ما تقييمك لخطوة إعلان الدولة المغربية، مؤخرا، عن المصادقة على اتفاقية الاختفاء القسري؟ لابد من التأكيد بأن هذا القرار جاء نتيجة نضالات طويلة خاضتها الحركة الحقوقية وضحايا الاختفاء القسري وعائلات المفقودين ومجهولي المصير. كما كان من بين توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة كأحد تدابير عدم تكرار الاختطاف. إن جرائم الاختفاء القسري وملف مجهولي المصير تعتبر وصمة عار في تاريخ الدولة المغربية، لذلك أعتقد بأن هذه المبادرة ستقوم، نسبيا، بالحد منها عن طريق تجريمها في الدستور وفي مشروع القانون الجنائي، وهو ما يتطلب جرأة سياسية لتفعيل مضامينها لمعرفة حقيقة كل المختطفين ومحاكمة المتورطين. إلا أن ذلك لا يمنعني من إثارة بعض التحفظات والتخوف من إفراغ هذه الاتفاقية من محتواها الكوني والحقوقي الإجرائي. ما طبيعة التحفظات التي يمكن أن تقلل من الآثار القانونية للمصادقة على الاتفاقية؟ إذا تتبعنا تصريحات الحكومة في البرلمان وفي جنيف أثناء انعقاد مجلس حقوق الإنسان، وكذا البيان الصادر عن المجلس الوزاري حول مصادقة المغرب على اتفاقية الاختفاء القسري، سنلاحظ بأنه لم يتم إعطاء مؤشرات حول رغبة الدولة في الحفاظ على حقوق الضحايا والمجتمع من الاختفاء القسري، وستمر المصادقة دون إعطاء الأفراد والضحايا حق التظلم لدى اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري. فالمادتان 31 و32 من الاتفاقية تشيران في البداية إلى مصطلح «يجوز للدولة»، وهي عبارة تعبر عن رغبة سيادية قد تتحقق أو لا تتحقق. كما أنها غير ملزمة من الناحية التعاقدية حتى تكون لها آثار قانونية، مما يعني أن الدولة في غياب التزام وتصريح واضح عند المصادقة بصلاحية واختصاص اللجنة المعنية بالاختفاء القسري بتلقي شكاوى الأفراد ضحايا هذه الجريمة، ستتحكم في نوع التقارير والقضايا المقدمة إلى الدول الأعضاء في الاتفاقية أثناء تقديم التقارير السنوية، وهي تقارير لن تسبب، حتما، إحراجا للدولة. وهذا نقاش قانوني أتمنى أن يفتح بين كل المعنيين بهذا الموضوع. ما تداعيات ذلك على قضايا الاختفاء القسري، التي مازالت معلقة في أرشيف الدولة، وعلى رأسها قضية المهدي بن بركة والمانوزي وغيرهما المجتمع المدني مطالب الآن بالترافع والضغط على الحكومة للاعتراف – أثناء المصادقة- بحق الأفراد في اللجوء إلى اللجنة المعنية بالاختفاء القسري ومعرفة مصير كافة ضحايا الاختفاء ومجهولي المصير بالمغرب. وهنا لابد من التوضيح بأنه قد يقول قائل إن المصادقة تأتي في المرتبة الأولى وبعد ذلك يمكن إلحاقها بالتصريح. لكن يتعين لفت الانتباه إلى أن الإرادة السياسية قابلة للتغيير في أي وقت وغير متحكم فيها، وبأن مفاوض اليوم ليس هو مفاوض الغد، وقد كانت لنا تجربة سيئة مع توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، التي بقيت سبع سنوات في ثلاجة الدولة. أما الملفات التي طرحتها ستبقى مفتوحة لأنها تدخل في جرائم الاختفاء القسري، التي هي بحكم القانون جرائم مستمرة في الزمان ولا يبدأ تاريخ تقادمها إلا منذ اليوم الذي يتم فيه الكشف عن مصير الضحايا (المادة 8). خبير دولي في مكافحة الإفلات من العقاب