كشف عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن تفاصيل جديدة من لقائه الثاني بالملك محمد السادس في قاعة العرش بالقصر الملكي في الرباط. وقال بنكيران، خلال الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني لحزبه المنعقدة أول أمس السبت في مركب مولاي رشيد بالمعمورة في سلا، إن لقاءه بالملك جرى في أجواء إيجابية ومرحة هيمن فيها النصح الملكي، مشيرا في هذا السياق إلى أن الملك أو محيطه لم يتدخل في تشكيل حكومته ولم يفرض أية أسماء في وزارات السيادة. وتابع بنكيران قائلا لأعضاء المجلس الوطني «إن الملك يدعم بشكل كبير رئيس حكومته وإنكم سترون مستقبلا مشرقا»، قبل أن يضيف قوله: «صحيح أنني كنت أعرف أن الملك إنسان خير، لكن بعد لقائي معه اكتشفته من جديد ووجدت أن له غيرة كبيرة على الوطن وله إرادة حقيقية لمحاربة الفساد». ولم يتخلص بنكيران من روح الدعابة التي تميزه حتى وهو يجالس الملك، وروى كيف أنه كاد يحكي بعض النكت للملك لكنه أجلها إلى لقاءات قادمة، مشيرا بهذا الخصوص إلى أنه لا يمكن أن يتحدث دون أن يحكي نكتة. وفيما رفض بنكيران الكشف عن فحوى رسالة ملك البلاد التي طلب منه إبلاغها إلى أعضاء الحزب، معتبرا أن الوقت غير مناسب لقولها، أوضح رئيس الحكومة أنه أخبر الملك بكل ما سأل عنه، وقال: «لم يسألني عن شيء إلا وأجبته عنه»، قبل أن يستدرك قائلا: «اللقاء كان رائعا، وأنا اليوم مطمئن على المغرب، وفي المستقبل لن يكون إلا الخير». وعاد بنكيران إلى الحديث عن لقائه الأول مع الملك بمدينة ميدلت، والذي دام لنحو 8 دقائق، وقال: «وجدت نفسي أمام شخص فيه من الخير أكبر مما كنت أتصوره.. قد أتهم من قبل البعض، لكني أقولها وأنا مقتنع بها»، مشيرا، في رده على تأويلات البعض لاستقباله في ميدلت، إلى أنه «مستعد لتلبية دعوة الملك في أي مكان، في قاعة العرش أو في ميدلت أو في أوسرد، فله واسع النظر». من جهة أخرى، ذكر مصدر مطلع أن بنكيران بعث بهيكلة الحكومة إلى القصر قصد الموافقة عليها وأنه الآن ينتظر هاتفا من الملك من أجل المرور إلى خطوات أخرى. وكشفت مصادر من الأغلبية أن توزيع الحقائب في حكومة بنكيران، وفق الهيكلة المتفق عليها خلال لقاء الأغلبية ليلة الجمعة، سيكون على الشكل التالي: 12 حقيبة للعدالة والتنمية، و7 حقائب لحزب الاستقلال، و5 حقائب للحركة الشعبية، فيما ستسند 4 حقائب لحزب التقدم والاشتراكية. ووفقا للمصادر ذاتها، فإن هيكلة الحكومة الجديدة تتضمن فضلا عن وزير دولة كاتب دولة واحد ينتظر أن يشرف على قطاع الصناعة التقليدية، فيما ستتشكل حكومة بنكيران من 3 وزارات منتدبة لدى رئيس الحكومة هي: الجالية، والتنمية المحلية واللامركزية والتعليم العالي. إلى ذلك، اختار برلمان العدالة والتنمية، في نهاية دورته الاستثنائية، لجنة مكونة من 54 عضوا، انتخب منهم 36 شخصا وانضاف إليهم 19 عضوا، هم أعضاء الأمانة العامة للحزب، مهمتهم انتقاء الأسماء المرشحة للاستوزار، وهو ما يعتبر سابقة في تاريخ تشكيل الحكومات المغربية المتعاقبة، إذ لم يسبق أن تم اختيار وزراء الأحزاب بطريقة ديمقراطية. وتشترط مسطرة الانتقاء خمسة معايير يلزم توفرها في المرشحين لتولي مناصب حكومية، وهي النزاهة والاستقامة والكفاءة والفعالية والالتزام الحزبي. وسيتم اختيار وزراء حزب العدالة والتنمية عبر مراحل، أولاها مرحلة الاقتراح، حيث يقترح كل عضو من هيأة الاقتراح ثلاثة أسماء لشغل المنصب الوزاري الذي ستوكل حقيبته إلى الحزب؛ وبعد عميلتي التداول والتصويت، تتم عملية الاحتفاظ بالخمسة الأوائل الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات، وفي حالة تساوي أكثر من مرشح في المرتبة الخامسة يتم الاحتفاظ بهم جميعا، لتتولى بعد ذلك هيئة الأمانة العامة للحزب الحسم في الموضوع؛ ويتم في نفس الجلسة اختيار الثلاثة الأوائل بعد تصويت أعضائها على شخص واحد من ضمن الأسماء الخمسة المقترحة. غير أن المادة الخامسة والأخيرة من المسطرة المذكورة تمنح الأمين العام للحزب صلاحية اختيار المرشح الذي سيقترحه للتعيين في المنصب المعني. وأثار اعتماد تلك المنهجية حفيظة قياديين في أحزاب الأغلبية الأربعة، وقال قيادي في حزب الاستقلال ل»المساء» إن موجة استياء تسود أوساط أطر الحزب في ظل لجوء حليفهم حزب العدالة إلى انتخاب وزرائه فيما لا يعلم لائحة الوزراء الاستقلاليين إلا الله وعباس الفاسي، مشيرا إلى أن «ما يحز في النفس هو أنه في الوقت الذي يحتكم فيه حزب العدالة إلى الكفاءة، ما زال اختيار وزراء حزبنا بيد النافذين في الحزب المتمثلين في الفاسي وشباط وقيوح وولد الرشيد».