عجز العلماء والباحثون عن تحديد مصدر فيروس السيدا، واكتفوا بوضع مجموعة من الفرضيات التي لم تستطع بلوغ الحقيقة أو الإجابة عن السؤال، رغم كل المجهودات التي بذلت لإثباتها والتدليل عليها، إلا أن تاريخ ظهور المرض وكيفية اكتشاف الفيروس معروفان لدينا. وهكذا، بسبب موت بعض الشباب بالولايات المتحدةالأمريكية، وخاصة بولاية لوس أنجلس، ابتداء من سنة 1979، نتيجة لإصابتهم بأعراض سرطان الجلد المعروف ب»كابوزي» (وهو سرطان يكون مرتبطا عادة بفترة الشيخوخة لما يميزها من ضعف في القدرة الدفاعية للجسم)، وبسبب موت أشخاص آخرين - بالولايات المتحدة دائما- بنفس المرض وبأمراض أخرى لا توجد علاقة في ما بينها, منذ مطلع سنة 1981، قام العلماء بإجراء تحاليل على أجساد هؤلاء تبين منها عدم الاستجابة المناعية لديهم، حيث إن جهازهم المناعي كان متوقفا تماما عن أداء مهامه، فأطلقوا على هذه الحالة اسم «متلازمة العوز المناعي المكتسب»، وبقي هاجسهم إيجاد العامل المسبب لها. وفي هذا الصدد، تكون فريقان علميان للبحث عن العامل المسبب لفقدان المناعة، الأول بالولايات المتحدةالأمريكية، وبالضبط بمعهد البحث العلمي الأمريكي برئاسة البروفيسور روبير كالو، والثاني بفرنسا، وبالضبط بمعهد باستور الفرنسي برئاسة البروفيسور لوك مونتانيي، وتوصلا في مطلع سنة 1983، في نفس الوقت تقريبا ودون أي تنسيق بينهما، إلى نفس النتائج، حيث اكتشف الفريق الفرنسي فيروسا سماه ب«LAV»، في حين اكتشف الفريق الأمريكي فيروسا سماه ب«HTLV 3». ولأن الأمر كان يتعلق بنفس الفيروس، فقد اجتمعت المنظمة العالمية لتوحيد الأسماء العلمية في نهاية نفس السنة وأطلقت عليه اسم VIH بالفرنسية أو HIV بالإنجليزية. وتوالت الأبحاث بعد ذلك، فاكتشف في سنة 1985 المصل الذي يعمل على الكشف عن الفيروس في الدم، وفي سنة 1986 اكتشف العلماء دواء يعمل على منع تكاثر الفيروس أطلقوا عليه اسم AZT. تم عزل فيروس VIH المسبب لمرض السيدا في مجموعة من السوائل البشرية كالدموع والعرق واللعاب والبول... إلخ، لكنه لا ينتقل إلا من خلال: الدم، السائل المنوي عند الرجل، السائل المهبلي والإفرازات المهبلية عند المرأة وحليب الأم، ولذلك فإن فيروس VIH ينتقل من شخص مصاب إلى آخر سليم - وهو لا ينتقل إذا كان الشخصان سليمين معا- عبر ثلاثة طرق أساسية لا رابع لها هي: - العلاقات الجنسية غير المحمية.