قامت وزارة العدل والحريات بتعبئة القضاة العاملين في مختلف محاكم المغرب من أجل التنقل لحل نزاعات المواطنين وفق ما يمليه العمل بنظام «قضاء القرب»، الذي شرعت الوزارة في تطبيقه منذ أول أمس الاثنين. وحسب مصدر قضائي من المحكمة الابتدائية للدار البيضاء، فإن المغزى من إحداث هذا النوع من القضاء يعني تقريب المحاكم من المواطنين، بانتقال القاضي إلى المكان الأقرب لوجود المتقاضين، مما سيحول دون معاناتهم، خاصة منهم قاطني المناطق البعيدة والنائية. وأوضح المتحدث أن القاضي لا يبحث عن تحقيق الربح بقدر ما يصبو إلى الأمن والاستقرار وأن التعويضات التي سيتقاضاها من خلال تنقلاته لفض هذه النزاعات تدخل في إطار المَطالب التي يرفعها القضاة لإصلاح القضاء. أما بالنسبة إلى النزاعات التي ستختص في البت فيها أقسام قضاء القرب فهي تتعلق بالأداءات ورفع الأضرار في حدود 5000 درهم، في حين لا تبت هذه الأقسام في القضايا العقارية والاجتماعية وفي قضايا الإفراغ. واعتبر المصدر ذاته أن إحداث هذا النظام من شأنه أن يخفف الضغط عن كتاب الضبط والنيابة العامة ويسرع من وتيرة البت في النزاعات البسيطة التي «تتعثر» في المحاكم بسبب عدم التوصل بالتبليغ. من جهة ثانية، اعتبر مصطفى الرميد، في لقاء تلفزيوني، أن الوزارة اشتغلت على هذا النوع من القضاء لمدة شهر وعلى مستويات مختلفة، مؤكدا أنه تمت تعبئة كافة الموارد البشرية الضرورية، منها 70 محكمة ابتدائية و97 مركزا للقاضي المقيم، سيستدعى من كل واحد منهما قاضيا أو أكثر -حسب الضرورة- كما سيتم عقد جلسات تنقلية يمكن أن تصل، حسب الوزير، إلى 55 جلسة أو أكثر. وحدد وزير العدل والحريات عدد القضاة المعبّئين لهذه المهمة في 235 قاضيا سيشتغلون من أجل تسريع وتيرة البت في النزاعات، سواء في المجال الحضري أو القروي. يشار إلى أنه في السابق كانت الجماعات والمقاطعات هي التي تبت في النزاعات البسيطة التي تصل مبالغها إلى 2000 درهم تقريبا، غير أنها كانت محل اعتراض من طرف الحقوقيين، وبعد إلغاء العمل بهذا النوع من القضاء في العام الماضي، سيتم العمل بقضاء القرب كنوع جديد سيعمل، حسب رجال القانون، على تحقيق نتائج ايجابية على مستوى قضاء مصالح المواطنين. وما يميز هذا النوع من القضاء، وفق وزارة العدل والحريات، هو مبدأ المجانية في النزاعات ذات المَبالغ «الهزيلة»، فضلا على أنه قضاء شفوي يُمكّن المواطنين من الاستغناء عن المحامين، إضافة إلى أنه لا يثقل كاهلهم بالرسوم القضائية إذا كانت مَبالغ النزاعات تقل عن 5000 درهم. وتهم القضايا التي سيعمل قضاء القرب على البت فيها في قضايا الكراء والنزاعات البسيطة، في حين لا يتدخل في القضايا العقارية وفي قضايا الأسرة، ويشمل اختصاص هذه الأقسام التي أعدتها الوزارة النظر في القضايا التابعة للاختصاص الترابي للجماعات والمحلية الواقعة في الدائرة الترابية للمحاكم الابتدائية، حيث سيتم عقد الجلسات بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، دون حضور النيابة العامة، والأحكام الصادرة في هذا النوع من القضاء هي أحكام نهائية لا تقبل الطعن.