في حوار مع المجلة الأمريكية «كاثوليك ديجاست»، تحدث المرشحان للرئاسة الأمريكية عن الطريقة التي يرون بها الدين. فباراك أوباما صرح قائلا: «إن عقيدتي المسيحية لها تأثير على كل ما أقوم به... لقد ساعدتني على تشكيل قيمي وأفكاري... إن الصلوات مهمة جدا بالنسبة إلي... إنها تجعلني أكثر قوة وتقودني طوال اليوم. أنا لا أعتقد أنه على الرئيس أن يتجنب تطبيق المبادئ التي يعتبرها مهمة بالنسبة إليه». وصرح جون ماكين بالقول: «أن يرشدك إيمانك شيء مهم في نظري، مثله مثل محاولة العيش في تناغم مع القيم المسيحية اليهودية التي ألهمت أسلافنا والتي تلهمني كل يوم. لكل أسرة أمريكية الخيار (الذي له مع زوجته سيندي). لقد بعثنا أطفالنا إلى المدرسة الكاثوليكية لأنه كانت لدينا الإمكانية لذلك. أريد لكل أمريكي أن تكون له إمكانية لاتخاذ هذا الخيار». أما سارة بالين، فقد أظهرها شريط فيديو تم بثه الأربعاء الرابع والعشرين من شهر شتنبر الماضي على موقع اليوتوب وهي تتلقى بركات في الكنيسة من قس كيني كان يصلي حتى تتم حمايتها من «الشعوذة». في هذا الفيديو نرى المرشحة لمنصب نائب الرئيس الأمريكي واقفة أمام القس توماس موتي في كنيسة «لاسوبلي دو ديو»، هذا الأخير يطلب من المسيح أن يقي سارة بالين من «كل أنواع الشعوذة». « تعال، تكلم مع رب هذه المرأة. احمها من الشيطان»، يقول توماس موتي، بينما يضع اثنان من معاونيه يديهما على كتفي سارة بالين التي كانت قد قالت في يونيو الماضي أمام مجموعة من طلبة اللاهوت في الكنيسة القديمة بألاسكا: «صلوا من أجل جنودنا النساء والرجال الذين يقومون بمجهودات للقيام بما هو صحيح، ومن أجل هذا الوطن وقادته الذين أرسلوهم للقيام بعمل من الله... لهذا يجب علينا الصلاة لكي تكون هناك خطة، وأن هذه الخطة هي من عند الله»، تقول بالين، قبل أن تطلب منهم أيضا الصلاة من أجل خط أنابيب الغاز الذي يكلف 30 مليار دولار والذي سيتم بناؤه في ألاسكا. « أظن أن إرادة الله يجب أن تتم لتوحيد الأشخاص والشركات من أجل بناء أنابيب الغاز، لذلك صلوا». بعد قراءة هذه التصريحات، ومشاهدة شرائط الفيديو، لا يمكن للمرء إلا أن يفاجأ ويظل مشككا. بطبيعة الحال، فإن مرشحي الرئاسة الأمريكية ونائبيها لهم كامل الحرية في التعبير عن معتقداتهم الدينية والتحدث عن التأثيرات التي لهذه الأخيرة على سلوكهم اليومي وحتى على تفكيرهم وقراراتهم السياسية. ألا تذكّر هذه التصريحات برائحة روح الحروب الصليبية التي وقعت في القرون الوسطى؟ نحن غير بعيدين عن العلمانية التي يدعي الغرب أنها تسود فيه؟ فلنتخيل أن رئيس دولة إسلامية صرح بمثل ما صرحوا به، ألن يتم التشهير به من طرف الغرب نفسه؟ ألن يتم نعته بالمتعصب؟ ألن يتم اتهامه بالظلامية وقيادة الجهاد إن سمح لنفسه بالتصريح بأن الله والإسلام يقودان كلماته وأفعاله؟ ألن يكون هناك تصلب في المواقف الغربية؟ أليس هذا ما حدث مع حماس والقادة الإيرانيين؟ هل نستطيع فقط أن نتخيل ردة فعل الغرب إذا رأينا على موقع يوتوب شيخا يطلب من النبي محمد (ص) أن يحمي الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من «جميع أنواع الشعوذة»، أو قائدا مسلما آخر مثل الرئيس هنية أو زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله؟ ألن يتم الحديث عن ممارسات القرون الوسطى الظلامية، وحتى الطقوس الشيطانية؟ بماذا يختلف خطاب أيمن الظواهري وبن لادن عندما يؤكدان، مثل أوباما وماكين وسارة بالين، أن «عقيدتهما الإسلامية تؤثر على كل ما يقومان به، وأنها تساعدهما على تشكيل قيمهما وأفكارهما، وأن الصلاة مهمة بالنسبة إليهما، وأنها تجعلهما أكثر قوة وترشدهما في كل ما يقومان به طوال اليوم». إنهما وجهان لعملة واحدة، لكن هل لكل واحد منهم إلهه؟