اتحاد طنجة يحقق فوزا مهما على حساب حسنية أكادير ويرتقي في سبورة الترتيب    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    كلميم..توقيف 394 مرشحا للهجرة غير النظامية    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    الريسوني ل"اليوم 24": تعديلات مدونة الأسرة خالفت الشريعة الإسلامية في مسألة واحدة (حوار)    زياش يضع شرطا للموافقة على رحيله عن غلطة سراي التركي    بوتين يعتذر لرئيس أذربيجان عن حادث تحطم الطائرة    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    مرتيل: تجديد المكتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة    تشديد المراقبة بمحيط سبتة ينقل المهاجرين إلى طنجة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    الاحتفاء بالراحل العلامة محمد الفاسي في يوم اللغة العربية: إرث لغوي يتجدد    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    مدرب الوداد: بالنسبة للمغرب الفاسي كل مباراة ضدنا بمثابة نهائي الكأس    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مونديال الأندية.. الوداد الرياضي يشارك في ورشة عمل تنظمها "الفيفا" بأمريكا    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    مباحثات مغربية موريتانية حول تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين البلدين    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    كيوسك السبت | الحكومة تلتزم بصياغة مشروع مدونة الأسرة في آجال معقولة    حريق يأتي على منزلين في باب برد بإقليم شفشاون    أزولاي يشيد بالإبداعات في الصويرة    الرئيس الموريتاني يجري تغييرات واسعة على قيادة الجيش والدرك والاستخبارات    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    لأداء الضرائب والرسوم.. الخزينة العامة للمملكة تتيح ديمومة الخدمات السبت والأحد المقبلين    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    بورصة البيضاء تغلق التداولات بالأحمر    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغاربة يخجلون من أسمائهم العائلية بسبب إيحاءاتها غير المستحبة
أزيد من 1500 شخص يتخلصون سنويا من أسمائهم العائلية ذات الحمولة الجنسية أو العيب الخلقي
نشر في المساء يوم 24 - 03 - 2012

ليس من السهل تغيير اسمك العائلي، الذي التصق بك والتصقت به وأصبح عنوانا لهويتك.. ليس سهلا التخلص من اسم أضحى
جزءا من وجودك، فالأمر لا يتعلق بإجراء إداري يُغيّر عنوان بنيان ويمسح آثار الزمان، بل بتحول في كيان إنسان.. الآن، وفي زمن التواصل الاجتماعي، يستبدل المرء اسمه الافتراضي
على صفحة «فايسبوك»، قد يصبح على اسم ويُمسي على اسم آخر، لأن التكنولوجيا الحديثة لم تعد تعترف بالأسماء الأزلية، التي تولد مع الإنسان وتلتصق به إلى أن ينتهي به المطاف
سطورا في سجل الوفيات أو على شاهد قبر، مسبوقا بلقب «المرحوم»، الذي يبتلع كل الألقاب.
تتعدد أسباب التمرد على الأسماء العائلية، ويسارع الناس إلى تغيير أسمائهم أو تعديلها، هروبا من "العار" تارة، ومن سخرية مُصادَرة كلما ترددت "كنية" مستفزة تبعث على الحشمة تارة أخرى.. لكنّ التغيير لا يقتصر على الأسماء التي تتّسم ب"قلة الحياء"، بل يلجأ كثير من الناس إلى إجراء تعديل الغاية منه استدراك خروج اضطراري عن سكة الاسم العائلي..
"المساء" تقلب أوراق الحالة المدنية وترصد معركة شريحة هامة من المواطنين مع "داء" الأسماء العائلية المستفزة، وتقدم الجوانب الخفية في ملف دخل خانة الطابوهات...
"عار" دفتر الحالة المدنية..
