كيف ينتقل الفيروس عبر الدم ومشتقاته؟ لقد أصبح واضحا جدا أن الفيروس يمكن أن يوجد في البلازما والخلايا الدموية لشخص سليم. هذا الشخص قد يتأخر ظهور المرض عليه أو قد لا يظهر عليه المرض بتاتا رغم إصابته بالفيروس، فظاهريا يمكن لهؤلاء الأشخاص أن يتبرعوا بدمهم، وذلك لِجَهْلِهم بإصابتهم، إلا أن تحقين هذا الدم لشخص آخر سليم سينقل إليه العدوى، وهكذا سيحمل هذا الشخص الفيروس الذي قد يسبب له الأعراض المتطورة أو البطيئة أو قد يبقى مثل الشخص الذي أعطاه الدم، أي قد لا تظهر عليه أية أعراض. * التناوب على شفرات الحلاقة، فرشاة الأسنان، ميزان الحرارة: - إن احتمال الإصابة عن طريق التناوب على شفرات الحلاقة جد ضئيل، وذلك راجع إلى أن عدد الكريات اللمفاوية وعدد الفيروسات التي تبقى على الشفرة، إذا كانت قد أحدثت خدوشا، قليل جدا، فالإصابة تحتاج إلى عدد كبير من الفيروسات وألا تتعرض نقطة الدم إلى الهواء طويلا وأن تدخل في اتصال مع دم الشخص الآخر مباشرة، لذا فالإصابة على هذا الشكل قليلة الاحتمال ولكنها ليست مستحيلة؛ - فرشاة الأسنان وميزان الحرارة الطبي يُنهى عن التناوب عليهما؛ - إذا سلمنا بوجود الفيروس في أواني الطعام، فإنه يكفي غسل هذه الأخيرة بماء ساخن وصابون . * الوشم وثقب الأذن: بعض الفئات مولعة بثقب الأذن أو وشم بعض الرسوم على بشراتها. فإذا كان أحد أفراد هذه الفئات حاملا للفيروس، فإن إصابة الأشخاص الباقين على هذه الطريقة محتمل جدا نظرا إلى التناوب على استعمال نفس الأدوات دون تعقيمها. * خطر التلوث عند التحقين: يعود خطر التلوث من جهة إلى عدد الأشخاص المتطوعين الملوثين، ومن جهة أخرى إلى عدد المرات التي حقن الشخص خلالها بالدم. الشيء المهم هو أن الشخص السليم الذي لم يصب قط بالفيروس لن يُعْدَى أبدا إذا تقدم للتبرع بدمه، فالأدوات المستعملة معقمة جيدا وذات استعمال واحد، ومن ثم فليس هناك أي خطر عليه. هل هناك احتمال لانتقال الفيروس عبر الزلال والجذيعات الدموية المناعية؟ الزلال والجذيعات الدموية المناعية منتوجات مُشْتقة ومستحضرة من بلازما الإنسان؛ فالزلال يستعمل للصدمات والحروق، أما الجذيعات الدموية المناعية فتستعمل لوقاية أو علاج بعض الإصابات والأرجيات. وما من أحد من هذه المنتوجات ينقل الفيروس لأن مدة استحضار الزلال تحتم 10 ساعات على حرارة 60 درجة مائوية، وهذه الحرارة كافية لقتل الفيروس؛ وبالنسبة إلى الجذيعات الدموية المناعية فإن تحضيرها يتم ببعض المواد الأخرى كالكحول، وهذه الأخيرة تقضي كذلك على الحِمة. كيف نتّقي خطر التلوث الفيروسي عند تحقين الدم؟ هناك إجراءات عديدة اتخذت للحيلولة دون انتقال الفيروس عند تحقين الدم، منها: - منع الأشخاص الذين ينتمون إلى الفئات المتعرضة لحمل الفيروس من التبرع بدمهم، ويدخل في خانة هؤلاء الأشخاص متعاطو المخدرات واللوطيون والرفقاء الجنسيون للرجال والنساء...