نظم المركز الثقافي» الأندلس» بمرتيل، مؤخرا لقاء مع الناقد المغربي محمد مشبال حول إصداره الجديد «الهوى المصري في المخيلة المغربية» يندرج ضمن سلسلة التعريف بالإصدارات التي دأب المركز على تنظيمها ضمن أنشطته الثقافية، وذلك بحضور العديد من النقاد والشعراء والروائيين والأكاديميين من المدرسة العليا للأساتذة وكلية آداب تطوان. في بداية اللقاء قدم مدير المركز الناقد السينمائي عبد اللطيف البازي محمد مشبال إلى الحضور النوعي بوصفه واحدا من الأسماء المنشغلة بالسؤال النقدي والبلاغي بالمغرب، حيث راكم عددا من الكتب الهامة: «مقولات بلاغية في تحليل الشعر» و«بلاغة النادرة» و«أسرار النقد الأدبي» و«الصورة الروائية لستفين أولمان» ترجمة مع رضوان العيادي و«البلاغة والأصول» وأخيرا «الهوى المصري في المخيلة المغربية»، الذي اعتبره يترجم إحساسنا كمغاربة بنا مس من الهوى المصري ونشعر بانجذاب خاص نحو سحر مصر. بعد ذلك تناول عبد الإله المويسي كتاب «الهوى المصري في المخيلة المغربية» بتقديم عام انطلق فيه من السياق الذي يأتي فيه هذا الإصدار ضمن منشوراته «بلاغات» متوقفا عند التداعيات والدلالات داخل أنساق التلقي في كتاب «الهوى المصري» الذي يروم ربط النصوص بالحياة. وفي كلمته أكد الأكاديمي محمد مشبال أن كتاب «الهوى المصري» تحكمت في إنتاجه غايتان: غاية ذاتية وأخرى علمية موضوعية. الأولى أراد من خلالها التعبير عن جزء من ذاكرته وسيرته الذهنية التي ارتبطت بالثقافة المصرية منذ فترة مبكرة من تكوينه الوجداني والمعرفي، لأنه مدين في تكوين شخصيته العلمية والإنسانية لنصوص الثقافة المصرية التي أدمن قراءتها في مرحلة الشباب، مثلما شكلت رغبات عبد الكريم غلاب ومحمد برادة وأحمد الساحلي في رواية محمد أنقار. أما أما الثانية فقد أراد من خلالها الإسهام في نمط من الكتابة النقدية الذي لم يعد دارجا ومألوفا في الثقافة الأدبية المغربية والعربية في العقود الأخيرة، على الأقل منذ بداية الثمانينيات، التي شهدت التدخل القوي للمناهج النقدية في الدراسات الأدبية العربية، ويقصد بها الباحث محمد مشبال ذلك النوع من التأليف النقدي الذي لا يتوجه بالضرورة إلى القارئ المتخصص، كما أنه لا يهدف إلى تطوير منهج أو صقل أداة أو الخوض في إشكال نظري، بل يتوجه إلى القارئ العام حتى وإن كان مفهوما مبهما أو غير ذي سند في الواقع، يسعى إلى تناول الأعمال الأدبية من حيث هي تعبير عن تجارب إنسانية واجتماعية وتاريخية وحضارية –يضيف مشبال- إن العمل الأدبي ليس فقط مجموعة من المقولات الشكلية التي اجتدبت معظم دارسي الأدب المعاصرين، بل هو أيضا تجربة في الحياة وعلى دارسي الأدب أن يأخذوا بعين الاعتبار هذه الحقيقة في دراساتهم إن شاؤوا التواصل الصادق مع الأعمال الأدبية. كما تحدث صاحب « الهوى المصري» عن ضيقه الشديد لسطوة المناهج النقدية على معظم الدراسات الأدبية العربية، معربا عن حاجتنا إلى إلى تأليف في مجال النقد الأدبي ينمي المعرفة بالأدب وصقل الأذواق ونشر الثقافة الأدبية، التي لا تتعارض مع حاجة كثير من الدارسين المعاصرين إلى الانخراط في التنظير للأدب، محذرا من مغبة أن يجور الدرس النقدي على الكتابة النقدية التي تتوخى التواصل مع الأعمال الأدبية باعتبارها تجربة في الحياة. إن الخطاب البلاغي الذي ينشده محمد مشبال لا ينفصل عن غاية كلية وهي فهم الأدب والأعمال الأدبية وترسيخ الثقافة الأدبية في حياة الناس.