تحمّل لحنش المختار مضاعفات اسم عائلي مشبع بحمولات قدحية، ف"الحنش" ارتبط في أذهان المغاربة بالمداهمة وظلت علاقته بالإنسان مبنية على عدم الثقة، وحين قُدِّر للمختار أن يحمل اسما عائليا له إيحاءات حيوانية، فإنه ظل لسنوات عرضة لسخرية مكتومة الصوت، وكلما اختلف في معاملاته التجارية مع زبون يتذكر الناس اسمه العائليَّ المرادف للحيلة و"تحراميات".. لذا قرر أن يتخلص من "العار" الجاثم على وثائقه ومستنداته الرسمية، والذي يجعل منه "ثعبانا" آدميا من حيث لا يدري..
"كلما اختلفتُ مع شخص إلا وتذكر اسمي العائلي وشعرت بأنه اقتنع بأنني "اسم على مسمى".. طاردني شبح الاسم منذ الطفولة، حيث كان رفاق الدرب يحملون ألقابا سرعان ما تلاشت بالتقادم، لكن اسمي ظل يرافقني، بل هناك من كانوا يعتقدون أن "لحنش" مجرد لقب طفولي، فيترددون في مناداتي به، بل يسألون أصدقائي عما إذا كان لقب "لحنش" يغضبني.. لكنْ حين تزوجت وأنجبت أبناء، قررت أن أنهي هذا "الكابوس" الذي تحمّلته لأزيد من أربعة عقود، فغيرتُ "لحنش" بلقب عائلي يحمله أعمامي وهو الحاضي، وانتهت المعاناة تدريجية وتنفّسَ ابناي وزوجتي الصعداء"..
تخلص لحنش من لقب عائلي مشين، خاصة حين ارتبط باسمه الشخصي المختار، حيث أصبح شبيها بالزواحف المختارة، وتحول من حيث لا يدري إلى عدو للقبه، لذا توجه إلى ضابط الحالة المدنية في الجماعة وكشف عن الألم الذي يعتصره، وكأنه يقف أمام طبيب. ولأن دواعي تغيير الاسم حاضرة، فإن المسطرة قد أخذت مجراها، وبعد ثلاثة أشهر، "مات" لحنش ب"سُمّ" المادة ال20 من مرسوم وزاري للحالة المدنية.
يقول المختار ل"المساء"، وهو يروي معاناته: "فرض علي اسمي العائلي التحلي بأخلاق عالية وكنت مجبرا على التزام الهدوء والصبر وعدم إيذاء الناس حتى لا يقولوا إن لحنش خبيث، وأذكر أن شرطي مرور أوقفني يوما بسبب عدم استعمال حزام السلامة، حاولت تبرير موقفي قبل أن يرد لي وثائقي وهو يقول: "أنت حنش نيتْ"..
والغريب في قضية هذا الرجل أن اسمه العائلي الجديد لا يخلو من عار: "اكتشفتُ خلال عرض برنامج أخطر المجرمين أن سفاحا في تارودانت كان يحمل هذا الاسم، فقلت لي زوجتي اللهم لحنش"...
دواعي التخلص من اسم عائلي مستفز
ما وقع للمختار لحنش يحدث يوميا لعدد كبير من المواطنين المغاربة، الذيم منحهم المشرع فرصة التخلص من لقب عائلي "مستفز" إذا تبيّنَ أنه يحمل عبوات ناسفة للأخلاق والقيّم والتقاليد، وغالبا ما يستند الراغبون في التخلص من تبعات أسماء عائلية مستفزة إلى أسماء أفراد عائلاتهم، الحاملين أسماء قابلة للتداول، فينضمّون إلى شجرتها ويُنهُون محنة تضرب عمق الكيان النفسي للشخص وتصدر في حقه حكما ب"عقوبة نفسية مُؤبَّدة"، على حد تعبير مفتش للحالة المدنية في الدار البيضاء، والذي قال إن قضية الحالة المدنية والأسماء العائلية ظلت مُغيَّبة، سواء من طرف المواطن أو المسؤولين: "غالبا ما يحال على قسم الحالة المدنية الموظفون الأقل خبرة ودراية، وفي كثير من الأحيان، نصادف في المقاطعات أن من يحررون عقود الازدياد ويباشرون أمور الحالة المدنية هم من الموظفين الذين أحيلوا على هذا القسم لأسباب غير مرتبطة بالعلم والخبرة.. كما أن رؤساء الجماعات يمنحون موظفين أو مستشارين جماعيين بدون تكوين مسؤولية ضابط الحالة المدنية بالتفويض، وهذا يزيد من مأزق المهنة".
