سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كيف تحول إلى معتقل سري تستعمله المخابرات الأمريكية لانتزاع اعترافات تحت التعذيب شهادات صادمة لمعتقلين في قضايا الإرهاب تعيد معتقل تمارة السري إلى الواجهة
عاد معتقل تمارة السري، الواقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات من العاصمة الرباط، إلى واجهة الأحداث هذا الأسبوع، بعد بث تسجيلات لبعض معتقلي تيار السلفية الجهادية داخل السجون يحكون فيها عن مرورهم بهذا المعتقل والتعذيب الذي تعرضوا له. وفي الوقت الذي يتجه المغرب إلى إقرار دستور جديد وتكريس المزيد من الممارسة الديمقراطية ومحاربة التجاوزات السلطوية، يقف هذا المعتقل السري رمزا لاستمرار هذه التجاوزات وعلامة على النكوص الديمقراطي. وإذا كان معتقل دار بريشة رمزا لسلطة الحزب الوحيد في المغرب إثر الاستقلال مباشرة في نهاية الخمسينيات، وإذا كانت معتقلات قلعة مكونة وتازمامارت ودار المقري والنقطة الثابتة رموزا لعهد الحسن الثاني، فإن معتقل تمارة السري يبقى حتى الآن رمزا لعدم قدرة «العهد الجديد» على تجاوز ممارسات الماضي والتصالح مع الديمقراطية وسلطة القانون. ظهر معتقل تمارة السري في التقارير الأجنبية أولا في عام 2002 كواحد من المعتقلات السرية، التي تستخدمها وكالة المخابرات السرية الأمريكية لتعذيب المتهمين بالإرهاب في إفريقيا، والتي توجد على أراضي المغرب وليبيا ومصر وجيبوتي، وتم فيها التحقيق مع بعض المتهمين وتعذيبهم أو إيوائهم بطلب من المخابرات الأمريكية في إطار حربها على الإرهاب بعد تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. غير أن السلطات المغربية ظلت ترفض الاعتراف بوجود ذلك المعتقل السري أو حصول تعذيب فيه لمعتقلين مرحلين من الولاياتالمتحدة أو معتقلين ضمن صفوف تيار السلفية الجهادية بعد تفجيرات الدارالبيضاء في 16 ماي 2003. وفي عام 2004 تطرق تقرير لمنظمة العفو الدولية إلى الموضوع، لكن الراحل إدريس بنزكري، رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وقتها، أعلن أن معتقل تمارة ليس معتقلا، وقال إن الأمر لا يتعلق بمعتقل سري بجهاز أمني رسمي لديه ضرورات قانونية في التكتم والتخفي كما هو موجود في مختلف مناطق العالم. وإثر تسليط الضوء في عدة تقارير دولية لمنظمات غير حكومية على ما يحدث في معتقل تمارة السري، سواء بشكل مباشر موجه إلى المغرب أو بشكل غير مباشر عبر الكشف عن السياسة الأمريكية في مجال محاربة الإرهاب والخروقات الحقوقية التي تقوم بها، اتهمت بريطانيا السلطات المغربية بتعذيب أحد مواطنيها من أصل إثيوبي، وهو بنيام محمد الحبشي، الذي تم اعتقاله في معتقل غوانتانامو السري، ثم رحل إلى معتقل تمارة حيث تعرض للتعذيب وتم نزع اعترافات منه بالقوة أدين بمقتضاها، حسب مسؤولين في منظمة «ريبريف» البريطانية غير الحكومية التي تبنت ملف الدفاع عن الحبشي. وقد عاد ملف معتقل تمارة مجددا إلى واجهة الأحداث بعدما خرج بعض المعتقلين من السلفية الجهادية بتسجيلات كشفوا فيها تعرضهم للتعذيب، مثل بوشتا الشارف، الذي أكد في تسجيل مصور له أنه تعرض لمختلف أصناف التعذيب في ذلك المعتقل خارج القانون، وكشف أيضا عن مقتل عدد من معتقلي نفس التيار في نفس المعتقل، مثل محمد أبو النيت وعبد الحق بناصر المعروف بمول الصباط، وهو التسجيل الذي أثار جدلا في أوساط الجمعيات الحقوقية، التي طالبت بإغلاق ذلك المعتقل ومحاسبة المسؤولين عن التعذيب فيه. ووصل موضوع هذا المعتقل إلى قبة البرلمان في الأسبوع الماضي عندما طرح فريق حزب العدالة والتنمية سؤالا على وزير الداخلية الطيب الشرقاوي حول وجود هذا المعتقل وحول ما يشاع بشأن ممارسات التعذيب فيه للمعتقلين، وخاصة المتهمين في إطار قانون الإرهاب، غير أن وزير الداخلية صرح بأن مراكز الاعتقال بالمغرب منظمة بقانون، لكنه لم ينف أو يؤكد وجود معتقل بذلك الاسم، مكتفيا بالقول بأن القوانين المغربية تجرم التعذيب والاختطاف والاحتجاز، مشيرا إلى أن كل متضرر يمكنه أن يرفع دعواه إلى الجهات المختصة.