؛ - البحث عن الأجسام المضادة باختبار إليسا للكشف عن الأشخاص المصابين والتخلص من دمهم، والنتائج الإيجابية للكشف يجب أن تؤكَّد مرة أخرى بطرق مختلفة، ومن ثم إخبار المتطوع إذا كان مصابا. قد يقع تلوث في بعض الأحيان نتيجة عدم فعالية الاختبار، بحيث تكون نتائجه سلبية بينما يكون الشخص حاملا الفيروس، إلا أن هذه النسبة ضئيلة جدا؛ - إبطال مفعول الفيروس عند استحضار منتوجات التخثر: فلقد طبقت هذه الطريقة قبل اكتشاف السيدا في أمراض كثيرة، ثم عممت فيما بعد التأكد من نتائجها، وأصبحت اليوم ضرورية رغم المردود القليل الذي يمثل 15 في المائة. ونظرا إلى الخوف الذي انتشر بين المتطوع والمحتاج إلى الدم، فقد أحدثت في بعض الدول نواد خاصة لمنح المرضى والمحتاجين في العمليات إلى دم سليم من أشخاص أصحاء. والحقيقة أن هذه الطريقة الجديدة خطيرة وخاطئة، حيث إن هذه النوادي ليس في استطاعتها أن تضمن عدم تلوث هذه الدماء أكثر مما يوجد في المستشفيات العمومية الأخرى، كما أن القيم الإنسانية للتبرع بالدم ستنقص نظرا إلى شراء هذه النوادي للمتطوعين. - الدم الاصطناعي: هناك محاولات عديدة لتغيير تحقين الدم الطبيعي بآخر اصطناعي، فالدراسات التي تجرى اليوم على منتوج اليحمور L'hémoglobine والفلييوروكاربور لتعويض وظائفهما كنقل الأكسجين... هذه الدراسات لم تنته بعد ومازالت أمامها سنوات أخرى من البحث والتجربة. الانتقال عبر السوائل العضوية: لقد وُجِد فيروس السيدا في البداية داخل الكريات اللمفاوية، ثم بعد ذلك عُثِر عليه في العُقد، المني، البلازما، الدماغ، خلايا النخاع العظمي، وأخيرا وجد في الدموع واللعاب... فكل سائل إذن قادر على الاحتكاك بالكريات اللمفاوية قد يحمل الفيروس، ونشير إلى أن وجود الفيروس في الدموع واللعاب غير ثابت وتركيزه ضعيف، فلم يعثر على أية حالة عدوى منهما في 46 ألف حالة سيدا في العالم، فهذان السائلان لا يعتبران من السوائل المعدية كثيرا. ونذكر هنا أنه لكي يصاب شخص ما فيجب أن يمر الفيروس إلى كرياته اللمفاوية وأن يحل بدورته الدموية، وهذه الحالات لا تنطبق على الدموع واللعاب. كما برهنت الدراسات على أنه لم يعثر على حالة إصابة عن طريق اللعاب والدموع بين الفئات الاجتماعية العادية، فهناك أشخاص يعيشون مع آخرين مصابين تحت سقف واحد إلا أنهم لم يتعرضوا للعدوى. والوقاية الوحيدة التي يجب أن يقوم بها الشخص هي تجنب اتصال هذه السوائل بالجروح، سواء كانت جروحا في الغشاء المخاطي أو جروحا جلدية. ويذكر أن الفيروس، بالنسبة إلى الرجل، يوجد في الإفرازات المنوية والبروستاتية التي تسبق القذف؛ أما عند النساء فيوجد في عنق الرحم. تطبيقيا، تكون العدوى نتيجة اتصال هذه الإفرازات بالأغشية المخاطية (الغشاء المخاطي للفم، أو الجهاز التناسلي أو الشرج)، إلا أن الفيروس لا يتخلل الجلد السليم. وتكون الاتصالات الجنسية المعدية نتيجة اختراق وإدخال غير محمي في المهبل والشرج أكثر منه في الفم بسبب الجروح والخدوش التي تحدث بهما... ونثير الانتباه إلى أن السيدا لا تنتقل عبر: القبلة، الهواء الذي نتنفسه، حوض السباحة، الاتصال بالجلد كالمصافحة، عطسة شخص مصاب، الرشاشات، الحمامات العامة والمراحيض، الأغطية والملابس، الأكل في نفس الصحون، في أماكن العمل والدراسة.. هل ينتقل فيروس السيدا إلى الحيوانات الأليفة؟ إن فيروس السيدا الارتجاعي يختار بعناية الأنواع، بحيث يصيب فقط الإنسان وقرد الشمبانزي، وحتى هذا الأخير يتحمل الإصابة ولا يتطور عليه المرض، لذا ليس هناك أي احتمال لانتقاله إلى الحيوانات الأليفة أو المنزلية كالقطط والكلاب والطيور... وبما أنه ينتمي إلى عائلة من الفيروسات غير القادرة على إصابة الخيول والأبقار والخرفان... فإنها بعيدة عنه ولا يصيبها بتاتا. كذلك عزل فيروس من نفس المجموعة عند القرد الأخضر الإفريقي، إلا أن هذا الفيروس يبقى نسبيا بعيدا عن فيروس الإنسان. النقط العشر المهمة في السيدا: 1 - السيدا مرض متنقل قليل المعاداة يسببه فيروس خاص HIV، هذا الفيروس كان مجهولا من قبل، إلى أن ظهر الوباء؛ 2 - ينتقل بالدم ومشتقات أخرى مستحضرة منه (وباتخاذ الإجراءات اللازمة نقصت طريقة الانتقال هذه)؛ 3 - ينتقل عبر الاتصالات الجنسية: فالأشخاص الجنسيون ورفقاؤهم الذين لا ينتمون إلى فئات معرضة للإصابة يجب أن يدركوا أن احتمال الإصابة عندهم عال جدا؛ 4 - في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوربا تنحصر الفئات المعرضة للإصابة في: اللوطيين، مدمني المخدرات الذين يستعملون الإبر، الناعوريين الذين تلقوا موادا دموية قبل قيام الجهات المسؤولة بالاحتياطات الوقائية اللازمة من مراقبة الدماء والمصول..، الرفقاء الجنسيين للفئات المعرضة للإصابة؛ 5 - مثل باقي الأمراض الجنسية، هناك وسائل عديدة تنقص من انتشار الفيروسات كاستعمال العازل وبعض السوائل المتوفرة في الصيدليات؛ 6 - بالنسبة إلى مدمني المخدرات: استعمال الحقن والتناوب عليها بين المصابين وغير المصابين يشكل عاملا كبيرا جدا للتعرض للإصابة؛ 7 - الشخص الذي يحتوي على الأجسام المضادة ضد الفيروس يعتبر شخصا مصابا بالفيروس حاملا له؛ 8 - الاتصالات العادية في الحياة الاجتماعية لا تشكل أي خطر للعدوى، فالشخص الحامل للفيروس يمكنه أن يزاول أعماله وأن يعيش حياة عادية؛ 9 - بالنسبة إلى الحياة الجنسية، يجب على الفرد أن يعمل ما في وسعه لتجنب الاتصالات الجنسية، سواء منها المثلية أو الغيرية، وأن يتجنب السوائل البيولوجية كالدم والمني...؛ 10 - عدة علاجات للسيدا مازالت قيد الدراسة إلى يومنا هذا ولم تثبت جدارة وفعالية، فالوقاية والإعلام هما المنفذان الوحيدان إلى الخلاص في انتظار لقاح أو دواء.