وللتصدي للأسماء "المشينة"، أصدرت وزارة الداخلية دليلا للأسماء الشخصية، كما أصدرت ما يسميه مهنيو الحالة المدنية "كشاف الأسماء العائلية"، وهو أشبه ب"كاتالوغ" يضمّ مئات الأسماء التي يمكن أن تمنح للأطفال المتخلى عنهم أو لمجهولي الأب أو الأبوية، في انتظار صدور دليل للأسماء العائلية الممنوعة من التداول.
أسماء ممنوعة من الصرف
يرى الكثير من المواطنين الذين غيّروا أسماءهم، العائلية بالخصوص، أن الإقدام على هذه الخطوة والتمرد على دفتر الحالة المدنية جاء بإيعاز من الأبناء والزوجة، نظرا إلى المضاعفات النفسية والاجتماعية التي تتمخض عن اسم مشبع بالإشارات القدحية، لذا يتم اللجوء إلى ضابط الحالة المدنية ل"ضبط" الهوية، على حد تعبير مفتش خبِر تضاريس الحالة المدنية على مستوى ولاية الدار البيضاء.
يشعر كثير من المواطنين أن الأسماء المشينة تتعارض مع حق الإنسان في الحصول على اسم لهويته لا يسبب له ضررا معنويا أو ماديا، لذا يهرع الكثيرون إلى اللتخلص من أسماء مشينة لها إيحاءات جنسية، ك"البواس" و"حشاك" و"الحب" و"لوط"، مثلا، أو حيوانية، ك"الحنش" و"النمس" و"لفراقش" و"بومعزة" و"سحت الليل".. أو فيزيولوجية، مثل "بوركبة" و"زروال" و"لكليول".. أو أسماء لا تتلاءم وهوية الإنسان، ك"الدربوكة" و"القادوس" و"الروندة" و"لمهاوش".. وقِسْ على ذلك من الأسماء التي تعتبر وصمة عار على جبين عقود الازدياد والوثائق الرسمية، والتي تجلب لحامليها السخرية تارة والتقزز والاشمئزاز تارة أخرى، وتولّد فيهم أعلى درجات الخجل، خاصة لدى الأطفال واليافعين والعنصر النسوي بالخصوص، علما أن هذه الأسماء هي لدى الكثيرين "قضاء وقدَر".
تغيير اسم أم طمس لسوابق عدلية؟
انتبه المشرّع إلى بعض "النوايا السيئة" التي كانت تختفي وراء مبادرة تغيير الاسم العائلي، وتبيّنَ أن البعض يحاولون التخلص من أسماء "ملطخة" ارتبطت بمحاضر المحققين وسجلات المعتقلات، فألزم الراغبين باتّباع مسطرة التغيير أو التعديل والإدلاء بنسخة من صحيفة السوابق العدلية، حتى تتأكد اللجنة المركزية من "سلامة النية وصدق الروية"، على حد قول منتدب قضائي في عمالة عين الشق، الذي قال: "كلما طلب مواطن نسخة من السجل العدلي ولاحظتُ أن اسمه العائلي مشين ومستفز، إلا وعلمت دون أن أحرجه أنه بصدد القيام بمسطرة تغيير اسمه العائلي"..
ويمكن تغيير اللقب للهروب من الماضي المشين والسوابق العدلية، وهو ما قام به البعض، قبل أن يلزم مرسوم 2002، في المادتين ال21 وال24، الراغبين في تغيير الأسماء على الإدلاء بنسخة من صحيفة السوابق العدلية، إلى جانب وثائق أخرى ذات قوة ثبوتية: "هناك من يريدون طمس معالم سوابقهم فيختارون اسما عائليا آخر، ومن الناس من يغيرون أسماءهم لمجرد ارتباط الاسم بفعل مشين، خاصة بعض الأسماء التي لها ماضٍ دموي"، يقول المصدر ذاته.
