عبرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة عن انشغالها بالتصريحات التي تدعي أن المغرب قد يكون ساهم في الترحيلات السرية في إطار المحاربة الدولية للإرهاب. وأوضحت اللجنة، في ردها على التقرير الذي تقدم به الوفد الرسمي المغربي أمامها بمناسبة دورتها ال47 التي عقدت بجنيف ما بين 31 أكتوبر و25 نونبر الماضيين، أن المعلومات الإضافية المقدمة من طرف الوفد المغربي حول التحقيقات التي أجريت بهذا الخصوص لا ترقى إلى نفي تلك الادعاءات. وأكدت اللجنة «انشغالها بالتصريحات التي تفيد بأن جميع الترحيلات السرية تخللتها اعتقالات بأماكن سرية، وممارسات التعذيب بأماكن سرية، وسوء المعاملة، خاصة خلال استنطاق المتهمين». وفي سياق متصل، كشفت هيئتان حقوقيتان مغربيتان أن التعذيب ما يزال يمارس بشكل شائع في المغرب رغم مصادقة البلاد على البروتوكول الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وإقرار قانون تجريم التعذيب. وأوضح تقرير قدمته أمس (الخميس) كل من «اللجنة المغربية لمناهضة التعذيب» و»المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب» أن «ظاهرة التعذيب، بكل أبعاده وصوره، لا زالت جرما قائما بكل بشاعته ووقعه المرير، يمتد عبر عدد واسع من المناطق، ويذهب ضحيته شباب ورجال ونساء، بالشارع العمومي، وبمرافق مصالح الأمن، وفي طليعتها مركز تمارة التابع لمصالح مديرية حماية التراب الوطني (DST)، وداخل بعض المؤسسات السجنية التابعة للمندوبية العامة للسجون». مضيفا أن التعذيب في المغرب «يتخذ أشكالا مختلفة كما هي حالات الإفراط في استعمال القوة ضد المحتجين سلميا من قبل القوات العمومية بالشارع العام، وانتهاك سلامتهم البدنية بالضرب والتنكيل المهين، والمساس بكرامتهم والاعتداء على حريتهم أو باستنطاق المختطفين والمعتقلين بمراكز سرية لا تخضع للرقابة القانونية لقضاة النيابة العامة أو قضاة التحقيق أو في مخافر الشرطة». واعتبر التقرير أن السلطات الإدارية والأمنية والقضائية لا تشعر بأن للدولة المغربية التزامات سياسية ودبلوماسية أمام الرأي العام الدولي وتجاه الأممالمتحدة وأجهزتها المهتمة بمجال حقوق الإنسان، ومجال تتبع إعمال وتنفيذ مبادئ الاتفاقيات التي صادقت عليها الحكومة المغربية، ومنها بالأساس مبادئ اتفاقية مناهضة التعذيب. واتهم التقرير الحكومة المغربية بتبني سياسة فردية تمثلت في «تقديم تقريرها الرابع من دون استشارة ومشاركة المنظمات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني»، مضيفا أن الحكومة المغربية لم تبد أية جدية تجاه المنظمتين المذكورتين على الخصوص، سواء عند التحضير لوضع التقرير أو عند صياغته النهائية أو عند تقديمه أمام اللجنة بجنيف». واعتبر التقرير أن هذا التدبير، الذي وصفه ب»الأحادي»، يعبر عن قصور في الرؤية لدى الدولة وسلطاتها العمومية ويعتبر موقفا سياسيا غير منسجم، ويناقض الادعاء القائل إن المجتمع المدني شريك أساسي في مجال الحكامة ومجال السياسات العمومية وتدبير الشأن العام، ويناقض الخطاب الرسمي الذي يدعو إلى فتح الحوار مع الهيئات والمنظمات التي تؤطر المجتمع، حقوقيا وسياسيا ونقابيا. وانتقد التقرير مسطرة تحضير التقرير الذي قدمه الوفد الحكومي أمام لجنة مناهضة التعذيب بجنيف، معتبرا أن محاوره ظلت تعتمد خطابا استعرض فصولا من الدستور ومن عدد آخر من القوانين، ومنها قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي وقانون السجون وغيرها، كإنجازات تشريعية. وأكد التقرير أن «الوفد المغربي التزم الصمت تجاه التظلمات والانتهاكات التي شهدتها السنوات الأخيرة وإلى اليوم وأمام تعالي الاحتجاجات ضد ممارسة التعذيب بمناسبة قضايا الإرهاب وضد وجود مراكز التعذيب السرية التي يسهر عليها جهاز أمني أقوى من الرقابة القضائية والبرلمانية والحقوقية المعروف بالدستي». وقدم التقرير مجموعة من الانتقادات حول مناهضة التعذيب في المغرب، تتمثل أساسا في غياب تعريف للتعذيب بالقانون الجنائي، وقصور المسطرة الجنائية يتعذر معه قيام القضاء دون عقبات بمهمة البحث والتحقيق في جرائم التعذيب وتظلمات ضحاياه، إضافة إلى استمرار سياسة الإفلات من العقاب التي يستفيد منها عدد من المسؤولين ممن يمارسون أو يأذنون أو يسمحون بممارسة التعذيب، وبالخصوص المسؤولين الأمنيين وعددا من موظفي وزارة الداخلية، وإغلاق السجون أمام الهيئات الحقوقية يضمن لإدارة السجون ممارسة أشكال من التعذيب وما يدخل في حكمه بعيدا عن كل رقابة أو متابعة أو عقاب.