في كتابه الجديد، الذي ترجم إلى اللغة العربية، يصف كاتب أمريكي بلده بالإمبراطورية، التي لها قناصل كما كان للإمبراطورية الرومانية. ويعتبر أن أمريكا تمارس الاستبداد منذ سنة 2001، ويضيف بأن النفط وإسرائيل والسياسات المحلية لعبت كلها دورا حاسما في حرب إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش ضد العراق، وأن المصاريف التي صرفت على الحرب لم تؤد منها الولاياتالمتحدةالأمريكية سوى جزء ضئيل، بينما تكفلت دول أخرى كالسعودية والكويت والامارات بالباقي. هنا قراءة في الكتاب كما أوردته «رويترز». يرى تشالمرز جونسون، وهو أكاديمي عمل مستشارا سابقا بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أن الولاياتالمتحدة تتناقض مع نفسها حين «تتكلم» عن نشر الديمقراطية، رغم كونها إمبراطورية تمارس أشكال الاستبداد، وأنه منذ 2001 أصبحت أمريكا إمبراطورية حقيقية. ويقول تشالمرز جونسون: «لدى إمبراطوريتنا نواب قناصلها» كما كان الحال في الإمبراطورية الرومانية. ففي الحالة الأمريكية يتولى عسكريون كبار فرض اتفاقيات «على الحكومات المضيفة لضمان عدم تحميل الجنود الأمريكيين مسؤولية الجرائم التي يرتكبونها ضد السكان المحليين». ويصف ذلك بأنه عسكرة للإمبراطورية الأمريكية. ويسجل تشالمرز أن «النزعة الإمبراطورية لا تحكم مطلقا من خلال الشعب ولا تسعى إلى الحصول على رضاه». إذ تهيمن على العالم من خلال قوتها العسكرية التي يقول إنها تضم أكثر من 725 قاعدة عسكرية و12 حاملة طائرات وأكثر من نصف مليون من الجنود والجواسيس والتقنيين والمقاولين المدنيين، إضافة إلى ما يسميه القواعد السرية خارج أمريكا لمراقبة ما تتبادله الشعوب من رسائل الفاكس أو البريد الإلكتروني. ويضيف في كتابه «أحزان الإمبراطورية.. النزعة العسكرية والسرية ونهاية الجمهورية» أن جذور النزعة الإمبراطورية ترجع إلى بدايات القرن التاسع عشر، ولكنها بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت الأقوى والأغنى والوريث التلقائي للإمبراطورية البريطانية. 11سبتمبر ويرى تشالمرز أن هجمات 11 سبتمير 2001 أدت إلى «تغيير خطير» في رؤية الولاياتالمتحدة كإمبراطورية حقيقية «أو روماالجديدة. وهي أضخم صرح في التاريخ ولم تعد مقيدة بالقانون الدولي ولا بهموم الحلفاء ولا بأي قيود على استخدامها للقوة العسكرية. الولاياتالمتحدة شيء مغاير لما تظاهرت به. في الحقيقة هي قوة ساحقة مصممة على السيطرة على العالم». والكتاب الذي صدرت ترجمته العربية عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة يقع في 429 صفحة كبيرة القطع وترجمه صلاح عويس، وهو خبير إعلامي مصري. ومؤلف الكتاب (81 عاما) أستاذ غير متفرغ للعلاقات الدولية بجامعة كاليفورنيا، وهو ضابط بحري سابق وكان مستشارا لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بين عامي 1967 و1973. ويضم الكتاب فصولا، منها «الإمبراطوريات القديمة والحديثة»، و «جذور النزعة العسكرية الأمريكية»، و«نحو روماالجديدة»، و»مؤسسات النزعة العسكرية الأمريكية»، و«الجنود البدلاء والمرتزقة»، و«إمبرطورية القواعد»، و»الحربان العراقيتان 1991 و2003» . حرب العراق ويؤكد المؤلف على أن «النفط وإسرائيل والسياسات المحلية لعبت كلها دورا حاسما في حرب إدارة بوش ضد العراق» والتي أنهت نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين واحتلال العراق عام 2003 . ويسجل الكتاب أن أمريكا استهدفت بالحرب على العراق إقامة «قواعد عسكرية دائمة في ذلك البلد لتسيطر من خلالها على الشرق الأوسط». ويستعرض جونسون في مقدمة كتابه جانبا يقول إنه غائب تماما عن الإعلام الأمريكي في «إمبرطورية القواعد الأمريكية»، حيث زار عام 1996 قاعدة أمريكية في جزيرة أوكيناوا باليابان عقب قيام اثنين من جنود مشاة البحرية الأمريكية وبحار أمريكي باغتصاب فتاة في الثانية عشرة. ويضيف أنه نشر مشاهداته في كتاب «الانفجار المرتد» عام 2000، وأنه استخدم مصطلح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «الانفجار المرتد» عنوانا لكتابه السابق، مسجلا أن سكان أوكيناوا ربما يثورون في أي وقت هم وسكان أي مكان توجد فيه حاميات عسكرية أمريكية. ويعلق الكاتب على واقعة الاغتصاب قائلا «إن الأمة تحصد ما تزرعه. بصيرتي نفذت إلى منظمات الإمبريالية الأمريكية وعملياتها السرية»، التي يخشى معها على مستقبل للبلاد مشابه لمصير الاتحاد السوفيتي السابق. ويقول جونسون إن النزعة العسكرية تتعارض مع البنية الديمقراطية وتشوه ثقافتها وقيمها الأساسية «الخطر الذي أتوقعه هو أن الولاياتالمتحدة وضعت على مسار لا يختلف عن مسار الاتحاد السوفيتي السابق في ثمانينيات القرن العشرين.» ويرى أن انهيار الاتحاد السوفياتي حدث نتيجة التناقضات الاقتصادية الداخلية والجمود الأيديولوجي والتمدد الإمبراطوري والعجز عن الإصلاح.ويعلق قائلا إن بلاده نظرا لأنها أكثر ثراء فربما يطول الوقت «حتى تفعل الأمراض المماثلة فعلها ولكن أوجه التشابه واضحة.» ويرى أن الهيمنة العسكرية على العالم عمل مرهق. إذ كلفت حرب الخليج الأولى 1991 أكثر من 61 مليار دولار، لكن إسهام السعودية والكويت والإمارات وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وحلفاء آخرين بلغ 54.1 مليار دولار. أما مساهمة أمريكا فكانت «ضئيلة» ولم تزد على سبعة مليارات دولار. ويعلق قائلا إن النزعة العسكرية والإمبراطورية «تجلب الأحزان معها دائما».