كيف فرضت على المغاربة أسماء قدحية؟
يرى كثير من ضباط الحالة المدنية الذين التقتهم "المساء" أنه كانت للمستعمر الفرنسي اليد الطولى في صناعة أسماء عائلية مستفزة، بل إن المخزن في بداية الاستقلال ساهم، بدوره، في إلصاق "أنْكر الأسماء" في دفاتر الحالة المدنية، خاصة حين كانت مؤسسة العدول هي التي تقوم بهذا الدور والقياد والباشاوات هم ضباط الحالة المدنية.
يروي عمر الغرفي، ضابط الحالة المدنية بالتفويض، كيف أن الإدارة المغربية، في بداية عهدها بالحالة المدنية، كانت تمارس شططها في تسجيل الأسماء العائلية: "أثناء حملات تعميم القيد في سجلات الحالة المدنية، كانت طوابير المواطنين تقف أمام الموظف، الذي يختار، من تلقاء نفسه أحيانا، اسما عائليا للشخص الماثل أمامه، حسب المزاج وبناء على المظهر الجسدي أو من خلال التعرف على لقب يلتصق بالرجل في علاقته بمحيطه.. ويصبح الاسم العائلي ملزما"، ومع مرور الأيام، أمكن لضحايا الأسماء المشمئزة أن يُغيّروا أسماءهم بعيدا عن عار الاسم الجاحد. رغم ذلك، ما يزال الاهتمام بمسألة الحالة المدنية ضعيفا مقارنة مع أهمية المسألة، إذ توقفت الدولة عن تكوين مفتشين مختصين في هذا المجال وأغلقت، منذ سنة 1985، شعبة لهذا التخصص في مدرسة تكوين الأطر الإدارية في القنيطرة، بعد خمس سنوات، خرّجت خمسة أفواج فقط، مما يكشف حجم الخصاص الحاصل على مستوى التأطير في هذا الباب.
من التغيير إلى التعديل
لا يتهافت المواطن على استبدال اسم مستفز بآخر أقل حمولة استفزازية، بل يسعى كثيرون ممن عاينتهم "المساء" في طوابير العمالات والمقاطعات إلى إجراء تعديل اسمي دون مبرر قدحي، أي أن عددا من المواطنين يرون أن الاسم العائلي الحقيقي ليس هو الاسم المثبت في الوثائق الرسمية ويُدْلون بما يؤكد هذا الطرح، فيتم اتّباع مسطرة التعديل، التي لا تختلف كثيرا عن مسطرة التغيير.
وقد صادفت "المساء" أثناء إنجاز الروبورطاج حالة شخص غيّر اسمَه العائلي "فاضل" ب"غلاب".. ورغم أن الاسم الأصلي "أفضل" من الاسم البديل، فإن إدلاء المعني بما يزكي انتماءه إلى شجرة غلاب العائلية مكّنَ اللجنة من الموافقة على طلبه، فانضم إلى أسماء الوجاهة..
وكشف مفتش مركزي للحالة المدنية عن وجود تساهل في تلبية طلبات الراغبين في استبدال اسمائهم أو تعديلها، مشيرا إلى أن عدد الطلبات التي تُعرَض على اللجنة المختلطة التي تبُتّ في هذه القضايا يتعدى 1500 حالة سنويا، تحظى نسبة كبيرة منها بالقبول، كما أن الدوريات الصادرة عن وزارة الداخلية ظلت تشجع التغيير والتعديل من أجل "كناش حالة مدنية غير مُخِلّ بالحياء"، على حد تعبير مصدرنا.
كنية بُوكْ لا يْغلبوكْ..
ليس كل المغاربة متحمسين لاستبدال أسمائهم العائلية، فهناك عدد كبير من المواطنين يتحملون "وزر" اسم عائلي مشين ويتقبلون التعليقات الساخرة على مضض، دون أن يباشروا إجراءات التخلص من عبء الأسماء وجبروتها، لأنها في اعتقادهم جزء من الهوية وموروث لا يمكن التخلص منه بجرة قلم، بينما يرى البعض أن الدولة، التي خاضت في حقبة زمنية معينة، حملة لتعميم نظام الحالة المدنية في القرى والبوادي والمناطق النائية بالخصوص، مُطالَبة بالقيام بحملة تحسيسية واسعة لاستدراك هفوات باشاواتها وقيادها وموظفيها الذين فرضوا أسماء عائلية تحولت، مع مرور الزمن، إلى ما يشبه الإعاقة النفسية المزمنة، التي لا تتطلب مجرد قرار بتغييرها، بل بجبر الضرر الناجم عنها.
أشهر الأسماء العائلية المشينة
الزكروم -الفردة -الغاسول - حمر الراس -الدموي -بوعريوات -لحمار -الدركوم -لقفال- طلاميس- العفريت -الجن -خشلاعة -حراما- لخواض- الزفيفيط.. ومئات الأسماء التي مازالت ملتصقة بالوثائق الرسمية، ومنها من يخرج عن نطاق لغتنا وثقافتنا، خاصة بعض الأسماء الدخيلة، مثل: "زافانا" و"فاكو" و"كوشي" و"أنطوان" وغيرها من الأسماء التي ألصقتها السلطات الاستعمارية بالمغاربة لأسباب فيزيولوجية أو تاريخية، في الغالب.
ومن المفارقات الغريبة أن المشاهير غالبا ما يهرعون إلى استبدال اسمائهم العائلية أو الشخصية بأسماء شهرة، دون اللجوء إلى المساطر الإدارية المعمول بها، حيث يتم الاحتفاظ بالأسماء الأصلية دون استعمالها، ويستثنى من هذا الإجراء الرياضيون، الذين لا يجدون إحراجا في التمسك بأسمائهم، مهْمَا حملت من استفزاز، كبودربالة والغراف ولبزار وبصيلة والعبد وحادة وشاكو وغيرهم من اللاعبين الذين شفعت لهم شهرتهم وجنبتهم سخرية الاسم..
مشاهير لجؤوا إلى أسماء مستعارة
للفنانين أسماء تمرّدت على ما هو موثق في الحالة المدنية، فعبد الهادي بلخياط اسمه الحقيقي هو عبد الهادي الزوكاري، وعبد الله الداودي هو عبد الله مخلوق، وعبد الوهاب الدكالي هو العوني بوكرن، والستاتي هو الغرباوي، ومصطفى بوركون هو السمرقندي وثريا جبران لسيت إلا السعدية قريطيف والبشير عبدو هو البشير لمكرّد، والحاج يونس هو الرياحي محمد، نسبة لمنطقة امزاب، التي يتحدر منها، والداودية اسمها الحقيقي هو هند حنوي، قبل أن تخضعه لعملية "تجميل"، وقس على ذلك من الفنانين الذين يبادرون إلى تغيير أسمائهم بمجرد انتقالهم إلى عالم الشهرة أو حتى قبل ذلك.
وجاء في كتاب للباحث محمد شفيق، بعنوان "الدارجة المغربية، مجال توارد بين الأمازيغية والعربية"، أن لبعض الأسماء العائلية دلالات متناقضة، ك"أحيزون"، الرئيس المدير العام لاتصالات المغرب، ورئيس جامعة ألعاب القوى، والذي يرمز اسمه العائلي إلى الإعاقة، رغم نجاحه الكبير كمسؤول في عالم المال والأعمال، واسم "مزوار"، وهو الاسم العائلي لوزير المالية المغربي السابق، ويعني هذا الاسم "الأول في الترتيب"، واسم "بوفتاس" وهو اسم علَم لأسرة مغربية، ومن أبرز من تسمّوا به الوزير الأسبق للإسكان. وقد اشتقت هذه الكلمة من "أفتاس"، أي الشاطئ، ليكون مقابلها بذلك هو الشاطئي أو الساحلي، بينما يعني اسم "طايطاي" وهو اسم لأسر مغربية، من أشهر من تسمّوا به وزيرة التعليم سابقا، "الصراحة" في الأمازيغية ".



المرسوم التطبيقي
لقانون الحالة المدنية
بعد الاطّلاع على القانون رقم 37.99، المتعلق بالحالة المدنية، الصادر بتنفيذه الظهيرُ الشريف رقم 1.02.239 بتاريخ 2 أكتوبر 2002، وباقتراح من وزير الداخلية، وبعد دراسة المشروع في المجلس الوزاري، الذي اجتمع في 9 أكتوبر 2002، تمت المصادقة على ما يلي:
المادة 20: تعرض الأسماء العائلية المختارة لأول مرة على أنظار لجنة عليا للحالة المدنية، تتكون من مؤرخ المملكة كرئيس وقاض ممثل لوزير العدل وممثل عن وزير الداخلية، تقوم وزارة الداخلية بالكتابة العامة للجنة العليا للحالة المدنية.
تنظر اللجنة العليا في مدى صلاحية الأسماء العائلية المختارة طبقا للمادة 20 من القانون 37.99 المذكور أعلاه.
تصبح الأسماء العائلية المقبولة نهائيا ولازمة للشخص ولأعقابه. أما الأسماء العائلية المرفوضة فترجعها اللجنة العليا إلى ضابط الحالة المدنية المختص، الذي يُشعِر بذلك المعنيين بها ويطلب منهم اختيار أسماء جديدة لتعرض على اللجنة من جديد.
المادة 21: يجوز لكل مغربي مسجل في الحالة المدنية أن يقدم طلب تغيير اسمه العائلي إلى اللجنة العليا للحالة المدنية، مبينا فيه الأسباب التي دفعته إلى طلب هذا التغيير ومعززا طلبه بالوثائق التالية:
نسخة كاملة من رسم ولادته ونسخة كاملة من رسم ولادة كل واحد من أبنائه، نسخة من سجله العدلي، نسخة من السجل العدلي بالنسبة إلى أبنائه الراشدين، نسخة من عقد ولادة أحد أقاربه من جهة الأب، يكون مسجلا في الحالة المدنية ويحمل الاسم المرغوب فيه أو شهادة عدلية أو إدارية تؤيد مطلبه، شهادة يسلمها نقيب الشرفاء المختص إذا كان الاسم المطلوب اسما عائليا شريفا، بطاقة عادية يكتب فيها الاسم المراد تغييره والاسم المطلوب بالعربية وبالأحرف اللاتينية.
تنتهي صلاحية الوثائق المذكورة أعلاه بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ إصدارها، ما عدا الشهادة العدلية والشهادة المسلمة من نقيب الشرفاء.
المادة 22 : تعقد اللجنة العليا جلساتها بمقر وزارة الداخلية للنظر في طلبات تغيير الأسماء العائلية.


خلود السباعي: «الاسم قد يتحول إلى دراما وجودية»
- ماذا يمثل الاسم في هوية الإنسان؟
يمثل الاسم أحد حقوق الإنسان الحيوية، إذ من حق كل شخص أن يحمل اسما خاصا به، يمنحه الوجود، بمختلف أبعاده، القانونية والاجتماعية والسيكولوجية.
وبناء على ذلك مثّل الاسم، على مر العصور واختلاف الحضارات، ضرورة اجتماعية، ومن هنا خاصيته الإجبارية، التي تفرض على الآباء تسجيل أبنائهم في السجلات القانونية، مما يصبح معه الاسم إحدى الخاصيات التي تحمي الفرد، تحدد مسؤولياته وتميزه عن غيره من الكائنات البشرية الأخرى، فالاسم الشخصي خاصة لا يحمل دلالة لغوية نقوم من خلالها بتعيين شخص ما، وإنما هو أيضا وسيلة لتمرير بعض القيّم الثقافية أو الدفاع عن مُثُل عليا، فالإنسان لا يسمي نفسه وإنما يسميه الغير، وبناء على ذلك، فإن اختيار الاسم لا يتم بشكل اعتباطي، وإنما غالبا ما تتم وفقا لمعايير رمزية وتاريخية، تهدف إلى موقعة الشخص ضمن جماعة الانتماء، ومنحه هويته، في بعديها الفردي والاجتماعي.
