بعد مرور أزيد من شهرين فهم المغاربة سر عدم استقبال الملك محمد السادس للأبطال المغاربة المؤهلين لأولمبياد أثينا، جاء الرد بعد طول انتظار ليحمل عبر سطور الرسالة الملكية، الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة التي نظمت في الصخيرات يوم الجمعة الماضي، مسببات الغضب. حين توجه محمد معتصم مستشار الملك بخطى عسكرية نحو منصة الخطابة، لم يكن أشد المتشائمين يعتقد بأن الرجل يتأبط حروفا أشبه برصاص موجه نحو عشيرة الرياضيين، لكن الرسالة قدمت تشخيصا حقيقيا للواقع وأبرزت، في ما يشبه «السكانير»، مكامن الخلل في سياستنا الرياضية، وتبين أن الملك غاضب فعلا على الرياضة والرياضيين. وصفت الرسالة الملكية المشهد الرياضي بالتدهور والارتجال، وأشارت إلى وجود كائنات تستعمل الرياضة مطية للارتزاق، وألقت باللائمة على المسيرين الذين يتشبثون بكراسيهم ويدوسون على قيم الرياضة ومبادئ الحكامة.. أدانت الرسالة الملكية مسؤولي الفرق والجامعات وطالبت الصحافة بالالتزام بأخلاقيات المهنة، إلا من رحم ربي، قال أحد المسيرين القياديين للشأن الكروي إن المقصود بعبارة «إلا من رحم ربي» هم أعضاء المجموعة الوطنية لكرة القدم، وقال حكم متقاعد إن الرسالة برأت الحكام ولم تشر إليهم بأصابع الاتهام، قبل أن يرد عليه أحد رفاقه بالقول إن الرسالة الملكية موجهة إلى المشاركين في المناظرة وأن الاستثناء غير وارد، بينما قال أحد اللاعبين القدامى إن الرسالة تدعو الفرق إلى تكريم الرعيل السابق، وظل يبحث عبر سطورها عما يدعم موقفه. أغلب المسيرين انتابتهم نوبة إسهال بعد أن تأكدوا من غضبة الملك، بعضهم وقف في طابور مراحيض قصر المؤتمرات وهو يعيد ترتيب أفكار الرسالة، ويحصي ما تبقى من عمره الرياضي، والبعض تناول قرصا مهدئا بدل التوجه إلى موائد العشاء بشهية مصادرة. عمل عباس الفاسي بمبدأ «إذا حضر الماء بطل التيمم» وطلب من الوزيرة إعفاءه من الكلام، رغم أنه كان من المقرر أن يقدم خطابه مباشرة بعد الرسالة الملكية، ربما تبين لعباس أن كلامه سيحوله إلى لاعب في حالة شرود، لكن وزيرة الشباب والرياضة لم تتردد في قراءة نص خطابها أمام الحاضرين الذين انشغلوا بقراءة مضامين كلام الملك. حين يتحدث الصحافي عن اختلالات المشهد الإعلامي، ويلقي باللائمة على المسؤولين الخالدين فيها أبدا، وحين يكشف رجل الإعلام عن المصالح الشخصية التي تحرك النوايا، يتهم بالنظر إلى نصف الكأس الفارغ، وباستعمال نظارات سوداء أثناء الكتابة، ويصنف في خانة المغرد خارج السرب، لكن حين كشف الملك عن الداء قال اللائمون: «لقد بلغ السيل الزبى». لا تحمل رسائل الملك الموجهة إلى المؤتمرات عادة كل هذا اللوم والعتاب، مما يجعل الكثير من المهتمين يفهمون سر غضبة ملك البلاد من طرق تسيير الشأن الرياضي، وإصرار رسالته على وصف الرياضيين بالعشيرة بكل ما يميز النظام العشائري من اختلالات. ومن المفارقات الغريبة في رسالة الملك أن المستشار الملكي محمد معتصم قد حمل، قبل يوم واحد من المناظرة، رسالة مماثلة إلى المشاركين في المؤتمر التاسع عشر للفيدرالية الدولية للممثلين بمراكش، وكانت محملة بعبارات الثناء والرضى على عشيرة الفنانين، بينما كان نصيب الرياضيين إنذارا كتابيا قبل الإعلان عن خطة استعجالية لإنقاذ الرياضة المغربية من السكتة القلبية.