ماحي بينبين هو أحد الفنانين المغاربة الأكثر حظوة في السوق العالمية. القطيعة على مستوى علاقاته بوالده، الذي كان مقربا من الملك الراحل الحسن الثاني، ألغت المسافة بينه وبين شقيقه عزيز ، الذي رزح في معتقل تازمامارت طيلة 18 سنة، في هذا الحوار، يعود بنا بينبين إلى ماضيه، ليحكي لنا عن طفولته وعن ازدواجيته الفنية ككاتب وتشكيلي. - يستعد أخوك لنشر مذكراته في فبراير المقبل، وهنا أيضا تدخل الطاهر بنجلون ليضغط على دار النشر «كايمار» لكي لا تنشر هذا الكتاب. ماذا حدث بالضبط؟ < كنت، من دون وعي، سببا في ذلك الهجوم. كنت أعلنت خلال برنامج تلفزي على القناة الثانية المغربية أن أخي يستعد لنشر مذكراته مع دار النشر «كايمار»، ولما علم الطاهر بنجلون بذلك تملكه الغضب، واتصل على الفور بدار النشر، وقال لها بوضوح إنه لن يتعامل معها مستقبلا إن هي نشرت تلك المذكرات. وبما أن الطاهر بنجلون ذو نفوذ كبير وكاتب كبير بكايمار، فإن هذه الأخيرة لم يكن بإمكانها أن تغامر بفقدانه. ولذلك اقترحت «كايمار» على أخي عزيز أن يقوم بنشر كتابه عن طريق أحد فروعها، وفي نهاية المطاف، استقر اختياره على «دونويل»، ويرتقب أن يصدر الكتاب في فاتح فبراير المقبل. - أصبحتما ألد الأعداء بعد أن كنتما أفضل صديقين. لماذا هذه الكراهية بينك وبين بنجلون؟ < أعتقد أن الطاهر بنجلون شعر بأن مذكرات أخي سيكون لها تأثير كبير. وأنا أؤكد ذلك وأرتقب سجالا حقيقيا بعد صدور الكتاب. الطاهر بنجلون كاتب معتد بنفسه، ولا يمكن أن يقبل أن يحظى غيره بنجاح أفضل أو ينافسه في الميدان. صحيح أننا كنا في تلك الفترة أصدقاء، أما اليوم فلا يكلم أحدنا الآخر، والطاهر هو الذي أراد ذلك. أتأسف عن الجدل الذي أثير عقب صدور كتاب «Cette aveuglante absence de lumière» لأننا لا نخرج سالمين من هذا النوع من الوضعيات. وقد استغل كل الذين لا يحبون الطاهر تلك الفرصة للتقليل من شأنه، وهو ما أثر في القصة كلها. - تقول إن الطاهر بنجلون يشن حربا بلا هوادة ضدك. ماذا يعني هذا بالتحديد؟ < وضع عدة عراقيل في طريقي بعد أن تهجم على أخي؛ يشترط دائما عدم حضوري في الصالونات الأدبية، وإن كان يشن في الواقع حربا ضدي، فأنا حقيقة لا أبالي بذلك. - أخوك المقيم في نيويورك كان له أيضا دور مهم في حياتك. ألم يقدمك إلى عالم الأعمال بالولاياتالمتحدةالأمريكية؟ < نعم، بطبيعة الحال. أخي هو الذي دعاني إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، واقترح علي أن ألتمس التجربة في بلاد العم سام. وبما أنه كان يعرف كثيرا من الناس، فإنه قدمني إلى جميع أصدقائه وكان معظمهم شخصيات نافذة جدا، وبفضله أيضا تمكنت من بيع بعض لوحاتي لمتحف كوجينهايم بنيويورك. - ألم تندم على التوقف عن التدريس؟ < في الواقع، أخي الذي أقنعني بالتوجه إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، هو نفسه الذي اتصل بي ذات يوم، وطلب مني أن أتوقف عن تدريس الرياضيات واقترح علي الالتحاق به. لم أكن أعلم في تلك الفترة أنه كان يعدني بمسيرة جيدة معززة بوضعية مالية جيدة، وفهت الأمر بعد ذلك عندما حول مبلغا كبيرا من المال إلى حسابي البنكي. وهكذا تخليت عن كل شيء في باريس، وحلقت إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. كان أخي يملك جناحا تصل مساحته إلى ثلاثمائة متر مربع في فندق من فئة خمس نجوم في الجهة المقابلة للحديقة المركزية. كان يعيش حياة الأحلام. - قضيت سبع سنوات في الولاياتالمتحدة ألأمريكية قبل أن تعود إلى فرنسا... < كانت حياتي في الولاياتالمتحدةالأمريكية مريحة جدا، لكنني كنت مشتاقا إلى باريس، تملكتني الرغبة في الإبداع في فرنسا وتجديد اللقاء بمعارفي هناك. وبالتالي، عدت إلى باريس في 1999 قبل أن أعود إلى المغرب لأستقر فيه بصفة نهائية في 2002. وفي الحقيقة، كنت قدمت إلى مدينة الجديدة، قبل أن أغادر الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبقيت فيها لمدة سنة بجانب أمي إلى أن توفيت. - تقول إن مرور لوبان إلى الدور الثاني من انتخابات 2002 أقنعك بالعودة نهائيا إلى المغرب. كيف اقتنعت بالعودة؟ < كان مرور لوبان إلى الدور الثاني نهاية للعالم بالنسبة إلي. رأيت كل أفكاري تتداعى. كانت لدي ثلاث بنات وكنت أريد أن أضمن لهن حدا أدنى من الحقوق في مناخ يسوده السلم، وليس إيديولوجيين متطرفين يُبدون عنصرية تجاه المغاربيين. ترجمة - محمد بوهريد