-ما هي خصائص التسمية؟ ولماذا يتم تغييره؟
من بين الخاصيات المميزة للاسم الشخصي أنه يلتصق بصاحبه منذ الولادة، وأحيانا، من قبل الولادة، لكي يصاحبه طيلة حياته إلى الوفاة. لذلك فإنه من النادر أن يسعى الأشخاص إلى تغيير أسمائهم. وفي حالة معاينتنا بعض الحالات التي يسعى أصحابها إلى تغيير أسمائهم، فذلك دليل على عدم تحمل الشخص هذا الاسم أو اللقب، لما يسببه من ألم وتضايق وغضب، نتيجة ما يثيره هذا الاسم من استهزاء أو سخرية.
- ماذا يمثل الاسم على المستوى السيكولوجي؟
لا يمثل الاسم، على المستوى السيكولوجي، مجرد وسيلة ل"تسمية" فلان أو فلانة، وإنما هو معطى رمزي يحمل دلالات سيكولوجية عميقة تعكس القيمة أو الدلالة التي منحت لهذا الشخص إبان وجوده بالنسبة إلى من تكفلوا بتعيين واختيار منحه هذا الاسم دون غيره. وبناء على ذلك، فإن الاسم الذي يُمنَح للطفل قد يعكس الظروف العامة التي وُلِد فيها هذا الطفل، كما يعكس المرجعيات الأكثر أهمية بالنسبة إلى الأسرة (دينية ولغوية) بل إن بعض المحللين في السيكولوجيا يرون أن الأسماء هي من بين المعطيات التي يمكن أن تطلعنا على بعض الأوضاع الداخلية للأسر، كما يمكن أن تطلعنا على طبيعة العلاقات بين الجماعات.. لذلك يبقى من الضروري الانتباه إلى أن الاسم هو أول هدية نمنحها للطفل، وبالتالي فكلما تعلق الأمر باسم جميل، كلما ساهم في بلورته صورة إيجابية عن ذاته، فيدرك أنه كان مرغوبا فيه، تم التفكير فيه والاهتمام به قبل وجوده، كما تم اختيار اسمه بعناية، الشيء الذي من شأنه أن يساهم في إثراء الهوية وتزكيتها، مما يمنح الشخص نوعا من الزهو بالذات، تقبلها، الإحساس بالتوافق مع الجماعة..
وفي حالة العكس، أي لمّا يُمنَح الشخص اسما "غير مقبول" اجتماعيا، إما بسبب سوء اختيار من طرف الآباء، أو بسبب صراعات أدت إلى إلصاق ألقاب معينة بأفراد أو جماعات... فإن الاسم غالبا ما يتحول في مثل هذه الظروف إلى ما يمكن أن نسميه "دراما وجودية" أو "دراما حميمية"، لما يثيره هذا الاسم أو اللقب في نفسية الشخص من مشاعر سلبية، ولِما يمكن أن يتسبب فيه من عُقَد قد تعرقل النمو والتفتق الطبيعي لشخصيته، من جراء شعوره بالرفض، توّجَهُ بالاتهام وكراهية من منحوه هذا الاسم إحساسُه بالنقص وأحيانا كراهيته ذاتَه واتهامها مع إحساس عميق بالذنب... وكلما كبر هذا الشعور، كلما دفع الفرد إلى الرغبة في تغيير اسمه .
وبناء على ذلك، فإنه يبقى من اللازم في مثل هذه الحالات تهييء وتسهيل الإجراءات القانونية التي من شأنها أن تساعد هؤلاء على تغيير أسمائهم، لأن الاسم -كما سبقت الإشارة إلى ذلك- ليس مجرد تعيين وإنما هوية وإحساس عميق بالوجود.




حسن البصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.