة بينه وبين شقيقه عزيز ، الذي رزح في معتقل تازمامارت طيلة 18 سنة، في هذا الحوار، يعود بنا بينبين إلى ماضيه، ليحكي لنا عن طفولته وعن ازدواجيته الفنية ككاتب وتشكيلي. - تعمل على تطوير فنك التشكيلي أكثر من كتابتك. هل يعود هذا إلى كون لوحاتك أكثر مبيعا من كتبك؟ < صحيح أنني أعاني في الوقت الراهن من نقص في مجال الكتابة. كنت بدأت رواية تحت عنوان «نجوم سيدي مومن»، لكنني لم أتمكن من إتمامها إلى حدود اليوم. أفضل ألا أضغط على نفسي وأن أدَع الكتابة تنضج، وأستمر في الاشتغال على فني التشكيلي في انتظار مزيد من الإلهام، وهذا يعني أنني أبيع لوحاتي أكثر من كتبي. - مردودية أعمالك هي التي تحفزك، إذن... < تعلمون أنها ظرفية عامة. سوق الفن التشكيلي في أحسن أحواله في المغرب. الكتابة أيضا تكلفني أكثر من الفن التشكيلي سواء على المستوى المالي أو من حيث المجهود الذي تتطلبه، علما بأن النجاح الواسع الذي حظيت به في المغرب وخارجه يشجعني على مزيد من العمل. أُستدعى باستمرار إلى المشاركة في المعارض، وفي كل مرة أبيع 90 في المائة من لوحاتي. إنه أمر يسعدني ويحفزني في الآن ذاته. أضطر كذلك إلى العمل بشكل أكبر، لكي أتمكن من تلبية الطلب القوي على إبداعاتي. - بِعت كل شيء إلى درجة أنك لا تتوفر على مجموعة خاصة بك.... < نعم وأقول ذلك، ليست لدي مجموعة لوحات خاصة بي، إذ أبيع غالبية اللوحات التي أعرضها في الحين تقريبا، مما يعني أنني لا أملك مجموعة خاصة بي. ولحسن الحظ أن أخي صور جميع المراحل التي قطعتها في مسيرتي الفنية. وعندما أردنا إصدار كتاب عن فني التشكيلي، قام بالتقاط صور لغالبية إبداعاتي، تمثل مرحلة من مسيرتي التشكيلية. ويتوفر أخي عزيز كذلك على بعض إبداعاتي التي يحتفظ بها عنده بكل عناية. - من خلال تصريحاتك، يبدو أنك تشعر بمرارة بسبب نقص الاعتراف بكتاباتك..... < لست قلقا. سيتم الاعتراف بي كاتبا ذات يوم. وفي كل الأحوال، لا يمكننا أن نحصل على كل شيء بسرعة في الحياة. صحيح أنني أبذل مجهودات كبيرة في مجال الكتابة، وودت لو تم الاعتراف بهذه المجهودات، لكنني أقول دائما إن هذا سيأتي في القادم من الأيام. - عرضت لوحاتك لأول مرة في رواق «لا ديكوفرت» بالرباط، بالرغم من أنك كنت تريد عرضا في رواق «باب الرواح». ماذا حدث بالضبط في ذلك الوقت؟ < كانت تلك الفترة من حياتي مؤلمة. عندما أردت تنظيم أول عرض لي، قدمت إلى المغرب وطلبت مساعدة أمي للقيام بذلك. كنت أتمنى أن أعرض لوحاتي برواق «باب الرواح» الذي كان يحتضن معارض أكبر الفنانين التشكيليين، غير أن أمي، رحمها الله، كانت تعرف جامعا للوحات الفنية، وهو محمد السرغيني، الذي كان شخصية ذات نفوذ قوي وبيديه مفاتيح وزارة الثقافة. كان بإمكانه أن يتدبر، بكلمة واحدة، أمر معرض للفن التشكيلي ب«باب الرواح». اتصلت به أمي وقال إنه على استعداد لرؤية إبداعاتي. - ماذا وقع بعد ذلك؟ هل كان رأي السرغيني إيجابيا؟ < باء اللقاء بالفشل. أعددت كل شيء وأخرجت لوحاتي وعرضتها على الأرض حتى يسهل عليه تقييمها. أخذ السرغيني 30 ثانية لمشاهدتها، وبعد ذلك توجه نحوي وقال: «أبهذه اللوحات تريد أن تعرض في الرواق الوطني؟». وهكذا لم أتمكن من عرض لوحاتي ب«باب الرواح»، وتوجب علي الاكتفاء برواق «لاديكوفرت». - كانت لهذا الحدث، تبعا لذك، تأثيرات إيجابية.... < صحيح أن كلمات السرغيني أحزنتني كثيرا، لكن ذلك علمني شيئا: لا يجب أن يضغط الإنسان على نفسه، بل ينبغي أن يترك الأشياء للوقت. وبالعمل يمكن الحصول على اعتراف حقيقي، غير أن هذا بحاجة إلى الوقت. يكون الشباب، بصفة عامة، على عجلة من أمرهم، ويريدون تحقيق كل شيء في ظرف وجيز. - تلام على فن تشكيلي ذي طابع روائي بتأثير من كتاباتك. هل تعترف بهذا التأثير؟ فني التشكيلي متأثر بكل تأكيد بكتاباتي. أنا أحب، مثلما يبدو ذلك بوضوح في رواياتي، تتبع الشخصيات ورواية قصة، ونفس الشيء أقوم به في لوحاتي. وهذا، بالنسبة إلي، طريقة لتضميد جراحي. ترجمة - محمد بوهريد