- مضت تسع سنوات على أحداث 16 ماي 2003، وما زال هناك حديث عن «استمرار خطر الإرهاب» في المغرب. ما هو تقييمك لمقاربة الدولة في مكافحة الإرهاب؟ يجب أن نعود إلى الشكل الذي تم به تمرير قانون الإرهاب، حيث تم استغلال الأحداث الإرهابية ل16 ماي -وهي طبعا أحداث مدانة على اعتبار أنها انتهكت الحق في الحياة والسلامة البدنية لعدد من المواطنين والمواطنين واستهدفت أماكن عامة وخاصة- إذ أن قانون الإرهاب استغل الأحداث، والذي وقفنا ضده كمكونات للمجتمع المدني قبل الأحداث الإرهابية عندما كان عالقا بمجلس النواب، وجاءت الأحداث الإرهابية ليتم استغلالها وبالتالي تمريره. يجب تسجيل مسألة أساسية تخص احترام حقوق الإنسان هي أنها لا تخضع لأي استثناء، فحقوق الإنسان يجب أن تحترم في زمن الحرب والكوارث وحتى في زمن الإرهاب. وقد لاحظنا أن عدد المعتقلين بجارتنا إسبانيا كان محدودا عقب أحداث مدريد، التي كانت أقوى من أحداث الدارالبيضاء، سواء من حيث الضحايا أوالخسائر، لأن هناك احتراما للمساطر القانونية في مراحل التوقيف والاعتقال والمتابعة. إذن كان هناك احترام لحقوق الإنسان رغم الإرهاب، وهذه قوة البلدان الديمقراطية، ولكن في المغرب تم اللجوء إلى مقاربة أمنية شاملة، ووزير العدل، المرحوم بوزوبع، تحدث لنا عن اعتقال 8 آلاف شخص، بمعنى أن حملة القمع كانت حملة عمياء واستهدفت عددا من الأبرياء. الانتهاكات التي أعقبت 16 ماي شملت التعذيب والاختطاف، وهو ما يوضح أن الدولة لم تستطع أن تجعل مقاربتها عقلانية أكثر منها ردة فعل، رغم أننا نلاحظ أن التعامل الذي كان بعد أحداث أركانة لم يكن بمثل التعامل مع أحداث 16 ماي، إذ لم تكن هناك حملة واسعة، رغم استمرار ممارسات التعذيب التي خلفت وفيات ومآس وسط الأسر. ورئيس الدولة نفسه صرح أن ملف مكافحة الإرهاب عرف مجموعة من التجاوزات، ودعا إلى مراجعتها، ولكن لحد الآن لم نلحظ هذه المراجعة. والمراجعة تعني فتح تحقيق في التجاوزات التي تمت ومساءلة المنتهكين لحقوق العديد من المواطنين. - لكن هناك من يبرر التدخلات الأمنية باستمرار وجود أنشطة إرهابية تؤكدها الأنباء عن ضبط متهمين بالإرهاب. يظهر لنا، داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن هناك نوعا من التضخيم والمبالغة في عمليات تفكيك الخلايا التي يتم الحديث عنها بين الفينة والأخرى، ولاحظنا أن هناك عدة ملفات فارغة مثل ملف بليرج، الذي تبين أنه انتفت فيه شروط المحاكمة العادلة، كما أن عدة أجزاء من الملف غير مؤسسة وقوية من حيث الاتهام والمتابعة. قدمت لك مثالا بإسبانيا، وهو حال دول أخرى، حيث يظهر أن أحسن طريقة لمحاربة الإرهاب هي البحث عن جذوره وأسبابه الحقيقية، ومن جهة أخرى احترام القانون في التصدي له. - حزب العدالة والتنمية، المعروف باعتراضه على مشروع قانون الإرهاب، يقود الآن الحكومة، كما أن مصطفى الرميد، الذي كان رئيسا لمنتدى الكرامة ومحاميا عن معتقلين في ملف 16 ماي وغيره، يوجد الآن على رأس وزارة العدل والحريات. ما تقييمك لأداء الحكومة في وقف ما يقال إنه تجاوزات على خلفية خطة محاربة الإرهاب؟ أظن أنه في عدد من الملفات يتم ذكر خرق حقوق الإنسان أو التعرض للتعذيب، والمطروح على المسؤول عن قطاع العدل هو فتح تحقيق في كل ما جرى، وحاليا هناك عدة شهادات تخرج من السجون وعلى لسان معتقلي في إطار الإرهاب تفيد بتعرضهم للتعذيب، ولكن لم نسمع أن وزارة العدل فتحت تحقيقات، وهذا لا يقتصر على معتقلي ما يسمى بالإرهاب، ولكن كذلك يهم نشطاء 20 فبراير، وعددا من المواطنين المشاركين في حركات احتجاجية، والمعطلين حاملي الشهادات، وغيرهم. العنف والتعذيب المستعمل ضد هؤلاء يجب فتح تحقيق بشأنه، لأن ما يفسح مجالا لاستمرار هذه الانتهاكات هو الإفلات من العقاب. نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان