ردّد العشرات من المواطنين الذين يقطنون في أحد الأحياء «الراقية» في فاس، صباح يوم أول أمس الاثنين، شعارات «غاضبة» أمام مقر ولاية جهة فاس -بولمان، للمطالبة ب«تنقية» حي «مونفلوري» من «انتشار الباعة المتجولين»، الذين يُتّهَمون من قِبل الساكنة بتحويل شوارع الحي وأزقته إلى «أسواق مفتوحة شبه دائمة»، مع ما يُخلّفه ذلك من أوساخ وضجيج وعراك لا يكاد ينتهي، إلا ليبدأ من جديد. واحتج تجار سوق «مهيكل» في الحي ذاته إلى جانب السكان ورددوا، بدورهم، شعارات تشير إلى أنهم متضررون من انتشار الباعة المتجولين في الحي. وقال أحد سكان الحي ل«المساء» إن السوق لم يعد يرتاده إلا القليل من الناس، بسبب «حزام» الباعة المتجولين الذين يحيطون به. ورددت حناجر المحتجين شعارات مناهضة ل«تقاعس» رجال الأمن في الدائرة الأمنية التي «تتحكم» في حيهم، موردين ل«المساء» أن شكايات المواطنين عادة ما لا يوليها مسؤولو هذه الدائرة أي اهتمام، ما يؤدي إلى استفحال ظاهرة الاعتداءات المتكررة من قِبَل أشخاص جانحين يقصدون الحي من أحزمة أخرى محيطة بمركز المدينة. وقد انتهت هذه الاحتجاجات أمام مقر ولاية الجهة بعقد اجتماع بين ممثلين عن المحتجين ومسؤولين في ولاية الجهة. وقال مصدر مسؤول ل«المساء» إن «محاربة ظاهرة الباعة المتجولين لا يمكنها أن تتمَّ فقط بالمقاربة الأمنية، لأن المسألة تستدعي مقاربة اجتماعية شاملة من شأنها أن توفر مجالات بديلة للشغل وتنظم قطاع الباعة المتجولين». وذكر المصدر نفسه أن بعض المطالب التي يُعبّر عنها المحتجون هي مطالب بسيطة تتعلق بالنظافة وبتكثيف دوريات الأمن، وعادة ما تشكّل موضوع اجتماعات مع المُنتخَبين والمسؤولين المحليين وممثلين عن الوداديات السكنية في هذا الحي». ويُصنَّف حي «مونفلوري» ضمن الأحياء «الراقية» في العاصمة العلمية، لكن سكانه يقولون إنهم يعيشون، بسبب غياب النظافة والأمن وانتشار الباعة المتجولين وغياب الإنارة العمومية في بعض الأماكن، في «جحيم لا يطاق». ورغم سيل الشكايات التي وجّهتها الوداديات السكنية إلى المنتخَبين في مقاطعة سايس، التي يتبعون لها، وللمجلس الجماعي، فإن نفس الأوضاع التي يشتكون منها ما زالت مستمرة. ف»غابة موسكو»، التي يطلق عليها السكان «غابة الأمازون»، وهي عبارة عن حديقة مهملة، تحولت إلى «وكر لتجمُّع المنحرفين والمشردين، ومواقع تستر كل الممارسات اللا أخلاقية والإجرامية، وأصبحت سوقا لبيع المخدرات والكحول واستهلاكها»، عوض أن تحظى ب«العناية» ك«فضاء أخضر» في الحي. كما أن عددا من الدروب تفتقر إلى الإنارة العمومية، ما يجعلها قبلة للجانحين الذين يعترضون سبل المارة ويسلبونهم ما في حوزتهم تحت التهديد باستعمال السلاح الأبيض. كما أن الشركة المُكلَّفة بجمع أزبال فاس تترك النفايات في الحي تتراكم في حاويات متهالكة، ما يُحوّل بعض أجزاء الحي إلى «مزابل مفتوحة». أما الشارع الرئيسي، المعروف ب«شارع الكرامة»، فقد صار من الصعوبة بمكان أن يعْبُره الإنسان في الصباح والمساء بسبب «إغراقه» بسلع الباعة المتجولين. وسبق لوداديات الحي أن خرجت في مسيرة احتجاجية شارك فيها مستشارون جماعيون من حزبي العدالة والتنمية والاستقلال للاحتجاج على «الانفلات الأمني» في المنطقة. وتحدثت رسالة كان السكان قد بعثوها، في وقت سابق، إلى والي الأمن في المدينة، عن أن حيهم يعرف «ترديا أمنيا خطيرا».