تقاطر العشرات من الطلبة والمواطنين منذ الساعات الأولى من صباح أمس على المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط. يتردد البعض قبل دخول البناية ويقفون للحظات أمام لوحة التدشين التي أزاح عنها الستار أول أمس الملك محمد السادس، قبل أن يتخطوا بوابة الخزانة التي يقف على جانبيها رجال الأمن الخاص، ويتجهوا إلى الاستقبال حيث تجلس فتاتان مبتسمتان، للاستفسار عن شروط الولوج لهذه المكتبة التي تحتوي على حوالي مليون منتوج ثقافي متنوع من كتب ومجلات ومخطوطات وجرائد وخرائط وصور وشرائط سمعية بصرية. «أنتظر بفارغ الصبر أن تفتح هذه المكتبة أبوابها، لأنها ستفيدني للغاية في بحوثي الجامعية»، تقول نسرين، 22 سنة، طالبة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، «رغم أنني لم أتمكن اليوم من الدخول إليها، إلا أنها بدت لي من خلال الروبورتاجات التلفزيونية مكتبة جميلة وفضاء فكريا سيساعدني في مساري الدراسي». لكن أبواب المكتبة لم تفتح بعد، والتسجيل لم يبدأ بعد، رغم أن وسائل الإعلام الرسمية كانت قد ذكرت في الروبورتاجات التي خصصتها لحدث تدشين المكتبة أنها ستبدأ عملها أمس الخميس. «من المنتظر أن يبدأ التسجيل الأسبوع القادم، وهو مفتوح أمام الجميع»، يقول إبراهيم إغلان، رئيس مصلحة الأنشطة الثقافية والنشر في المكتبة، والذي رافق «المساء» في زيارة لمرافق المقر الجديد لهذه المكتبة التي استغرق بناؤها 4 سنوات بتكلفة مالية قدرت ب320 مليون درهم. تتكون المكتبة الوطنية، التي بنيت على مساحة تقدر ب19 ألفا و600 متر مربع، من طابقين وبرج مزين برسم بالحروف العربية والأمازيغية واللاتينية، مكون من 11 طابقا يتم فيه حفظ جميع مقتنيات النادرة والقيمة التي تتوفر عليها المكتبة أو ما يطلق عليه العاملون فيها «كنوز المكتبة»، وذلك في ظروف من التهوية والرطوبة خاصة. وتتمثل كنوز المكتبة في 400 ألف كتاب، 200 ألف مجلة، 4 ملايين جريدة، 73 ألف حامل خاص للخرائط والصور النادرة والقديمة، و34 ألف مخطوط مغربي يعد أقدمه نسخة من المصحف الكريم مكتوبة بماء الذهب على رق الغزال. يوفر المقر الجديد للمكتبة الوطنية، الذي تحتوي كل ركن فيه على كاميرا للمراقبة، مجموعة من الفضاءات المتخصصة منها المفتوح للعموم، ومنها المخصص للباحثين. تتمثل هذه الفضاءات في الفضاء الخاص بالندوات والذي سيفتتح بتنظيم ندوة دولية حول المكتبات الوطنية في نونبر القادم، كما تتوفر على فضاء للدوريات، وفضاء خاص بالملصقات والخرائط وبطاقات البريد القديمة، وآخر يهم الحوامل السمعية البصرية، وفضاء خاص بالحوامل الرقمية والمصغرات الفيلمية، وفضاء لولوج المطبوعات. كما أن جل فضاءات المكتبة تتوفر على عدد من أجهزة الحاسوب للبحث في فهرس المكتبة الوطنية أو استعمال الأنترنيت وتوفير خدمة الاستنساخ والتصوير بالميكروفيلم. كما تم تخصيص فضاء للمخطوطات والكتب والوثائق النادرة، يضم أماكن للعرض والبحث والتناول، وآخر خاص بالباحثين. ويحوي المقر الجديد أيضا مخازن للحفاظ على التراث الوثائقي والثقافي تتوفر على تجهيزات لمحاربة السرقة والرطوبة والحرائق، إضافة إلى فضاءات تحتضن مختلف مصالح المؤسسة، ومنها تلك المكلفة بمعالجة الوثائق. ومن مميزات المقر الجديد، يقول أغلان، أنه «يتوفر على فضاء خاص بالمعاقين يسهل ويضع كل الخدمات التي تقدمها المكتبة في متناولهم، كما تتوفر المكتبة على قاعة خاصة بفاقدي وضعاف البصر، حيث يمكنهم قراءة الكتب، كما يضم المقر مقصفا يمكن استغلاله لتنظيم لقاءات ثقافية، مثل المقهى الأدبي».