المجلس العسكري وحكومة الجنزوري والبرلمان والمجلس الأعلى للقضاء ونادي القضاة مطالبون الآن، وليس غدا، بالإجابة عن ألف سؤال وسؤال يفسر لنا الإفراج المخجل عن المتهمين الأمريكيي ن في قضية التمويل الأجنبي، الذي أهان مصر، بشعبها وقضائها، وطعن استقلالها وسيادتها وكبرياءها الوطني وأمنها القومي، وكشف خضوعها المهين للولايات المتحدة، وتواطؤ حكامها معها. من هذه الأسئلة: على أي أساس «نفش الجنزوري ريشه» وأعلن أن مصر لن تركع ولن تقبل بالضغوط الخارجية؟ لماذا اختفت فايزة أبوالنجا فجأة من الشاشة وهي التي كانت ملء السمع والبصر تمنح صكوك الوطنية لمن تشاء وتمنعها عمن تشاء، رغم أنها آخر الكراكيب التي تبقت من الحزب الوطني المنحل؟ أين فراعنة المجلس العسكري الذين لا يمارسون سلطانهم إلا بسحق شباب الثورة وسحل بناتها ويجبنون أمام الأجنبي؟ هل توافقوا مع «الإخوان» على الإفراج؟ ما الإجراء الفاعل الذي سيتخذه البرلمان عندما «يستدعي» الجنزوري يوم الأحد؟ بماذا يفسر لنا البرلمان انشغاله بملاحقة «العليمي» وتدليل «بكري» وانشغاله عن إصدار قانون استقلال القضاء وقانون الجمعيات الأهلية؟ هل اكتفى المستشار الغريانب، رئيس مجلس القضاء الأعلى، من الأمر بإصدار بيان يناشد فيه القضاة عدم الظهور في وسائل الإعلام؟ وفي أي قضية يفتح «الغرياني» تحقيقا عاجلا إذا لم يفتحه في هذه القضية؟ ثم هل لا يزال البلد تابعا للولايات المتحدة، كما كان أيام مبارك؟ هل لا تزال مصر الثورة تدار بأسلوب المخلوع؟ ما هي بالضبط علاقة المجلس العسكري السرية بأمريكا؟ ما الذي دار في المحادثات بين الجنرالات المصريين وكبار المسؤولين الأمريكيين الذين زاروا مصر أثناء نظر القضية؟ هل هددت أمريكا بإيقاف مساعداتها ومساعدات صندوق النقد الدولي؟ إذا كانت المساعدات مستمرة، فلماذا لا تعيدون إلى المصريين عموما، وباعة الفجل خصوصا، الأموال التي تبرعوا بها لحملة الشيخ حسان الذي أوهمنا بأننا سنستغني عن المعونة الأمريكية؟ هل أخطرت الولاياتالمتحدة بقرار الإفراج قبل صدوره وعلى ذلك أعلنت «كلينتون»، وزيرة الخارجية الأمريكية، أن الأزمة في طريقها إلى الحل وانقضت الطائرة الأمريكية على المطار دون الحصول على إذن مسبق بالهبوط؟ ألا يعتبر ما حدث جريمة تهريب كاملة الأركان يجب أن ينزل بمرتكبيها العقاب؟ ثم هل القضية جنائية أم هي قضية سياسية أقحم فيها القضاء؟ هل هناك قضية أصلا في موضوع التمويل الأجنبي أم إنها تلفيق في تلفيق؟ ألم يكن الاتفاق بين الحكومتين المصرية والأمريكية يقضي بأن تخطر المنظمات الأمريكية وزارة الخارجية المصرية بفتح فروعها في القاهرة ومباشرة عملها دون انتظار لصدور ترخيص؟ ألم تصرح السلطات المصرية للمنظمات الأمريكية بمتابعة انتخابات البرلمان؟ ألم تكن كل أجهزة المخابرات والأمن في البلد تعلم بنشاط هذه المنظمات منذ سنوات؟ هل خرجت المنظمات الأمريكية على اتفاقات ضمنية سارية أم إنها وزعت أموالا تثير الريب أم قدمت دعما إلى جهات مناوئة للسلطة؟ هل كانت هذه المنظمات تعمل فعلا على تقسيم مصر؟ هل قامت بأنشطة تجسس؟ هل دبرت عمليات تخريب؟ هل تم افتعال القضية لإلهاء الناس عن خطايا المجلس العسكري؟ هل الهدف من ورائها ردع المنظمات الحقوقية التي ساندت شباب الثورة ضد الترويع الذي تقوم به الشرطة العسكرية والقضاء العسكري؟ هل المطلوب مزيد من التشويه لحركتي 6 أبريل وكفاية وأخواتهما؟ لماذا لم يكشف الستار عن الملايين التي ذهبت للجمعيات الدينية؟ هل المقصود أن يظهر الجنرالات في صورة الحماة الأشداء للوطن وأن يمتشقوا سيوفهم حتى لو حاربوا بها طواحين الهواء؟ هل أخطأ الجنرالات التقدير في هذه القضية أيضا كما أخطؤوا التقدير في معظم القضايا التي تصدوا لها؟ لماذا كابروا وورطوا أنفسهم في أزمة يعلمون بأنهم سيركعون أمام خصومهم في نهايتها؟ ثم ما هو الآن مصير المصريين المتهمين في القضية؟ هل سيفرج عنهم، بعد أن أفرج عن رؤسائهم الأمريكيين؟ هل هناك تمييز بين المتهمين من المواطنين والأجانب؟ هل الأجنبي على رأسه ريشة؟ هل عادت المحاكم المختلطة؟ أيمكن أن نسمي هذه عدالة؟ أليس العقاب القانوني في الجريمة المنظورة هو غرامة لا تتعدى مئات الجنيهات أو الحبس عدة شهور؟ هل المليونان من الجنيهات اللذان دفعهما كل واحد من المتهمين ال16 المفرج عنهم كفالة إذن، أم فدية أم رشوة أم بقشيش أم منحة لمواساة المصريين وجبر خاطرهم؟ هل تسعيرة كرامة مصر في عرف المجلس العسكري تساوي 32 مليون جنيه فقط لا غير؟ هل هي تقدر بالمال أصلا؟ هل يعود المتهمون الأمريكيون إلى مصر فيما بعد مادامت السيدة «فايزة» قد أعلنت أن «القضية مستمرة»؟ هل يمكن بعد ذلك صدور حكم ضد المتهمين الذين أفرج عنهم؟ من هو ذلك القاضي الذي سيقبل الآن بالنظر في القضية؟ وكيف سيتم التعامل مع منظمات التمويل الأجنبية في المستقبل؟ ثم هل قضاة مصر مستقلون حقا؟ كيف يسمح للمستشار عبد المعز إبراهيم أن يذل القضاة بتلويث صورتهم أمام الناس وينسف ثقة المواطنين بالقضاء؟ لماذا يذكّرنا «عبد المعز» بأن في مصر قضاة زوروا انتخابات 2000 و2005 و2010 من قبل؟ ما الذي قاله عبد المعز في مكالمته التلفونية للقاضي الشريف المستشار محمد شكري الذي تنحى بعدها عن نظر القضية؟ من الذي أوحى إليه بالمكالمة أو أمره بها أم إنه -وهو المعروف بالتدفق في الكلام- تطوع لإجرائها؟ أين التسجيل الصوتي لهذه المكالمة عند شركات المحمول؟ هل طلب عبد المعز من شكري رفع حظر السفر عن المتهمين أم إنه طلب منه التنحي لأنه لم يفصل في القضية على وجه السرعة؟ هل يطلب عبد المعز من كل القضاة الذين يتأخرون في نظر قضاياهم أن يتنحوا جميعا؟ من الذي أقحم في طلبات رفع الحظر عن سفر المتهمين أسماء أشخاص ليسوا متهمين في القضية من الأساس؟ من هم هؤلاء الأشخاص وما هي الجرائم التي حظر سفرهم بسببها، وممن يستمدون حظوتهم؟ ما هي الكفاءة الاستثنائية التي جعلت من «عبد المعز» رئيسا للجنة العليا للانتخابات البرلمانية وعضوا في لجنة الانتخابات الرئاسية؟ ما الذي يضمن لنا ألا يتدخل «عبد المعز» أو غيره في نتائج انتخابات الرئاسة؟ هل يبقى «عبد المعز» في مناصبه أم يعزل أم يتنحى؟ وهل يعاقب بالحبس لارتكابه جريمة محاولة التأثير على القضاة؟ ثم هل يجوز إخلاء سبيل متهم غائب لم يتم القبض عليه أصلا؟ ألم يكن من الضروري أن يحضر المتهمون بأنفسهم إلى المحكمة لتقديم طلب رفع حظر السفر عنهم بأنفسهم؟ لماذا اجتزأ رئيس محكمة الاستئناف (الذي هو عبد المعز) الأمر الخاص برفع الحظر من القضية وأحاله وحده على دائرة أخرى دون أن يحيل القضية بكاملها عليها؟ هل كانت هذه الدائرة مشكلة من قضاة يعملون بمكتبه الفني، أم من قضاة كانوا يعملون في السابق ضباط أمن دولة؟ هل تعتبر دائرة قضائية أم لجنة إدارية؟ هل صحيح أن عبد المعز أخلى دار القضاء العالي من قوات شرطة مدنية وعسكرية لتستقبل موكلي المتهمين الأجانب في جلسة «سواريه» تعقد في الساعة التاسعة مساء، كي تصدر قرار الإفراج؟ فور صدور قرار الإفراج، هل تم فعلا حل الدائرة بعد تشكيلها ب18 ساعة؟ هل هذه فئة جديدة من الدوائر ابتكرها «عبد المعز»: محاكم صالحة للاستعمال لمرة واحدة؟ لماذا رفض قاضيا التحقيق في قضية التمويل الأجنبي اليوم استكمال التحقيقات احتجاجا؟ ولماذا قبلا منذ أسابيع عقد مؤتمر صحفي لتجريس منظمات المجتمع المدني على خلاف الأعراف القضائية؟ ثم هل علم وزير العدل حقا بقرار الحظر من التلفزيون؟ هل يسكت على انتهاك كرامة القضاة أم يستقيل؟ وهل علم رئيس الوزراء مسبقا بالقرار أم قرأه مثلنا في الصحف (وطبعا لن يستقيل)؟ وكيف، ومتى علمت السيدة «فايزة» يا ترى بالخبر؟ هل ترحمت وقتها على عهد المخلوع؟ ألا تزال تتباهى بلقبها المفضل «الوزيرة التي تكرهها أمريكا»؟ هل هناك بين أعضاء المجلس العسكري من تكرهه أمريكا ومن تحبه أمريكا؟ من الذي وافق منهم على تهريب المتهمين ومن الذي رفض؟ من منهم يمكنه أن يتبجح اليوم ويطل علينا ليخبرنا بما جرى؟ من منهم يملك الشجاعة للاعتذار؟ ولكن ماذا يجدي الاعتذار مع هذا الانبطاح المهين؟!