تحوّل عبد الرحمان شلقم، وزير خارجية القذافي السابق، إلى ما يشبه «الداعية الإسلامي» وهو يناقش التحولات التي أحدثتها الثورات العربية على الخريطة السياسية العربية، حيث كانت مداخلة شلقم شبيهة ب»خطبة» على الجماهير، في وقت كان ينتظر الحاضرون من المتدخل الإتيان على الأسباب الموضوعية و»العلمية» لاكتساح الأحزاب الإسلامية عرينَ السياسة في العالم العربي.. ففي قاعة مكتظة، وبينما كان الحاضرون يتوقعون تفسيرا موضوعيا يعتمد على ما هو قائم على أرض الواقع، إلى جانب خبرة الرجل بدهاليز السياسة إلى جانب القذافي، فوجئوا بكثير من ال»ميساجات» التي كان يطلقها المتدخل. في هذه المداخلة، التي ألقيت في قاعة صالح الشرقي، حيث كان ملصق إشهاري كبير يشير إلى كتاب ألّفه شلقم عن «القذافي» وتعرض للبيع نسخ منه في مدخل القاعة ب150 درهما، من إصدارات «المركز العربي»، قال شلقم «إننا قبلنا، كلنا، بنسبة من الاستبداد»، مضيفا أن «هناك من هربوا من ليبيا واتجهوا إلى العراق أو الجزائر». واستشهد المتحدث بقول مأثور للشوكاني يقول: «دفْعُ الضرر يسبق جلب المنفعة، كنا نتكلم بمنطق دفع الضرائب»، وبرر ذلك قائلا: «لم تكن لدينا كتائب ولا سلاح لكي نسقط هذا النظام»، مضيفا أن «ليبيا لم تعش، منذ سيدنا آدم، أحزابا ولا نقابات» وأنه «حتى بالنسبة إلى الملك إدريس، فإنه ساهم، هو الآخر، في انحطاط المجتمع، فلمّا جاء معمر القذافي، منع الممنوع». وفي محاولة منه الدفاع عن وجهة نظره في مسألة الأحزاب، استشهد شلقم بقول مفاده أن «الكبد أكثر مصدر تعقيدا في جسم الإنسان، وأنا أقول إن اكبر جسم سياسي معقد هو الحزب». وتابع المتحدث نفسُه قائلا إن «القول إن تركيا دولة إسلامية كذب.. أنا أريد الإسلام».. وذهب شلقم إلى أنه يريد التدبر وليس إقامة الإسلام هكذا دون تفكير واجتهاد، وأن من يقولون إنهم يحكمون بالإسلام فذلك خطأ وكذب. أتتساءل هل هناك دولة إسلام؟ هل الدولة تتشهد؟ الركن الثاني هو الصلاة؟ فهل الدولة تصلي؟ وهل الدولة تزكي هل تحج وهل تصوم؟. ماليزيا يا خوانا «مش إسلامية».. الدعارة والقمار والخمر موجود. وقد جال شلقم هنا وهناك من أجل أن يقنع بأنه ليست هناك دولة إسلامية وأن الإسلام هو الحل في استباق ولا شك في صعود الإسلاميين في ليبيا إذا ما تم سن دستور ونُظِّمت انتخابات. من جهته تناول المفكر المغربي محمد سبيلا التحركات التي عرفها العالم العربي من زاوية عقلية هادئة تحاول أن تعتمد على قراءة علمية في ظل حركية التاريخ، وقال سبيلا إن هناك دورة تاريخ تتحكم في التحولات التي وقعت في العالم العربي. وتحفّظَ سبيلا حتى على إطلاق اسم «ثورة» على ما وقع وفصل القول إننا «نعيش دورة نُخب إسلامية ترفع شعار العدل والهوية والأمة. وقال المفكر المغربي إن ما حدث هو انتصار لوجه من الديمقراطية، لكنه أعاب على العرب أنهم «يعتقدون أن الديمقراطية مجرد سُلّم «يَصِلون» به ويرمونه، مؤكدا أن «التحدي الأكبر هو التحدي الفكري والقبول بالحداثة، فأساس الديمقراطية هو الحداثة، إذ يأخذ العرب ما يروق لهم ويرمون ما سوى ذلك، وهذا خطأ، إذ إن الديمقراطية آليات عمق ثقافي»، يضيف سبيلا. وقد عرفت هذه الندوة، إضافة إلى مشاركة محمد سبيلا وعبد الرحمان شلقم، مساهمة محمد ضريف وبلال التليدي ومحمد الأصفر، بينما أوكل بمهمة تسيير الجلسة إلى عبد الرحمان العمراني.