أسدلت الشرطة القضائية بالمحمدية، بداية السنة الجارية، الستار على مشاهد يومية مفزعة راح ضحيتها أزيد من 130 شخصا بجهة الدارالبيضاء الكبرى. بعد أن تمكنت من تفكيك شبكة إجرامية متخصصة في السرقة والاعتداء على المارة بتراب الولاية. واعتقال ستة من أفرادها تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة. عاطلين ومتعثرين دراسيا ومدمنين على استهلاك المخدرات. أربعة منهم يقطنون بمنطقة عين حرودة، واثنان من عمالة البرنوصي. فيما استمر البحث عن ثلاثة ّآخرين. تعرفت عناصر الشرطة القضائية على هوية المتهمين وأماكن سكنهم، وكان معظم الضحايا من النساء، ضمنهم مواطنة فرنسية. تعرضوا للسرقة والاعتداء بمناطق المحمدية، عين حرودة، عين السبع، والبرنوصي. وكان الجناة يقضون النهار وجزءا من الليل في الترصد للضحايا، يستعملون بالتناوب ثلاث دراجات نارية من الحجم الكبير مجهولة المصدر. (اثنتان نوع ليوناردو زرقاء ورمادية وواحدة تي ماكس). قبل أن تتعطل إحداهما، وتستمر جرائم السرقة باستعمال دراجتين فقط، بمعدل ست إلى ثماني عملية إجرامية في اليوم. وكانوا يستعينون بسيوف لتهديد الضحايا وسلبهم كل ما توفر لديهم حينها. كما كانوا يتخلصون من المسروقات العينية ببيعها بمجرد سرقتها لأول زبون يصادفونه وبأثمنة جد منخفضة مقارنة بالقيمة الحقيقية للمسروقات ك(الهواتف النقالة، السلاسل الذهبية، حواسيب نقالة...). كما كانوا يتلفون الوثائق الخاصة بالضحايا، والتي كانوا يعثرون عليها داخل حقائبهم ومحافظهم، وذلك بإحراقها أو تمزيقها، الأمرنفسه كان ينسحب على بطاقات الهواتف النقالة وبطاقات بنكية للسحب الأوتوماتيكي، وبطاقات التعريف الوطنية ورخص السياقة. أحيلت المجموعة على الوكيل العام للملك لدى استئنافية الدارالبيضاء، مثقلة بجملة من التهم شملت تكوين عصابة إجرامية خطيرة متخصصة في ارتكاب السرقات بالخطف تحت طائلة التهديد باستعمال أسلحة بيضاء، واستعمال ناقلات ذات محركات والمساهمة والمشاركة والعصيان، ومحاولة الاعتداء على شرطيين أثناء تأديتهما لمهامهما بالسلاح الأبيض، وإتلاف وثائق رسمية، وترويج ناقلة ذات محرك ذات قوة دفع كبيرة مشكوك في مصدرها، وإخفاء أشياء متحصلة من ارتكاب جناية. أكثر من سنة سطو وتهديد كان أفراد الشبكة ينشطون منذ أزيد من سنة في عمليات السرقة بالخطف، مستعملين سيوفا وسكاكين لتهديد المارة وسلبهم ممتلكاتهم وتهديدهم بالقتل والانتقام في حالة التبليغ عنهم. كانوا يستهدفون المارة والعمال، خصوصا النساء منهم، حيث كانوا يترصدون لهم بأماكن يسهل التحرك فيها باستعمال دراجتهم النارية القوية، والتي لا تثير شكوك الضحايا نظرا لندرتها وغلاء ثمنها. كما أن أفراد الشبكة كانوا يسلكون أزقة وشوارع ليس بها شرطة المرور وحواجز أمنية، ويغيرون أماكنهم بسرعة، مستغلين السرعة الكبيرة لتلك الدراجات التي يستحيل مطاردتها باستعمال السيارات الأمنية. سقوط أفراد الشبكة ولج عنصران من العصابة ليلا، محطة للوقود بشارع الحسن الثاني على متن دراجة نارية من الحجم الكبير نوع (ت ماكس)، واستغلا وجود مستخدم المحطة وحده، وأوهماه بأنهما يرغبان بالتزود بالبنزين، وسلمه السائق مبلغ 20 درهما، وفي الوقت الذي استدار المستخدم نحو خزان البنزين، وحاول سحب خرطوم التزود، سحب مساعد السائق حقيبة المستخدم بالقوة، مستعينا بسكين قطع به حزام الحقيبة، التي كان بها مبلغ 15 ألف درهم، واختفيا عن الأنظار. تم تحديد مواقع عمليات السطو التي تمت بجنوب مدينة المحمدية وامتدت إلى منطقة عين حرودة ومدينة الدارالبيضاء. وشنت الشرطة حملة تمشيطية واسعة، وعمليات ترصد. وتعود عملية تفكيك أول خيوط الشبكة الإجرامية التي اقترفت 60 عملية إجرامية بالمحمدية وحدها، إلى حوالي منتصف شهر فبراير الماضي حين تعرضت سيدة للسرقة والاعتداء بشارع الحسن الثاني، حيث تمكنت عناصر الشرطة من اعتقال الجاني الذي أقر بعد بحث دقيق معه باقترافه عدة عمليات سرقة رفقة مجموعة من الشركاء، وأدلى بهوياتهم. حيث تم اعتقال خمسة من شركائه فيما لايزال البحث جاريا عن ثلاثة فارين. ويذكر أن بعض العناصر الأمنية كادت تتعرض للقتل خلال عملية اعتقال بعض الجناة الذين قاوموا بكل ما لديهم من قوة من أجل الفرار من قبضتهم. تزايد شكايات المواطنين بعد الضجة الإعلامية التي رافقت عملية تفكيك الشبكة عبر المنابر الإعلامية المكتوبة والمسموعة والمرئية والمواقع الالكترونية، تهاطلت على مصلحة الشرطة القضائية والدوائر الأمنية بمدينة المحمدية العشرات من الشكايات الخاصة باعتراض السبيل والسرقة تحت التهديد باستعمال أسلحة بيضاء، ودراجات نارية... واتضح أن الشبكة كانت تنشط بقوة بتراب جهة الدارالبيضاء الكبرى وأن مجموعة من الضحايا الذين لم يتقدموا بشكايات لحظة تعرضهم للاعتداءات والسرقة، كانوا إما متخوفين من انتقام الجناة، أو يائسين من عدم قدرة العناصر الأمنية على التصدي للشبكة، بعد أن وقفوا في العديد من المرات على سرقات شبيهة وقعت في واضحة النهار وبشوارع مملوءة بالمارة وعلى بعد أمتار من مراكز أو عناصر أمنية. كما أن أفراد الشبكة، يستعملون دراجات نارية لا وثائق لها، ويقضي أفرادها أيامهم في التجول بالأزقة والشوارع دون أن تبادر العناصر الأمنية إلى إيقافهم وحجز تلك الدراجات النارية التي غالبا ما تكون مسروقة أو مهربة من الخارج بوثائق مزورة. وتحدث بعض السكان عن الدراجات النارية نوع (سكوتر) التي غزت ولاية الدارالبيضاء. وطالبوا بالبحث عن سبب تزايدها، والتدقيق في وثائقها لأن سرعتها تفوق 200 كلم في الساعة، وكشفوا ل»المساء» أن هناك مافيا للدراجات النارية تنشط بكثافة في صفوف المراهقين والشباب، وأن معظم الدراجات النارية تجلبها المافيا تحت الطلب من الخارج بعد أن يتم تزوير وثائقها، وأن العديد من هذه الدراجات تلزمها رخصة للسياقة.